* لأهمية الموضوع الذي يتحدث عنه كاتب محايد(أجنبي)، ليس له علاقة مباشرة بأطراف النزاع في حرب 2015م التي كان مسرحها العاصمة عدن، نعيد نشر ملخص هذا الكتاب في صفحات مجلة بريم، ذات الشأن المباشرة بمسرح عمليات تلك الحرب؛ نقلًا عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.
معلومات عن المؤلف:
- المؤلف: مايكل نايتس
- دار النشر: بروفايل بوكس ليمتد
- تاريخ النشر: يناير 2023
- عدد الصفحات 230
- يقع الكتاب في مقدمة و14 فصلًا
نبذة عن المؤلف
مايكل نايتس: زميل برنامج “جيل وجاي بيرنشتاين” في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ومتخصص بالشؤون العسكرية والأمنية لمنطقة الخليج العربي، وإيران، والعراق.
يُطلِع صُنَّاع السياسات في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا – بانتظام – على القضايا ذات الصلة بهذه المنطقة. حصل نايتس على شهادته الجامعية ودرجة الدكتوراه من قسم دراسات الحرب في جامعة كينجز كوليدج لندن.
الملخص التنفيذي
يستهل المؤلف الكتاب بوصف موجز لتاريخ اليمن وقادته وزعمائه، والصراعات الأهليَّة الكثيرة التي رزَح تحت وطأتها؛ ويُسلِّط الضوء على مدة رئاسة علي عبدالله صالح، وتحالفه مع الحوثيين.
يسرد الكتاب تفاصيل التمرُّد الذي قادته قوات الحوثيين وصالح ضد الرئيس عبدربه منصور هادي، الذي كان قد وُضِع قيد الإقامة الجبرية في مقر إقامته؛ وما آلت إليه أحواله في نهاية المطاف؛ إذ اضطرَّ إلى الفرار من صنعاء إلى عدن التي أصبحت العاصمة المؤقتة للبلاد.
يوضّح المؤلف موقف دولة الإمارات العربية المتحدة من اليمن؛ ويُسهِب في شرح المصالح الأمنية التي هدَّدها تقدُّم الحوثيين، ولا سيَّما بالنظر إلى الدور الإيراني في الصراع.
يَعرِض المؤلف الأسباب الكامنة وراء المقاومة الشرسة، التي أبدتها قوات المقاومة في الدفاع عن المدينة لصَدّ قوات الحوثيين وصالح؛ ويستطرد في شرح تفاصيل الدور الإماراتي في حرب اليمن، وحيثيَّاته.
يوضّح المؤلف أن السعي إلى منع وكلاء إيران من إيجاد موطئ قدم لهم في شبه الجزيرة العربية، رسَم الملامح الجوهرية للاستراتيجية الإماراتية في اليمن؛ إذ بدأت دولة الإمارات وشريكاتها من الدول الأخرى في التحالف تشُنّ غارات وضربات جوية تستهدف مواقع قوات الحوثيين وصالح في مدينة عدن والمناطق المجاورة لها.
يُبيِّن المؤلف كيف فشل هذا النهج بسبب الفوضى العارمة في صفوف قوات المقاومة في عدن، وافتقار عناصرها إلى التدريب العسكري؛ وقد تطلَّب هذا الوضع الدفع بفريق من قيادة العمليات الخاصة إلى المدينة؛ لكي تعمل عناصره جنبًا إلى جنب مع المواطنين المحليين المسلحين من أجل تأسيس قدرات دفاعية فعَّالة.
يصف المؤلف عمليات التخطيط، والمتطلبات اللوجستية، والتجارب والخبرات العسكرية المعقَّدة التي كان على القوات المسلحة الإماراتية تحمُّل أعبائها في العمليات بعدن عام 2015؛ وذلك اعتمادًا على لقاءات أجراها المؤلف مع أفراد القوات الذين كانوا منخرطين بصورة يومية في تفاصيل تلك العمليات.
يُسلِّط الكتاب الضوء على أهمية العمليات التي نُفِّذت في عدن بصفتها عمليات جديدة من نوعها؛ إذ كانت أول مرة تُنفّذ فيها دولة الإمارات، وشريكاتها من الدول العربية الأخرى، عملية تدخُّل خارجي من دون مساعدة أطراف أخرى؛ وذلك لتقديم الدعم والمساندة إلى حكومة إقليمية معترف بها دوليًّا.
يوضِّح المؤلف أن إعادة السيطرة على المطار في عدن كانت هدفًا محوريًّا للعملية؛ ولكنَّ تحقيقها تطلَّب من القوات المسلحة الإماراتية قيادة عملية الاقتحام بعد خمس محاولات فاشلة نفَّذتها قوات المقاومة. ويصف المؤلف معركة المطار السادسة والأخيرة أيضًا، كاشفًا عن حجم التضحيات المبذولة فيها، ومستوى الإقدام والشجاعة اللذَين تحلَّت بهما قوات حرس الرئاسة.
- المقدمة
يصِف المؤلف الكتاب بأنه سرد تاريخي يهدف إلى توثيق وحفظ تفاصيل معركة عدن التي جرت في عام 2015؛ إذ خاض فيها مقاتلو المقاومة اليمنية وقوات النخبة الإماراتية معارك ضد عدو قاسٍ وهمجي من أفراد قبائل الحوثيين الشماليين المدعومين من إيران.
يبين المؤلف غايته من سرد تفاصيل عملية تحرير عدن بناءً على شهادات المشاركين فيها، مشيرًا إلى أن التفاصيل المعروضة في الكتاب قائمة على معلومات دقيقة جرى التحقُّق من صحتها، وتهدف إلى إظهار كيف استطاعت قوات عربية منع إيران من السيطرة على رأس بحري في شبه الجزيرة العربية.
- الحرب تطل برأسها في عدن
يقدم المؤلف نبذة تاريخية عن اليمن وقادته، وعن النزاعات العديدة التي كان طرفًا فيها.
يستعرض المؤلف تاريخ علي عبدالله صالح وقيادته المضطربة للبلاد، وتحالفاته القبَلية، وتأجيجه للطائفية؛ ما أدى إلى سلسلة من الصراعات الأهلية وصولًا إلى هذه الحرب الأهلية الأكثر تدميرًا للبلاد.
- تحالف النقيضين: الحوثيون وصالح
يستعرض المؤلف تاريخ الحوثيين قبل توسيع علاقتهم مع صالح، وأوجه التشابه الواضحة بينهم وبين حزب الله اللبناني الذي يتعاونون معه تعاونًا وثيقًا.
تمكن مستشارو حزب الله والحرس الثوري الإيراني من إقناع الحوثيين بقدرتهم على استعادة سلطة الإمامة المفقودة؛ وفي سعي الحوثيين إلى تحقيق ذلك اعتمدوا على التحالفات، مثل تحالفهم مع علي عبدالله صالح، الذي أثبت فاعليَّته الفائقة.
ساعد مستشارو حزب الله والحرس الثوري الإيراني على تخطيط اجتياح سريع لجنوب اليمن وشرقه، تمامًا كما فعلوا في العاصمة صنعاء.
- أولى الطلقات
يسرد المؤلف الأحداث التي وقعت منذ فرار الرئيس هادي من مقر إقامته الجبرية، ومغادرته صنعاء إلى عدن.
أعلن هادي أن الانقلاب الحوثي غير شرعي؛ كما أعلن مدينةَ عدن عاصمةً مؤقتةً لليمن، في الوقت الذي غادرت فيه القوات الأمريكية قاعدة العَنَد الجوية بعدما علِمت بحدوث هجوم وشيك.
عندما اقتربت عدن من السقوط أجْلَت القواتُ الخاصة الإماراتية الرئيس هادي بحرًا؛ فنقلته من عهدة حراس القنصلية الإماراتية في عدن إلى المكلا، ومنها إلى سلطنة عُمان، ثم إلى الرياض.
- الجنوب يقاوم
يستعرض المؤلف عزيمة الجنوبيين وقدرتهم على الصمود، اللتَين كانتا سببًا في حدوث الانتكاسة الأولى لقوات الحوثيين وصالح في عدن.
بعد سقوط صنعاء في أيدي الحوثيين أُسّس مجلس مقاومة في اليمن، وفرَض على نفسه عددًا من القواعد التي تهدف إلى الحصول على دعم دول الخليج العربية، ومنها إلزام أعضاء مجلس المقاومة التخلي رسميًّا عن أي صلة تربطهم بالتجمُّع اليمني للإصلاح.
الإمارات تـرسم خطوطًا حُمرًا
في 25 مارس 2015 بدأت عملية عاصفة الحزم بحملة جوية واسعة النطاق بادرت بها المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وأعضاء التحالف بمشاركة أمريكية محدودة تمثَّلت في الدعم بإعادة التزويد بالوقود.
في الوقت الذي انصبَّ فيه اهتمام المراقبين على العمليات الجوية الواسعة، وجَّه [صاحب السمو الشيخ] محمد بن زايد قادته للاستعداد من أجل إرسال قوات خاصة إلى عدن؛ لتعبئة مقاتلي القبائل المحليين، ودعمهم.
يستعرض المؤلف حجم التدريب الذي استثمرته دولة الإمارات في قواتها، حتى أطلق المسؤولون في الجيش الأمريكي على القوات المسلحة الإماراتية لقب “إسبـرطة الصغـيـرة”؛ في إشادةٍ تعكس القوة المؤثرة لدولة الإمارات التي يمكنها تحقيق النصـر في ساحة المعركة برغم صِغَر حجمها.
القوة الجوية وحدها لا تكفي
يستعرض المؤلف الحرب النفسية التي استخدمها الحوثيون في عدن بناءً على نصيحة حزب الله اللبناني، وكان لها تأثير كبير في شمال اليمن.
اندلع قتال طاحن بين الطرفين لأسابيع عدَّة، حاول فيها كلٌّ منهما طوال أسبوع أو أكثر السيطرة على شارع أو مبنًى، أو استعادة أحدهما. وبرغم أن المقاومة العدنية أُسنِدت بضربات جوية نفذها التحالف، فإنه كان واضحًا للشيخ محمد بن زايد أن القوة الجوية وحدها لن تكون كافية لإنقاذ عدن.
تقدمت قوات الحوثيين وصالح عبر الطريق السريعة الساحلية التي تربط أبين بعدن، ثم عبَرت المناطق الحضرية التي تُشكل أجزاءً من مدينة عدن؛ وبذلك أصبح تحديد موقعها واستهدافها صعبًا خشية المخاطرة بأي خسائر في صفوف المدنيين.
جنود على الأرض
استعدَّت دولة الإمارات لنشر جنودها في عدن لدعم المقاومة المحلية، وضمان التفوق الجوي؛ ما تطلَّب منها تخطيطًا على نطاق لم يسبق لها أن أجرته من قبل.
كانت دولة الإمارات كذلك ملتزمة دعمَها للولايات المتحدة في حملتها الرامية إلى القضاء على تنظيم داعش؛ ومن ثَمَّ كانت تشارك في ثلاثة أنشطة عسكرية بثلاثة أماكن مختلفة في آن معًا.
اجتمع في جيبوتي فريقُ نخبة تابع لقيادة العمليات الخاصة بقيادة المقدم “سالم د.”؛ وقُرّر في 13 إبريل أن تنفذ طائرات “شينوك” تابعة لسلاح الجو الإماراتي عملية إنزال جوي في البحر.
كان عبدالله واثقًا بأن فريقه سيتمكَّن – فور وصوله إلى منزل آمن – من تنسيق ضربات جوية تقضي على خطر تقدُّم قوات الحوثيين وصالح؛ ولكنَّ المقاومة في عدن لم تكن مقتنعة بذلك، وأرادت التحرك.
تمكَّن فريق مسيطري الهجوم النهائي المشترك من القضاء على هذا التقدم في غضون ساعات قليلة؛ وذلك بالتنسيق مع المقاتلات الإماراتية والسعودية، والمقاتلين اليمنيين على خط الجبهة.
أُعطي سالم الضوء الأخضر لتعزيز فريقه بتسعة أعضاء آخرين، وتوجَّه للإشراف على التنسيق مع المقاومة.
ادفعوا بالفرسان إلى الميدان
يورِد المؤلف تفاصيل زيادة حجم القوة الإماراتية بهدف تأمين عدن، واستخدامها قاعدةً مستقرةً يمكن فيها إعادة تأسيس حكومة هادي الموجودة في المنفى.
كان المطار حيويًّا جدًّا لتحقيق هذا الهدف؛ فأعدَّت دولة الإمارات خططًا لتنفيذ عملية برمائية يُدفَع فيها بمجموعة إماراتية مقاتلة ضخمة مع آلياتها للسيطرة عليه؛ ولكنَّ أعضاء التحالف أبدوا تحفُّظًا إزاء تلك الخطة، وشجَّعت الولايات المتحدة دولة الإمارات على تأجيلها؛ وبدلَ ذلك طُلب من المقاومة قيادة الهجوم بإسناد جوي ينسقه فريق العمليات الخاصة.
يشرح المؤلف كيف أحدثت خطة الهجوم المُنسَّقة بعناية، التي وضعها سالم لمعركة المطار الأولى، أثرًا مدمرًا؛ ولكنَّ مقاتلي المقاومة لم يحضروا.
أمرت القيادة العسكرية الإماراتية بزجّ 21 جنديًّا آخرين من فريق مسيطري الهجوم النهائي المشترك، وكتيبة الفرسان في المعركة؛ ووصل الفريق إلى الشاطئ محملًا بذخيرة تكفي جيشًا صغيرًا للتعويض عن خطة الإنزال البرمائي التي أُوقِفت.
كان مقررًا أن يبدأ الهجوم الثاني على المطار في ليلة 3 مايو، بعد أيام قليلة من إنزال الفرسان إلى الأرض؛ ولكنْ كان من الصعوبة بمكان تدريب وتنظيم المقاومة اليمنية، التي كانت مدنيَّة القوام بالكامل تقريبًا؛ ما أفضى إلى فشل ذلك الهجوم أيضًا.
سقوط التواهي
يصِف المؤلف قتال الشوارع الضاري بين قوات المقاومة، وقوات الحوثيين وصالح في صيرة؛ وهي إحدى مديريات محافظة عدن.
بحلول نهاية إبريل كان المدنيون يفرّون إلى الغرب نحو آخر خط دفاعي في مديرية التواهي؛ حتى أصبحت هذه البقعة الصغيرة الواقعة عند لسان البحر مكتظة باللاجئين.
أرسلت دولة الإمارات أسلحة تحت جنح الليل؛ ولكنْ عندما قتَل القنَّاصة الحوثيون أحد أبرز قادة المقاومة انتشرت شائعات الخيانة، وعمَّ الذعر؛ فبدأت قوات الحوثي وصالح تفرض سطوتها على التواهي.
انهار خط المواجهة في نهاية المطاف، مع أن مسيطري الهجوم النهائي المشترك الإماراتيين حاولوا إيقاف تقدم قوات العدو باستهداف مواقعَ قريبة من مقاتلي المقاومة بنيران المدفعية البحرية.
استعادة التوازن
يبين المؤلف أن فشل الهجوم الثاني على المطار وسقوط التواهي قد تسبَّبا بنشر التوتر بين فصائل المقاومة، حتى إن المقاتلين المدنيين، الذين لا يعرفون الخطط العسكرية معرفة حقيقية، بدأوا يوجهون انتقادات إلى رجال الصاعقة الإماراتيين.
خشِي فريق القوات الخاصة الإماراتي أن يُوشى به؛ ما قد يُفضي إلى دخول دولة الإمارات في مفاوضات مهينة؛ ولذا أعطته الدولة 30 ألف دولار حتى يكون قادرًا على تأمين خروجه إن اضطر إلى ذلك.
في 6 مايو انسحب سالم وفريقه مؤقتًا إلى سفينة القيادة “القويسات”، التي كان يجري فيها تنسيق القوة الجوية، ونيران المدافع البحرية، وعمليات الطائرات المسيَّرة “السابر”؛ وأصبحت السفينة كذلك مركزًا لتوزيع الأسلحة والذخيرة والأدوية والأموال على المقاومة. كما كان على دولة الإمارات في الوقت نفسه تخفيف وتيرة الأزمة الإنسانية المتصاعدة؛ فكانت تنقل المساعدات ذهابًا وإيابًا بين عدن وعصب، وتستقبل المصابين من مقاتلي المقاومة والمدنيين على متن سفنها.
دفعت الإمارات بطبيبة تابعة لسلاح الخدمات الطبية العسكري الإماراتي تدعى “عائشة د.”؛ للعمل مع موظفي الصحة والكهرباء العدنيين على تقصي الاحتياجات المحلية، وإعادة بناء القدرات الطبية اللازمة.
حرب استنزاف
عمِلت دولة الإمارات على تعزيز قواتها في عدن؛ لتتمكَّن من قيادة عملية الهجوم على المطار، واستعادته من الحوثيين؛ فازداد عدد عناصر الفريق من 36 إلى نحو 80 جنديًّا إماراتيًّا في ساحة المعركة.
أسَّسَتْ قوات من كتيبة الفرسان، وبعض وحدات القوات البرية، القاعدة العسكرية في عدن الصغرى، حتى وصلت إلى القوة الكافية اللازمة لدعم عملية تحرير مطار عدن. تلا ذلك شهرٌ تخلله نزال حامي الوطيس، تصارعت فيه القوات الإماراتية والحوثيون، واستُخدِمت فيه قوة نارية ثقيلة. شمِل ذلك استخدامًا أوسع لـ”النيران المشتركة”، التي تُجمَع فيها كل أنواع الإسناد الناري في جهد مُدَبّر ومدروس لدعم العمليات الفاصلة، التي تهدف إلى بسط السيطرة على الأرض، إضافة إلى استغلال أكبر قدْر ممكن من قدرات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع.
اضطلعت الطائرة المسيَّرة “السابر”، الإماراتية الصنع، بدور بالغ الأهمية في هذه الجهود، وكانت تُشغَّل من سفينة “القويسات”؛ ولكنْ حين استُهدِفت الأخيرة بنيران الصواريخ أصدر الشيخ محمد بن زايد أوامر بتشغيل الطائرة من البر، ووجَّه بأن تُبحِر السفينة قريبًا من الشاطئ حتى يخرج الحوثيون، ويكشفوا عن مواقعهم للقوات الجوية الإماراتية.
بدأت دولة الإمارات تُعطّل شبكات القيادة والتحكُّم، وخطوط إمداد قوات الحوثيين؛ وأرسلت في 1 يونيو مدفع هاوتزر “جي-6” لتوفير الإسناد الناري الأرضي للقوات الإماراتية والمقاومة، ثم أرسلت مدفعًا آخر بعد ذلك بمدَّة وجيزة لدعم المدفع الأول.
استمر إطلاق نيران عشوائية على الحوثيين على مدار الساعة؛ لحرمانهم النومَ، وإنهاك قواهم. وبالتزامن مع ذلك بدأ الفرسان ينفذون هجمات عنيفة باستخدام دوريات قتال تعرضية سرية تهدف إلى إنهاك الحوثيين، والتفوق عليهم على الأرض.
بعدما باءت الهجمات الثالثة والرابعة والخامسة على المطار بالفشل، اقتنعت القيادة الإماراتية بضرورة تعزيز التدخل الإماراتي؛ إذ كان العنصر الزمني مهمًّا، ولا سيَّما بعدما بدأ الضغط الدولي يتصاعد للتحاور مع الحوثيين.
الخروج من المأزق
في ليلة 22 يونيو اجتمع قادة العمليات في فيلا الشيخ محمد بن زايد، الذي أراد أن يسمع “حقيقة الوضع الميداني” في ساحة المعركة؛ وقد أظهر الشيخ محمد خصال القائد العظيمة، وفَهْمه الواسع للتفاصيل العسكرية.
أعطى الشيخ محمد شارة البدء لنشر مركبات “أوشكوش” المضادة للكمائن والألغام؛ وكان شرطه الوحيد هو تحرير عدن قبل حلول العيد؛ أي في غضون 25 يومًا.
كان نقل 130 مركبة مدرعة ومضادة للكمائن والألغام تحديًا كبيرًا؛ ما أظهر تفوق القوتين الجوية والبحرية الإماراتيتين في الأوضاع الصعبة.
في غضون 19 يومًا من إصدار أمر الإرسال حُملت مركبات “أوشكوش” لمسافة 1,800 كيلومتر جوًّا، وقطَعت 290 كيلومترًا بحرًا، ثم أُنزِلت إلى اليابسة من دون أن يعلم العدو بها.
معركة المطار السادسة
ضمَّت “المحاور” العديدة في الهجوم السادس على المطار جنودًا إماراتيين وصل عددهم إلى 94 فردًا، إضافة إلى 188 آخرين يؤدون أدوارًا مساندة، وما لا يقل عن 600 من مقاتلي المقاومة.
أُطلِق هجوم تمويهيّ في محافظة عمران يومي 12 و13 يوليو لتشتيت تركيز الحوثيين بعيدًا عن المطار؛ وأسهم الهجوم في منْح مقاتلي المقاومة نصرًا حاسمًا؛ إذ تقدَّموا نحو المنطقة 35 كيلومترًا، وقتلوا 28 حوثيًّا، واغتنموا كثيرًا من أسلحتهم الثقيلة.
بدأ هجوم المطار في الساعة العاشرة من صباح يوم 14 يوليو، ودكَّ الإسنادُ الجوي المنطقةَ بقنابل تزن 2,000 رطل، ثم شقَّ رتل المحور الرئيسي بقيادة المقدم “محمد ك.” طريقه إلى مدرج المطار.
أطلق المحور الشمالي(المحور الثالث) هجمات على معاقل الحوثيين شمال المطار، ودُمِّرت خمس مركبات “أوشكوش”؛ ما هدَّد بتقويض العملية كلها إذا وجد الحوثيون ثغرة في الشمال الشرقي.
وضع “سالم د.”، قائد المحور الرابع، رتله على نحو يوفر درعًا لمقتربات المطار الشرقية والشمالية (نقاط الدخول)، وكان ذلك أحد أكثر تفاصيل معركة عدن إلهامًا؛ كما اندلع فيه بعض أشد الأعمال القتالية ضراوة في المهمة كلها.
تكشَّف الجزء الأخير من الهجوم بتأمين المحور السابع – بقيادة الملازم “خليفة م.”- الطرفَ الشرقي لمدرج المطار. وبحلول الساعة الثانية عشرة ظهرًا أُحكِمت السيطرة على المطار من جميع الجهات، وتدفَّق مقاتلو المقاومة إلى مبنى المطار، وبرج مراقبة الحركة الجوية.
غادر اليمنيون للاحتفال، ولم يبقَ لحماية خط الجبهة الجديد ذي الكيلومترات السبعة سوى 70 إماراتيًّا متعبًا ظلُّوا، طوال الليل واليوم التالي، يصدُّون الغارات الحوثية الآتية من البحر.
سقَط أول شهيدين إماراتيين في يومي 15 و16 يوليو؛ إذ إن الملازم عبدالعزيز سرحان صالح الكعبي، الذي كان في قوة الاحتياط ولكنه توسَّل ليشارك ضمن قوة الهجوم الرئيسي، استُشهِد في أثناء إصلاح مركبته المدرعة “أوشكوش”؛ واستُشهِد الرقيب سيف يوسف أحمد الفلاسي في أثناء الدفاع عن موقع رمي صواريخ موجَّهة مضادة للدبابات.
عمليات المطاردة والاستقرار
تشجَّعت المقاومة بالنصر الذي تحقق في المطار، واستأصلَتْ شأفةَ القناصة الحوثيين بدعم إماراتي شمِل استطلاعًا نفَّذته الطائرات المسيَّرة، وإسنادًا ناريًّا، وإعادة تزويد بالعتاد والسلاح.
كان المعقل الأخير للحوثيين هو قصر المعاشيق، وكان من بين المقاتلين الهزيلين الباقين فيه، الذين تخلَّى عنهم زعماؤهم، صبيانٌ تتراوح أعمارهم بين 12 و15 عامًا، اشتراهم الحوثيون من عائلاتهم بثمن يقل عن خمسة دولارات أمريكية.
واصلت القوات الإماراتية العمل على تحرير قاعدة “العَنَد” في 4 أغسطس، وفتحت جبهات ضد قواعد الحوثيين في زنجبار، وجعار، ولودر. واصلت القوات اليمنية التقدُّم لمسافة 150 كيلومترًا، تدعمها من بُعد الطائرات المسيَّرة “السابر”، والقوة الجوية الإماراتية، ومروحيَّات “أباتشي”؛ وفي اتجاه الغرب تقدَّمت القوات الإماراتية واليمنية لمسافة 40 كيلومترًا أخرى شمالًا.
سعت الإمارات إلى استعادة الأمن والخدمات الأساسية في عدن بتطوير قوات الأمن والشرطة، وتوفير الدعم الإنساني، وإعادة تأهيل البنية التحتية.
صار التهديد المتمثل في تنظيم القاعدة أولويَّة قصوى أيضًا، وكان العمل جاريًا لإعداد عملية مكمِّلة لمعركة عدن، وإن كانت تستهدف في هذه المرة قوات القاعدة في جهة الشرق.
المصدر:
نقلا عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية