الملخص: يهدف هذا البحث على تحليل مفهوم الهجرة وأشكالها المختلفة وكذلك مشروعيتها، مع التركيز بشكل خاص على الهجرة غير الشرعية. كما يسعى إلى استعراض النظريات التي تحاول تفسير أسباب ودوافع الهجرة، محاولا فهم أعمق لظاهرة الهجرة الدولية، ودور العوامل المختلفة في تشكيلها، وآثارها على الأفراد والمجتمعات والدول.
الكلمات المفاتيح: الهجرة الدولية” البعد القانوني للهجرة” نظريات الهجرة”
Summary:
This research aims to analyze the concept of immigration, its various forms, as well as its legitimacy, with a special focus on illegal immigration. It also seeks to review theories that attempt to explain the causes and motives of migration, trying to understand more deeply the phenomenon of international migration, the role of various factors in shaping it, and its effects on individuals, societies and countries.
Keywords: international migration, the legal dimension of migration, migration theories,
مقدمة:
تعد الهجرة الدولية واحدة من أبرز الظواهر العالمية المعاصرة، حيث يتحرك ملايين الأشخاص سنويًا من بلدانهم الأصلية إلى بلدان أخرى بحثًا عن فرص أفضل للحياة. هذه الظاهرة المعقدة تتأثر بمجموعة واسعة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتثير العديد من الأسئلة حول هوية الفرد، ومفهوم الوطن، وحقوق الإنسان، والعلاقات الدولية.
وطالما كانت ظاهرة الهجرة محط اهتمام الباحثين في مختلف التخصصات كالجغرافيا والاقتصاد وعلم الاجتماع، إذ طرحت تحديات معقدة على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية للدول المستقبلة والمصدرة على حد سواء. وفقًا لمنظمة الأمم المتحدة، فإن عدد المهاجرين في العالم تجاوز 272 مليون شخص في عام 2019، مما يسلط الضوء على أهمية هذه الظاهرة وتأثيرها المتزايد على المجتمع الدولي.
رغم أهمية المحددات المختلفة في تفسير تدفقات الهجرة، تلعب العوامل الاقتصادية دورًا محوريًا على المستويات العالمية والإقليمية والوطنية والمحلية، حيث تشكل محركًا رئيسيًا لهذه الظاهرة الإنسانية المعقدة. تتجلى أهمية العوامل الاقتصادية في الفروق الكبيرة في الدخل بين الدول، وفرص العمل المتاحة، ومعدلات النمو الاقتصادي. فالسعي لتحسين المستوى المعيشي والحصول على فرص أفضل يمثل دافعًا قويًا للعديد من المهاجرين، خاصة من الدول النامية إلى الدول المتقدمة.
يهدف هذا البحث إلى تحليل مفهوم الهجرة وأشكالها المتعددة، وسيتم التركيز على الهجرة غير المشروعة بوصفها من قضايا العصر الشائكة، والنظريات التي تسعى إلى دراسة هذه الظاهرة (الهجرة) بشكل عام بصورة فلسفية، وسنعتمد في هذا التحليل على منهجية تتضمن ثلاثة مباحث رئيسية: المبحث الأول سيتناول مفهوم الهجرة بشكل عميق، متطرقين إلى المفاهيم المرتبطة بها. والمبحث الثاني: سيتناول الهجرة الشرعية وغير الشرعية، المفهوم والدوافع والإطار القانوني لها. أما المبحث الثالث، فسيكون مخصصًا لاستعراض أهم النظريات التي تحاول تفسير ظاهرة الهجرة وأسبابها.
المبحث الأول:
مفهوم الهجرة
اكتسبت ظاهرة الهجرة السكانية أهمية بالغة في الدراسات الاجتماعية، وذلك لما تسببه من تأثيرات عميقة على حياة الملايين من البشر. ولقد حظيت هذه الظاهرة باهتمام واسع من الباحثين الذين سعوا إلى دراسة أوضاع المهاجرين الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، وتأثير الهجرة على المجتمعات المستقبلة والمصدرة. إن تنامي المشكلات التي يواجهها المهاجرون، سواء داخل بلدانهم الأصلية أو خارجها، يعكس بوضوح الحاجة الملحة لفهم هذه الظاهرة المعقدة وتداعياتها.
أولا: الهجرة: لغة واصطلاحا:
الهجرة لغة:
اشتق لفظ الهجرة من فعل هجر أي تباعد وكلمة هاجر تعني ترك وطنه وانتقل من مكان إلى غيره، فجاء في لسان العرب أن الهجر ضد الوصل(هجرت الشيء هجرا أي تركته وأغفلته)، والهجرة هي النزوح من أرض إلى أرض. وأصل المهاجرة عند العرب خروج البدوي من باديته إلى المدن [1]. فلم يكن قديما يعرفون الأوطان بالحدود السياسية المعروفة لدينا اليوم، إلا أن ذلك لم يكن يعني عدم وجود مفهوم للوطن فقد كان هذا الأخير يعني عندهم محل الإنسان أو المكان الذي استوطن فيه مع عشيرته. ويهاجر، مهاجرة، هجرة وتعني الشخص أو الأشخاص الذين يقدمون إلى بلد أجنبي بقصد اتخاذها مقرا دائما ([2]).
فمصطلح الهجرة في اللغة العربية يقابل مصطلحات ثلاثة مجتمعة في اللغة الإنجليزية، فهناك مصطلح Migration الذي يشير إلى عملية الانتقال، أو الحركة المستهدفة للهجرة في حين يشير مصطلح emigration إلى هذه الحركة في علاقتها بالوطن الأصلي، أي أنه يشير إلى حركة الهجرة المغادرة، أي النقلة إلى الخارج، فكأنه يشير إلى الحركة في علاقتها بموطن الإرسال، أما مصطلح immigration فإنه يشير إلى دخول المهاجرين، وإقامتهم بالفعل في موطن الاستقبال. ([3]) فالهجرة في اللغة تعني (الترك والمغادرة) ويقال. هجر الشيء إذا تركه ويعطي قاموس ويبتسر الجديد ثلاثة معاني للفعل (هاجر) Migrate هي:
– الانتقال من مكان إلى آخر وبخاصة من دولة أو إقليم أو محل سكن أو إقامة إلى مكان آخر بغرض الإقامة فيه.
– الانتقال بصفة دورية من إقليم أو مناخ آخر.
– ينتقل أو يجول To Transfer.
وقد ورد مفهوم الهجرة في العديد من المعاجم، فقد جاء في معجم المصطلحات الجغرافية مشيرًا إلى انتقال الأفراد من مكان إلى آخر للاستقرار فيه بصفة دائمة أو مؤقتة، كما ورد في المعجم الديمغرافي الصادر عن قسم الشئون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة تعريفها بأنها عملية الانتقال من الموطن الأصلي إلى موطن جديد، فيتبع ذلك تبدل في محل الإقامة، فيصبح المنتقل مقيميا في الموطن الجديد([4]).
الهجرة: اصطلاحا:
تتعدد وتتباين تعاريف الهجرة ومفاهيمها نظرا لكونها تدرس من زوايا مختلفة تاريخية واقتصادية واجتماعية وجغرافية. وتبعا لذلك تختلف نظرة المختصين إلى الظاهرة تبعا لاختلاف مشاربهم ودرجة تركيزهم على جانب معين من جوانبها.
وتُعرّف الهجرة بأنها “انتقال السكان من وحدة إدارية إلى وحدة إدارة أخرى. أو هي أن يترك شخص أو جماعة مكان إقامتهم لينتقلوا إلى العيش في مكان آخر وذلك في نية البقاء في المكان الجديد لفترة طويلة أطول من كونها زيارة أو سفر([5])، أو أنها عملية انتقال الفرد من منطقة معينة تسمى المكان الأصلي إلى منطقة أخرى تسمى مكان الوصول بشرط أن تشمل عملية الانتقال على اجتياز الحدود الإدارية بين المنطقتين وعلى الإقامة في المكان الذي انتقل إليه الفرد لفترة معينة([6]). وعرفه بعضهم “الفعل الذي يتم بمقتضاه تغيير في مكان الإنسان من موطنه إلى مكان آخر قادرا على الحصول فيه على العمل والوظائف التي قد لا يستطيع القيام بها في مكانه الأصلي لأسباب: مثل قلة الأجور التي يسعى ذلك الإنسان إلى تحسينها بغية التغلب على قسوة المعيشة وصعوبة الأمر الذي يدفعه للهجرة إلى مكان آخر”.
كما عرفت الهجرة بأنها انتقال الأفراد بصورة دائمة أو مؤقتة إلى الأماكن التي تتوفر فيها سبل العيش، وقد تكون داخل البلد أو خارجه، وتتم هذه الهجرة بإرادة المهاجر أو بغير إرادته([7])
والهجرة السكانية هي انتقال أو ترحال الناس من موطنهم إلى موطن جديد والإقامة فيه، وتكون تلك الهجرة بسبب ظروف وعوامل طبيعية وإنسانية أقوى من قدرة السكان على مواجهتها والتقلب عليها[8] وقد استعمل لفظ هجرة في العلوم الاجتماعية للدلالة على تحركات الأفراد أو الجماعات جغرافيا، وقد حاولت الهيئة الدولية للهجرة وضع تعاريف دقيقة لهذه الأنواع المختلفة من التحركات الجغرافية للإنسان حتى تتمكن المقارنة الإحصائية بين الهجرة إلى الداخل والهجرة إلى الخارج، وقد أوصت هيئة العمل الدولية على أن تشمل الهجرة الدائمة انتقال الفرد من دولة إلى أخرى ليقيم بها مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن عام للقيام بمهمة ما([9])
والهجرة هي “شكل من أشكال انتقال السكان من أرض تدعي المكان الأصلي أو مكان المغادرة إلي أخرى تدعي مكان الوصول أو المكان المقصود ويتبع ذلك تغير في محل الإقامة”([10])
وهناك تعريف آخر يقول: إن الهجرة هي تغيير مكان الإقامة الاعتيادي إلى مكان آخر جديد فهي تعني التغير في المحيط إلى جانب التغير في وحدة السكن. وهي بهذا المعنى ظاهرة يمارسها الأفراد والجماعات إلا أنه مع تزايدها وما تتركه من آثار سلبية لكلا منطقتي الأصل والوصول تصبح هذه الحركة والظاهرة مشكلة تجابهها المجتمعات والحكومات لما يترتب عليها من آثار أو نتائج اقتصادية واجتماعية وديمغرافية([11])
وتعرف في قاموس الجغرافيا* بأنها: “انتقال الإنسان من مكان يدعى المكان الأصلي أو مكان المغادرة إلى آخر يدعى المكان المقصود أو مكان الوصول بشرط أن يتجاوز الانتقال حدودا إدارية أو سياسية. والهجرة هي التغير الدائم أو شبه الدائم لمكان الإقامة بغض النظر عن المسافة المقطوعة مؤثرة بذلك على عدد السكان شأنها شأن حركة السكان الطبيعية. والمهاجر هو الشخص الذي يغير مقر سكناه المعتاد لفترة زمنية معقولة عابرا حدودا إدارية داخل الدولة الواحدة أو سياسية من دولة إلى أخرى.”([12])
وتعرف الهجرة في الشرع على أنها الانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام. وهي واجبة على كل من لا يستطيع أن يأمن على نفسه أو ماله ولا يستطيع أن يقيم فيها شعائر الإسلام والدعوة إليه. إذ ورد اللفظ في عدة مواطن من القرآن الكريم، نحو قوله تعالى: “ومن يهاجر في سبيل االله يجد في الأرض مراغما كثيرة وسعة”([13]).
كما أوحى االله عز وجل إلى رسوله الكريم بالهجرة من مكة إلى المدينة وأمره بالهجرة بعيدا عن سلطان الظلم والطغيان في قوله تعالى:” قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض االله واسعة فتهاجروا فيها” ([14])
يعرف فقهاء القانون الدولي: الهجرة بأنها “مغادرة الفرد لإقليم دولته نهائيا إلى إقليم دولة أخرى. ومن هذا التعريف نجد أن فقه القانون الدولي قد اعتد بنية المهاجر. وعلى ذلك فإذا ترك الإقليم ونيته العودة إليه بعد أي مدة كانت طويلة أو قصيرة فلا يعد ذلك من وجهة نظر الفقه هجرة، وهناك تعريفًا آخر يرى بأنها انتقال الأفراد من دولة لأخرى للإقامة الدائمة على أن يتم اتخاذ الموطن[15] الجديد مقرًا للإقامة.
ويعد التعريف الإحصائي للهجرة أن كل حركة من خلال الحدود الدولية ماعدا الحركات السياحية تدخل ضمن إحصائيات الهجرة، فإذا كانت هذه الحركة لمدة سنة فأكثر تحسب هجرة دائمة، وإن كانت أقل من سنة تُعدُّ هجرة مؤقتة.
وتعرف الهجرة حسب تعريف قسم السكان بهيئة الأمم المتحدة بأنها ظاهرة جغرافية يعني بها الانتقال للسكان من منطقة جغرافية إلى أخرى، وبالتالي ينتج عن ذلك تغير مكان الاستقرار الاعتيادي للفرد، أي تغير هذا المكان عبر الوحدات الجغرافية ذات الحدود الدولية الواضحة وتعرف الهجرة بأنها التحرك تحت ظروف أساسية، ورئيسة تتيح للأفراد، والجماعات تحقيق قدر من التوازن، أو الاستمرار في الوجود عن طريق إشباع الحاجات الإنسانية المختلفة البيولوجية، والاجتماعية، والسيكولوجية، والثقافية، والسياسية، وغيرها، وباختصار فإنها عملية لإعادة التوازن للنسق الاجتماعي، والثقافي([16]).
والهجرة السكانية هي انتقال أو ترحال الناس من بلدهم أو موطنهم إلى بلد آخر أو منطقة أخرى، وتحدث الهجرة عادة بسبب كوارث طبيعية أو حروب أو تهجير من قوى غازية أو طلبا للعمل والتمتع بمستوى معاشي أفضل، وعرفت الهجرة السكانية بأنها التغير الدائم لمكان الإقامة من بيئة إلى بيئة أخرى بقصد الاستقرار في البيئة الجديدة[17] وقد استعمل لفظ هجرة في العلوم الاجتماعية للدلالة على تحركات جغرافية لأفراد أو جماعات، وقد حاولت الهيئة الدولية للهجرة وضع تعاريف دقيقة لهذه الأنواع المختلفة حتى تمكن المقارنة الإحصائية بين الهجرة إلى الداخل والهجرة إلى الخارج، وقد أوصت هيئة العمل الدولية على أن تشمل الهجرة الدائمة انتقال الفرد من دولة إلى أخرى ليقيم بها مدة تزيد عن شهر وتقل عن عام للقيام بمهمة أو شغل أو وظيفة ([18])
كما عرفت الهجرة بأنها انتقال الأفراد بصورة دائمة أو مؤقتة إلى الأماكن التي تتوفر فيها سبل العيش، وقد تكون هذه الأماكن داخل حدود البلد او خارجه، وتتم الهجرة بإرادة الفرد أو الجماعة أو بغير إرادتهم([19])
ثانيا: الهجرة أسبابها وآثارها
وتعد الهجرة أحد أهم الظواهر التي ارتبطت بدايتها الأولى بوجود الإنسان على الأرض، وقد ساعدت الهجرات الأولى على انتشار الجنس البشري في أرجاء الأرض، ومن خلال هذا الانتشار تشكلت المجتمعات والثقافات الإنسانية المختلفة، لذا كانت الهجرة وما زالت مجالا خصبا للدراسات الإنسانية المختلفة التي تستدعي اهتمام الباحث في مجال العلوم الإنسانية ولا سيما علمي الأنثروبولوجيا والاجتماع، لما يرافقهما من انعكاسات ومشكلات مختلفة تترك آثارها في المهاجرين وفي مجتمعاتهم الأصلية والمجتمعات التي هاجروا إليها، فمنذ وجود الإنسان على الأرض كان على ترحال دائم معتمدا على وسائل أولية وبدائية للعيش، فاعتمد في بداية حياته على جمع الثمار ثم انتقل باحثا عن الحيوان لصيده وقنصه والانتفاع منه ثم تدجينه، وفي المجتمع الزراعي اقترن الاستقرار بتوافر مقومات ذلك الاستقرار وهي الأرض الخصبة الصالحة للاستزراع ومصادر المياه من انهار وينابيع للقيام بالأعمال الزراعية، وبما ان الإنسان كان على صراع دائم مع بيئته فكان عليه أن ينتقل من مكان إلى آخر بحثا عن متطلبات الحياة والعيش، كتلك الهجرات التي خرجت من شبه الجزيرة العربية إلى العراق وبلاد الشام وشمال أفريقيا، أو هجرات القبائل الجرمانية بين القرنين الرابع والسادس في منطقة بحر البلطيق شمالا بحثا عن الأرضي الزراعية.
- أسباب الهجرة
وقد تمت تلك الهجرات كلها بفعل قوة العوامل الطاردة المتمثلة في قسوة الطبيعة وضراوة الجماعات المعادية، وعدم قدرة الإنسان على التكيف مع الواقع وتطويع الحياة المادية والبشرية لصالحه، والملاحظ أن هذه الهجرات البدائية كانت تتم بصورة جماعية لا فردية، إذ كانت تقوم بها جماعات كبيرة أو شعوب وقبائل بأكملها كحركات جماعات الصيد والقنص أو تلك الجماعات التي تعيش على الزراعة ([20])
ويعتقد العلامة ابن خلدون بأن هنالك أسبابا متعددة للهجرة فيقول ((قال صلى الله عليه وسلم)) في حديث سعد بن أبي وقاص عند مرضه بمكة ((اللهم امض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم)) ومعناه أن يوفقهم لملازمة المدينة وعدم التحول عنها فلا يرجعون عن هجرتهم التي ابتدئوا بها وهو من باب الرجوع على العقب في السعي إلى وجه من الوجوه وقيل إن ذلك كان خاصا بما قبل الفتح حين كانت الحاجة داعية إلى الهجرة لقلة المسلمين وأما بعد الفتح وحين كثر المسلمون واعتزوا وتكفل الله لنبيه بالعصمة من الناس فإن الهجرة ساقطة حينئذ لقوله صلى الله عليه وسلم ((لا هجرة بعد الفتح والكل مجموعون على أنها بعد الوفاة ساقطة)) وهنا يتحدث ابن خلدون عن السبب الديني الذي دفع المسلمين إلى الهجرة مع النبي (صلى الله عليه وسلم)، ويضيف إلى ذلك أسبابا أخرى بقوله: ((اعلم إن اختلاف الأجيال في أحوالهم إنما هو باختلاف نحلهم من المعاش فإن اجتماعهم إنما هو للتعاون على تحصيله والابتداء بما هو ضروري منه ونشيط قبل الحاجي والكمالي)).
وهنا يضع ابن خلدون سببا آخر للمجتمع الإنساني، وهو العامل الاقتصادي الذي يدفع الناس إلى التجمع في أماكن محددة لكسب العيش أو الاكتفاء بمستلزمات بسيطة للحياة.
وقد توسعت اتجاهات الهجرات عما كانت عليه في الماضي، إذ اكتسبت هذه التحركات صورا وأبعادا مختلفة في مراحل التاريخ البشري، وعرفتها كل المجتمعات إذ أخذت مجاميع كبيرة من السكان تنتقل من مكان إلى آخر كما حدث في هجرة الشعوب الأوربية التي تعد من أكبر الهجرات التي عرفها التاريخ الحديث التي توجهت إلى أمريكا أولا ثم إلى إستراليا وجنوب القارة الأفريقية. ([21])
يمكن تلخيص أسباب الهجرة في الفقرات التالية:
أولًا: الأسباب الاقتصادية
وقد أدى الاقتصاد العالمي في العصر الحديث وما صاحبه من تدويل للعمل والرأس مال إلى اتساع حركة السكان في جميع أرجاء الأرض واجتذاب العمال إلى مراكز المدن التي ازدهرت فيها النشاطات التجارية والاقتصادية.
ويعتقد كثير من الباحثين وعلماء الاجتماع من أمثال (جليفر جنسون) و(ديفيد هير) على أن الهجرة بوجه عام تتجه من المناطق الضعيفة اقتصاديا إلى المناطق أو الدول الغنية .إذ يتمتع المهاجرون بفرص العمل الممنوحة لهم ، فضلا عن الجماعات التي تهاجر بدوافع دينية أو سياسية ([22])
الأسباب الاقتصادية تبرز في انخفاض رواتب العمال، مقارنة مع أمثالهم، والمقصود بهذا أن العمال الذي يقيمون بالعمل في بلادهم يشعرون بنقص في رواتبهم وأنهم يستحقون رواتب أعلى مع العلم أنه من غير الممكن تحسين أوضاعهم في بلدهم، لذلك يضطر العامل إلى ترك العمل في بلده، والهجرة إلى بلد أخرى لتراعي حالته وعمله لرواتب أعلى ودخل يؤسس حياته.
ثانيا: أسباب اجتماعية
طبيعة العوامل الاجتماعية وأسلوب الحياة وأنماطها تبرز عدم التكييف مع الواقع الذي يعيشون فيه، ولذلك تشير التقديرات على أن ظهور ظاهرة البطالة مع مرور الزمن واستمرار الفجوة بين معدلات النمو السكاني والنمو الاقتصادي سيزيد من عوامل الطرد، وعملية الطرد هذه ستجعل من هؤلاء العمال أن يقوموا بالبحث عن عمل آخر، بعضهم قد يبحثون في بلدهم ولكن من شدة القهر الذي يؤدي إلى القهر الاجتماعي، قد يؤدي ببعضهم إلى البحث عن عمل في الخارج مما يؤدي إلى هجرتهم.
ثالثا: أسباب طبيعية وعسكرية
وإن تمكن الإنسان من تكييفه للظروف الطبيعية التي كانت تدفعه للهجرة، إلا أنه ما زال يستسلم لبعض الظروف الطبيعية كالزلازل والبراكين والأعاصير المدمرة كما حدث في جنوب شرق آسيا في عام(2005) عندما اجتاحت موجات إعصار(التسونامي) مساحات شاسعة أدت إلى هجرة كثير من السكان، وكذلك ما تفعله النزاعات والحروب.
معظم الهجرات الحديثة تتم بدوافع وعوامل طاردة يصعب التغلب عليها من المواطن الأصلية للمهاجرين، وخاصة فيما يتعلق بالحروب والاحتلال، كما حدث بالنسبة للفلسطينيين حينما احتلت أرضهم، وما يحدث في بعض دول القارة الأفريقية من نزاعات وحروب، وكذلك ما رافق الاحتلال الأمريكي للعراق وتعرض العديد من مدن العراق إلى الهجمات العنيفة بمختلف الأسلحة الفتاكة الحديثة في 9/4/2003م.
- آثار الهجرة
عندما ينتقل الإنسان منفردا أو على شكل جماعات صغيرة كالأسرة من البيئة التي يعيش فيها إلى بيئة أخرى تختلف عن بيئته الأصلية، كالانتقال من الريف إلى المدينة ليقيم فيها، أو قد يغادر من منطقة متخلفة إلى منطقة حضرية وربما ينتقل من بلد إلى بلد آخر وهذه الانتقالات المتعارف عليها بالهجرة فإنها تؤدي دورا متميزا في تشكل البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للكثير من الأمم والشعوب.
إن للهجرة آثارا اجتماعية وثقافية واقتصادية مما حفز الكثير من العلماء في شتى شؤون المعرفة الإنسانية إلى دراسة هذه الظاهرة، كما دفع الكثير من الهيئات الوطنية والدولية إلى الانتباه إلى المشكلات التي تنتج عن هذه الظاهرة من أجل السيطرة على نتائجها بحيث تقلل من المشكلات الخطرة التي تتعرض لها المجتمعات التي تكثر فيها هذه الظاهرة.
ويكفي أن نذكر في هذا المجال أن عدد السكان من ذوي الأصول الأوربية الذين يعيشون خارج أوربا يساوي نصف عدد سكان أوربا حاليا وقد كان ذلك كما يشير (ساكس) أحد العوامل التي جنبت أوربا عواقب قانون مالثوس([23]).
من ذلك يتضح أن مفهوم الهجرة يحمل معان معقدة تتداخل في الجوانب السوسيولوجية والأنثروبولوجية والاقتصادية والسياسية والنفسية، بحيث تصبح دراسة هذا المفهوم ذات مداخل متعددة لا يمكن إهمال أي منها بغية الوصول إلى فهم هذه الظواهر المترابطة.
فقد تؤدي الهجرة إلى التحضر، والتحضر هو عملية اجتماعية يقوم بها الفرد بالانتقال من الريف إلى المدينة والتكيف والتطبع بأخلاق وعادات أبناء المدن وسلوكياتهم وتقبل أسلوب الحياة وأنماط العلاقات الاجتماعية الموجودة فيها والخضوع إلى قوانين وأنظمة مؤسساتها وتشكيلاتها الاجتماعية والحضارية ([24])
وفي الوقت نفسه فإن الهجرة قد تثير مشكلات عديدة منها مشكلة التكييف لأن الهجرة انتقال من بيئة إلى بيئة أخرى كما قد يترتب على ذلك مشكلات الجناح والأمراض العقلية والجريمة وغير ذلك من سوء الأداء الوظيفي والاجتماعي حيث يشعر الفرد المهاجر بالغربة والتوتر النفسي، وعدم الاستقرار المهني والمشكلات الاقتصادية، واصطدام النماذج الحضارية والثقافية التي ألفها المهاجرون في موطنهم الأصلي بالنماذج الحضارية الجديدة([25]).
ويذكر (سيلين) قصة طريفة مفادها إن أحد المهاجرين من منطقة صقلية قتل رجلا في السادسة والعشرين من عمره لأنه اغتصب ابنته في مدينة نيوجرسي، وحين أُلقي القبض عليه أصيب بالدهشة لأنه لم يكن يعلم أن فعله يمكن أن يكون جريمة أي أنه تصرف كما كان يجب أن يتصرف وهو في موطنه الأصلي.
ان هذه القصة تعطينا صورة للتناقض بين ثقافتين فما يعد سلوكا منحرفا أو إجراميا في مجتمع قد لا يكون كذلك في مجتمع آخر وذلك بسبب الاختلاف في القيم والمعايير الاجتماعية، وهنا تكمن مشكلة الأفراد المهاجرين ومدى قدرتهم على التكييف مع القيم والمعايير الجديدة، ويترتب على ذلك تأثيرات جمة لاسيما على المجتمع أو الموطن المهاجر إليه.
ثالثا: الوضع القانوني للهجرة الشرعية
تثير مسألة مشروعية الهجرة الدولية جدلاً واسعًا، حيث تتضارب الحقوق الفردية في التنقل بحرية مع حق الدول في حماية حدودها وأمنها القومي. وعلى الرغم من أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يكفل حق كل فرد في حرية التنقل والإقامة، إلا أن الدول تفرض قيودًا على هذا الحق لأسباب أمنية واقتصادية واجتماعية.
تعرف الأمم المتحدة: الهجرة بأنها “انتقال السكان من منطقة جغرافية إلى أخرى وتكون عادة مصاحبة تغيير محل الإقامة ولو لفترة محدودة “([26]) وقد نصت المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه “يحق لكل فرد أن يغادر أي بلاد بما في ذلك بلده، كما يحق له العودة إليه”. وفيما يلي أبرز المعاهدات الدولية التي تمنح الحماية القانونية للمهاجرين:
- الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
- العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
- اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
- اتفاقيات منظمة العمل الدولية التي تحمي الحقوق العمالية وحقوق العمال المهاجرين.
- البروتوكولان الملحقان بالاتفاقية الدولية لمناهضة الجريمة الدولية العابرة للحدود، المتعلقان بالإتجار بالأشخاص وتهريبهم.
- أحكام الاتفاقية بشأن الأشخاص الذين لا يحملون جنسية دولة ما لعام 1954.
- اتفاقية انعدام الجنسية لعام 1961.
- اتفاقية حقوق العمال المهاجرين وأسرهم لعام 1990 ودخلت حيز التنفيذ عام 2003.
وأعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2000م يوم 18 ديسمبر/ كانون الأول يوما دوليا للمهاجرين. كما أبرمت المنظمة الدولية للهجرة عام 2016م اتفاقًا مع الأمم المتحدة لتصبح إحدى الوكالات المتخصصة التابعة لها.
ويشكّل الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية، أول اتفاق حكومي دولي أُعد تحت رعاية الأمم المتحدة واعتمد يوم 10 ديسمبر/ كانون الأول 2018م لتغطية جميع أبعاد الهجرة الدولية بطريقة كلية وشاملة.
تعنى عدة مؤسسات وهيئات تابعة للأمم المتحدة بالهجرة، وهي:
- المفوضية السامية لحقوق الإنسان والهجرة.
- المفوضية السامية لحقوق الإنسان والحق في الجنسية.
- المقرر الخاص المعني بالمهاجرين.
- اللجنة المعنية بالعمال المهاجرين.
- المقرر الخاص المعني بالمشردين داخليًّا.
رابعا: الهجرة أنواعها وأشكالها
- أنواع الهجرة:
تتنوع الهجرة إلى عدة أنواع ويمكن تصنيفها إلى أربعة أصناف للحصول على تلك الأنواع:
- هجرة حسب المكان. ينتج لنا هجرة داخلية وأخرى خارجية، فالأولى عبارة عن انتقال الأفراد والجماعات من منطقة إلى أخرى داخل المجتمع أو البلد الواحد، وفي المقابل توجد الهجرة الخارجية، تحدث بانتقال عدد من أفراد المجتمع إلى مجتمع آخر أو من بلد إلى بلد آخر.
- الهجرة حسب إرادة القائمين بها ينتج عنها هجرة إرادية وأخرى قسرية.
- هجرة حسب الزمان الذي تستغرقه إلى هجرة دائمة وأخرى مؤقتة.
- الهجرة القانونية وغير القانونية وما يهمنا في هذه الدراسة هو تقسيم الهجرة حسب قانونيتها والتي يمكن تقسيمها إلى:
1. هجرة قانونية أو شرعية: وهي الهجرة التي يتم فيها انتقال الأفراد من بلد إلى آخر وفقًا للإجراءات القانونية المعمول بها؛ من تأشيرات للدخول، وبطاقات للإقامة التي تمنحها السلطات المختصة بالهجرة والجوازات.
2. الهجرة غير الشرعية: هو كل انتقال يقوم به الأفراد من بلد إلى بلد آخر دون حيازة التراخيص القانونية والتأشيرات القانونية اللازمة لذلك، ويتم ذلك عن طريق الدخول بالبر أو البحر أو التسلل إلى إقليم دولة أخرى بوساطة وثائق مزورة أو بمساعدة شبكات الجريمة المنظمة، وقد تشمل أيضًا المهاجرين الذين يدخلون البلدان بطريقة شرعية، وعبر القنوات الرسمية إلا أنهم يصبحون غير شرعيين لتجاوزهم تأشيراتهم.
ثانيا: أشكال الهجرة
لقد وضعت العديد من التصنيفات للهجرة من خلال المكان والزمان والنوع، حيث قررت الأمم المتحدة بعد مناقشة الخبراء أن تعد التحركات التالية أنواعا من الهجرة:
1. المسافرون غير السياح ورجال الأعمال والطلاب أو من يحملون جوازات مزورة.
2. المسافرون غير المقيمين على الحدود ويقتضي عملهم تخطي الحدود باستمرار.
3. المسافرون من غير اللاجئين أو الأشخاص الذين نقلوا لظروف قاهرة أو غيروا وطنهم، يعد المسافرون الذين يبحثون عن عمل بصفة مستديمة أو موسمية أو مؤقتة مهاجرين وتعد تحركاتهم هجرة، كما يقسم بعض العلماء التحركات الدولية إلى نوعين من الهجرة:
1- الهجرة الأولية
2- الهجرة الثانوية
ويقصد بالنوع الأول التوطن في جهات غير مأهولة بالسكان، أما النوع الثاني فنقصد به الإقامة بين المواطنين والاندماج فيهم والتكيف بوسائل معيشتهم، ويتميز بشيء من الضعف وعند إفساح المجال لها فإن ذلك قد يكون على حساب غيرها، كما يقسم بعضهم الهجرة إلى:
1- داخلية
2- خارجية
والداخلية تعني التحركات السكانية التي تحدث داخل حدود الدولة، أما الخارجية فهي التحركات السكانية التي تحدث عبر الحدود الإقليمية.
ويصنف علماء الاجتماع الهجرة على أساس الحجم والزمن والسبب، فمن حيث الحجم تم تقسيم الهجرة على الشكل الآتي:
1- هجرة فردية
2- هجرة عائلية
3- هجرة جماعية
فالهجرة الفردية تعني انتقال الأفراد بصورة منفردة من موطنهم الأصلي إلى أماكن أخرى، أما العائلية فهي انتقال المهاجرين مع عوائلهم من موطنهم الأصلي إلى أماكن أخرى، أما الهجرات الجماعية هي التي يشترك فيها جماعة من الناس أفرادا وعوائل كالهجرات الناجمة عن الكوارث الطبيعية أو الحروب.
المبحث الثاني:
الهجرة غير الشرعية، المفهوم، الأسباب، الوضع القانوني
يعد مفهوم الهجرة غير الشرعية من المفاهيم المتداولة بشكل كبير في الآونة الأخيرة سواء على المستوى الأكاديمي أو على المستوى العملي السياسي، ولذلك فيصعب علينا إيجاد تعريف جامع مانع نظرا لتعقد الدوافع وتطور الظاهرة نفسها وتعدد المقاربات المفسرة لها. ولضبط هذا المفهوم ضرورة تفكيكية، ولهذا سنتوقف أمام مفهوم الهجرة غير الشرعية، ودوافعها، وعلاقتها بغيرها من المفاهيم كاللجوء والنزوح، على النحو الآتي:
أولا: تعريف الهجرة غير الشرعية
يستخدم مفهوم الهجرة غير الشرعية بمعنى قانوني بالدرجة الأولى، وهو ينطوي على دلالة مخالفته للقوانين والنظم المعنية بالهجرة وحركة الأفراد وتنقلاتهم بين الدول. فتعرف بذلك بأنها تلك الهجرة التي تتم بطرق غير قانونية نظرا لصعوبة السفر وصعوبة الهجرة الشرعية حيث تعقدت إجراءات السفر، وأصبحت الهجرة الشرعية شبه مستحيلة. وهي تظهر فيما يلي: – دخول الشخص حدود دولة ما دون وثائق قانونية تفيد بموافقة هذه الدولة على ذلك. وغالبا ما يتم ذلك بطرق التسلل عبر الطرق البرية الصحراوية أو الجبلية أو عبر البحار والمناطق الساحلية- دخول الشخص حدود دولة ما بوثائق قانونية لفترة محددة وبقاؤه فيها إلى ما بعد الفترة المشار إليها دون موافقة قانونية مماثلة، كأن يكون غايات دخوله للمرة الأولى السياحة أو زيارة الأقارب ثم المكوث والاستقرار في الدول المستضيفة”.([27])
دخول الشخص لحدود دولة ما في سياق عملية منظمة من قبل جهات سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية بغرض إيقاع الأذى بالسكان المقيمين والعمل على تهديد أمن الدولة لغايات سياسية أو اجتماعية وغالبا ما يقترن هذا الشكل بعمليات الإرهاب. كما تعرف الهجرة غير الشرعية بخروج المواطن من إقليم دولته عبر المنافذ غير الشرعية المخصصة، أو من منفذ شرعي باستخدام وثائق مزورة أما الدولة المستقبلة للمهاجرين فينصب اهتمامها على الوجود على أراضيها بغير موافقتها، سواء كان ذلك الوافد قادما من بلده أو من دولة أخرى وسواء خرج من منفذ شرعي ووصل إلى منفذ شرعي أو أنه خرج من منفذ غير شرعي ووصل إلى منفذ غير شرعي وسواء كان قاصدا الإقامة المستمرة أو المؤقتة فمناط التأثير لديها هو الوجود على أراضيها بغير موافقتها، ومن ضمن التعاريف التي جاءت عن الهجرة غير الشرعية أيضًا أنها:” تدبير الدخول غير المشروع من وإلى أي إقليم أية دولة من قبل أفراد، أو مجموعات من غير المنافذ المحددة لذلك دون التقيد بالضوابط والشروط المشروعة التي تفرضها كل دولة في مجال تنقل الأفراد”.([28])
– التسلل إلى داخل الدولة بعد دخول مشروع لها مؤقت، كما هو الحال في تسلل العابرين للدولة إلى دول مجاورة، فيصبح مكوثهم فيها غير شرعي، وليس دخولهم إليها([29].(
ثانيا: دوافع الهجرة غير الشرعية
يمكن استعراض دوافع الهجرة غير الشرعية من خلال التطرق لطرفي معادلة الجذب والطرد، فعوامل الجذب تكمن في الإغراءات والحوافز الموجودة في الدول المستقبلة وتعرف عوامل الطرد بالنقيض لها، العوامل الطاردة للمهاجرين، تساهم عوامل متعلقة بجميع الجوانب الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية في طرد المهاجرين من بلدهم الأصلي. ويمكن جمع هذه العوامل في الشعور باللاأمن، حيث إن الرغبة في مغادرة الوطن ليست عبثية إنما هي نتيجة حالة يسود فيها اللاأمن الإنساني الذي يشمل اللاأمن الاقتصادي واللاأمن الاجتماعي واللاأمن السياسي والناتج عن عدة عوامل منها:
- الدوافع الاقتصادية: يلعب الاقتصاد دورا مؤثرا ومهما في الوقت الحاضر في مختلف دول العالم. حيث ترسم سياسات الدول واستراتيجياتها لتحقيق هدف رئيس، يتبلور في اتجاهها لتحقيق التنمية الاقتصادية التي تؤدي إلى تزايد موارد الدولة المالية ويمكنها خلق فرص العمل لمواطنيها والوفاء بكافة احتياجاتهم المعيشية المختلفة. وبهذا يُعدُّ العامل الاقتصادي من أهم العوامل الدافعة لمغادرة الإقليم الوطني بصفة غير مشروعة، حيث إنها تأتي في مقدمة العوامل. ويتضح ذلك من خلال التباين الكبير في المستوى الاقتصادي بين البلدان المصدرة للمهاجرين غير الشرعيين والتي تشهد غالبًا افتقارا إلى عمليات التنمية، وقلة فرص العمل وانخفاض الأجور ومستويات المعيشة والحاجة إلى الأيدي العاملة في الدول المستقبلة([30]).
- الدوافع الاجتماعية: وتتمثل في عدم توفر السلم الاجتماعي، وذلك بفعل شيوع الظاهرة الطبقية على المستوى القبلي والطائفي أو الديني، وتغليب الأغلبية على الأقلية أو العكس. كما ترتبط الدوافع الاجتماعية بالدوافع الاقتصادية ارتباط طرديا، فالبطالة وتدني مستويات المعيشة على الرغم من كونها عوامل اقتصادية إلا أنها ذات انعكاسات اجتماعية ونفسية وأمنية سلبية في المجتمع التي تنشأ فيه. يتطلع الأفراد إلى الهجرة بدافع حلم النجاح الاجتماعي أو بحثا عن الوجاهة الاجتماعية المفقودة في بلادهم بفعل البطالة والفقر، ويندفعون نحو الهجرة وقبول المخاطرة إلى الحد الذي يقبلون فيه أي عمل مهما كان مذلا أو تافها سعيا وراء تحقيق أحلامهم الذاتية، وتحولت فكرة الهجرة إلى عملية ضرورية ومؤقتة لمدة سنتين أو خمس سنوات يتم من خلالها جمع أكبر قدر من المدخرات اللازمة للزواج وتوفير مسكن لائق ومشروع صغير لاستكمال مسيرة الحياة ([31]).
- الدوافع السياسية: يقصد بالسياسة فن حكم الدولة وإدارة شؤونها بالصورة التي تحقق الفعالية، وما يوضع من سياسات عامة وما يتخذ من قرارات إدارية، بحيث يتحقق رضا المواطنين وما يمثلونه من رأي عام عن هذه السياسات والقرارات. ومن ثم تحقيق استقرار النظام السياسي واستمرارية قيادته، وإدارة شؤون المواطنين العامة بوعي وإدراك، بما يوفر لهم الخدمات العامة بمرافقها المختلفة، ويوجد السبل لدفع أي جور وظلم يقع عليهم. وهذا ما يعزز ثقة المواطنين بدولتهم ويعزز شعور المواطنة لديهم وانتمائهم إليها. وعلى النقيض من ذلك فإن تخلف ثقة المواطن بحكومته والانتماء يدفعه إلى التفكير في مغادرة بلده ولو بطرق غير مشروعة، وتتركز أساسا في غياب الديمقراطية وانتهاك حقوق الإنسان. وفي مقدمتها الحق في اتخاذ القرار والمشاركة في الحياة العامة، والحق في حرية التعبير، وضعف المؤسسات، وغياب سيادة القانون، وتفشي النزاعات القبلية والعشائرية والحدودية، وعدم الاستقرار السياسي، وكثرة الانقلابات العسكرية وتفشي الفساد المالي والإداري([32]).
ثالثا: الهجرة غير الشرعية وعلاقتها بالمفاهيم الأخرى:
تختلط ظاهرة الهجرة غير الشرعية بمجموعة من المفاهيم الأخرى القريبة منها والمتداخلة معها في مجموعة من السمات، ونذكر هنا على سبيل المثال مفهومي: (اللجوء والنزوح) في معنى مغادرة مكان الإقامة والاستقرار، لكنها تختلف عن بعضها من حيث أسباب المغادرة والتوصيف القانوني والآثار المترتبة عن ذلك. ويُعدُّ هذان المصطلحين من أكثر القضايا والمشاكل التي واجهت المجتمع الدولي منذ قرون خلت.
- مفهوم اللجوء
ورد في لسان العرب اللجوء ومصدره “لجأ” بـ”لجأ إلى الشيء والمكان يلجأُ لجأ ولجوءا، ولجأ ولجئ لجأ والتجأ”، وزاد ألجأ، أي استند، و”ألجأه إلى الشيء: اضطره إليه، وألجأه عصمه، وورد في معجم اللغة العربية المعاصر “التجأ الشَّخْصُ إلى المكان لجأ إليه؛ قصَده واحتمى به، اعتصم به لتوفير الحماية والطُّمأنينة”. ويعرف القانون الدولي اللاجئين بأنهم “الأشخاص الذين يجبرون على ترك بيوتهم خوفًا من الاضطهاد، أفرادًا أو جماعاتٍ، لأسباب سياسية أو دينية أو عسكرية أو لأسباب أخرى”. ويختلف تعريف اللاجئ اعتمادا على الوقت والمكان.
ووسّعت معاهدة اللاجئين عام 1951م تعريف اللاجئ بأنه “من خرج بسبب مخاوف حقيقية من اضطهاد بسبب عرقه ودينه وجنسيته وانتمائه إلى طائفة اجتماعية معينة أو ذات رأي سياسي، وتواجد خارج البلد الذي يحمل جنسيته، ويكون غير قادر أو بسبب هذه المخاوف غير راغب في الاعتماد على حماية دولته أو العودة لبلده بسبب المخاوف السابقة”، وهو التعريف الذي تعتمده المنظمات الدولية.
- الإطار القانوني للجوء
يوفر القانون الدولي الحماية للاجئين، وتتحمل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين المسؤولية في ذلك، مع ضمان حصول اللاجئين على حقوقهم في طلب اللجوء وتلقي المساعدات من أغذية ومأوى ورعاية طبية. وتحدد مجموعة من الاتفاقيات الدولية والإقليمية المعايير الدولية للحماية منها:
- المادة 14 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948م بعدّه أول وثيقة دولية تقر بالحق في طلب اللجوء من الاضطهاد والحصول عليه.
- معاهدة جنيف بخصوص حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب لعام 1949م وخاصة المواد 44 و70.
- المادة 73 من البروتوكول الإضافي الأول لمعاهدات جنيف بخصوص ضحايا النزاعات الدولية المسلحة لعام 1977م، وتنص على حماية الأشخاص الذين يعدون قبل نشوب الأعمال العدائية دون دولة أو لاجئين.
- معاهدة الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951م، التي اعترفت بمشاكل اللاجئين في العالم.
- المواد 2 و12و13 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966م.
- بروتوكول بخصوص وضع اللاجئين لعام 1967م، الذي وسّع مفهوم الحماية أمام الأشخاص الذين أصبح بوسعهم طلب التمتع بوضعية اللاجئ، وأزال القيود الجغرافية والزمنية المذكورة في معاهدة اللاجئين الأصلية.
وتعضد مجموعة من الاتفاقيات الإقليمية والدولية المبرمة في إطار الاتحادين الأوروبي والأفريقي ومنظمة الدول الأميركية، الاتفاقات السالفة الذكر من قبيل المعاهدة الناظمة لنواحي معينة لمشاكل اللاجئين في أفريقيا عام 1969م، وإعلان قرطاجنة(بإسبانيا) حول اللاجئين عام 1984.
ومن أبرز الحقوق التي يتمتع بها اللاجئون الحصول على أوراق إثبات هوية ووثائق سفر تمكنهم من السفر خارج البلد، والمعاملة كمعاملة مواطني الدولة التي تستقبل اللاجئين من حرية ممارسة الدين والتعليم الديني والحصول على السكن والتعليم والحصول على المساعدة القضائية وحماية حقوق الملكية الفردية والحق في تملك العقارات وممارسة مهنة والمساواة في المعاملة من قبل سلطات الضرائب.
- مفهوم النزوح
ورد في لسان العرب النزوح ومصدرها “نزح”: “نزح الشيء ينزح نزحا ونزوحا: بَعُدَ.. ونُزِحَ بفلان إذا أبعد عن دياره غيبة بعيدة”. ويُعرّف النزوح اصطلاحًا بأنه حركة الفرد أو المجموعة من مكان إلى آخر داخل حدود الدولة رغما عن إرادة النازح بسبب مؤثر خارجي مهدد للحياة، كالمجاعة أو الحرب أو الجفاف والتصحر أو أي كوارث أخرى، تدفع النازح إلى مغادرة موقعه والتوجه إلى موقع آخر طمعا في الخلاص من تلك الظروف.
كما يُعرف النازحون بأنهم “الأشخاص أو مجموعات من الأشخاص الذين أجبروا على هجر ديارهم أو أماكن إقامتهم المعتادة فجأة بسبب صراع مسلح أو نزاع داخلي، أو انتهاكات منتظمة لحقوق الإنسان أو كوارث طبيعية أو من صنع الإنسان وهم لم يعبروا حدود أي دولة معترف بها دوليا”.
ويعد النزوح بما هو انتقال قسري ﻟﻸﻓﺭﺍﺩ من مناطقهم أو بيئتهم وأنشطتهم المهنية، شكلا من أشكال التغيير الاجتماعي.
- الإطار القانوني للنزوح
لا توجد منظمة دولية مكلفة بحماية النازحين، وتم توسيع تفويض مفوضية شؤون اللاجئين لتمكينها من الإشراف على المساعدات في مخيمات النازحين. ويتولى مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة منذ عام 1997م تنسيق المساعدات المقدمة للنازحين.
وشكّل الأمين العام للأمم المتحدة فريقًا رفيع المستوى لمتابعة أزمات النزوح الداخلي ومعالجتها، خصوصًا في ظل عدم وجود اتفاقية خاصة بالنازحين. ويخضع أغلب النازحين داخل بلدانهم للقانون الوطني وما يضمنه من حماية، كما يخضعون لقانون حقوق الإنسان الذي يسري في أوقات السلم وفي حالات النزاع المسلح كذلك، ومن الحقوق التي يضمنها السلامة الشخصية، والحماية من المعاملة المهينة أو العقوبة القاسية، والحق في السكن والمأكل والمأوى والتعليم والعمل، والحياة الأسرية وغيرها.
ويسري القانون الدولي الإنساني على النازحين في حالات النزاع المسلح، شريطة ألا يكونوا مشتركين في الأعمال العدائية. ويمنع القانون المذكور إجبار المدنيين على ترك محال إقامتهم لغير ضرورة السلامة أو ضرورة عسكرية ملحة.
وتحظر القواعد العامة للقانون الدولي الإنساني على الأطراف المتنازعة استهداف المدنيين أو تجويعهم، أو العقاب الجماعي بتدمير المساكن والمباني المدنية، مع السماح لشحنات الإغاثة بالوصول للمدنيين.
وبخصوص حقوق النازحين، فقد تبنت الأمم المتحدة المبادئ التوجيهية الخاصة بالإطار القانوني للنازحين داخليا، وتضم 30 توصية تشكل الحد الأدنى من المعايير الشاملة لمعاملة الأشخاص النازحين داخليا.
وعلى الرغم من أنها غير ملزمة من الناحية القانونية، فقد التزم عدد من الدول والمؤسسات بتطبيقها، وفيما يلي بعض حقوق النازحين داخليا طبقا للمبادئ التوجيهية:
- التمتع بالحماية ضد الإعادة، أو إعادة التوطين الإجبارية في أي مكان تتعرض فيه حياتهم أو سلامتهم أو حريتهم أو صحتهم للخطر.
- التماس السلامة في جزء آخر من البلاد.
- الحق في مغادرة البلاد وطلب التماس اللجوء إلى بلد آخر.
رابعا: الأساس القانوني لمكافحة الهجرة غير الشرعية
ويتمثل في الاتفاقيات الآتية:
1 ـ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة: واحتوت على تسع وعشرين مادة من أهمها:
أ ـ تجرم المشاركة في عصابات إجرامية منظمة وغسل عائدات الجرائم والفساد وعرقلة سير العدالة.
ب ـ تدابير مكافحة غسل الأموال ومكافحة الفساد وتحديد مسؤولية الهيئات الاعتبارية عن المشاركة في مثل هذه الجرائم.
جـ ـ الملاحقة والمقاضاة والجزاءات والمصادرة والضبط.
د ـ التعاون الدولي لأغراض المصادرة وتسليم المجرمين ونقل الأشخاص المحكوم عليهم، والمساعدة القانونية المتبادلة والتحقيقات المشتركة والتعاون في مجال إنفاذ القانون وجمع وتبادل وتحليل المعلومات عن طبيعة الجريمة المنظمة والتدريب والمساعدة التقنية.
هـ ـ حماية الشهود ومساعدة الضحايا وحمايتهم([33]).
و ـ توفير آليات التنفيذ من خلال إنشاء مؤتمر للأطراف في الاتفاقية من أجل تحسن قدرة الدول الأطراف الموقعة على مكافحة الجريمة المنظمة وتعزيز تنفيذ هذه الاتفاقية.
2 ـ برتوكول منع وقمع ومعاقبة الإتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال:
يهدف هذا البرتوكول إلى توقيع العقوبات على كل من يسهم أو يشترك في الإتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال، وقد تطرق إلى تجارة الأعضاء باختطاف الأشخاص وسرقة أعضائهم ([34]).
3 ـ بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو:
تم التوقيع عليه بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (25) في الدورة(55) بتاريخ 15/11/2000م بهدف تعزيز التعاون الدولي في مجال الهجرة الدولية والتنمية من أجل معاجلة الأسباب الجذرية للهجرة، وبخاصة ما يتصل منها بالفقر. ويهدف البروتوكول إلى تحقيق أقصى حد من فوائد الهجرة الدولية لمن يعنيهم الأمر. ويركز البروتوكول على حسن معاملة المهاجرين وحماية حقوقهم الإنسانية، ومحاربة أنشطة الجماعات الإجرامية المنظمة في مجال تهريب المهاجرين وسائر الأنشطة الإجرامية ذات الصلة بموضوع البروتوكول، وقد تضمن البروتوكول مواد عديدة من أهمها:
أ ـ تهريب المهاجرين عن طريق البحر.
ب ـ تدابير مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البحر.
جـ ـ التدابير الحدودية.
د ـ أمن ومراقبة الوثائق.
هـ ـ شرعية الوثائق وصلاحياتها.
و ـ التدريب والتعاون التقني.
ز ـ تدابير الحماية والمساعدة (الأمم المتحدة، 2000م، ص ص3-6) وقد ركزت المادة (18) من البروتوكول على إعادة المهاجرين المهربين إلى بلادهم الأصلية([35]).
4 ـ جهود دولية أخرى:
أ ـ عقدت الأمم المتحدة حوارًا رفيع المستوى حول شؤون الهجرة الدولية والتنمية بمدينة نيويورك في 14-15 أيلول عام 2006م. ناقش الأبعاد المتعددة للهجرة الدولية والتنمية بهدف التعرف على الوسائل والظروف الملائمة التي تزيد من إيجابياتها وتقلل من سلبياتها. وتركز الحوار حول أهمية الاعتراف بحقوق اللاجئين والمهاجرين، بما في ذلك منع الدول من إعادتهم لبلدانهم إذا كان ذلك يعرض حياتهم أو حريتهم للخطر، مع تفعيل الإجراءات التي تحد من الهجرة غير المشروعة، وتطبيق برامج للهجرة الآمنة، والعمل على توفير فرص العمل والكسب في البلاد التي تصدر المهاجرين([36]).
ب ـ القمة المتوسطية التي عقدت في تونس بتاريخ 5/12/2003م التي تضمنت اجتماع زعماء خمس دول من الحوض الجنوبي للبحر المتوسط مع زعماء خمس دول من الحوض الشمالي، وضم هذا التجمع فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال ومالطا من الجانب الأوروبي، وكل من تونس والجزائر وليبيا والمغرب وموريتانيا من الجانب المغاربي. وحظي الاجتماع بمناقشة الهجرة السرية وأعربت الدول الأوروبية عن عدم ارتياحها من تدفق المهاجرين السريين القادمين عبر مراكب الصيد من دول أفريقيا الشمالية، وطلبت الدول العربية دعم الدول الأوروبية لمشروعات التنمية لجلب فرص عمل وتحسين مستوى المعيشة والحد من الهجرة غير الشرعية([37]).
المبحث الثالث:
النظريات الاجتماعية المفسرة لظاهرة الهجرة
تعد النظريات العلمية والدراسات المختصة بالظواهر والقضايا الاجتماعية، ركيزة أساسية في البحوث الاجتماعية، فهي توفر الإطار المفاهيمي الذي من خلاله نفهم الظواهر الاجتماعية المعقدة المتباينة. يسعى علم الاجتماع، من خلال النظريات، إلى وصف وتفسير السلوك البشري والتنبؤ بتداعياته، مما يسهم في بناء معرفة علمية دقيقة عن الواقع الاجتماعي.
يهدف علم الاجتماع، كجزء من العلوم الاجتماعية، إلى الكشف عن حقيقة الواقع الاجتماعي، وفهم العلاقات المتبادلة بين الإنسان وبيئته الطبيعية والاجتماعية. وتسهم النظريات في إضفاء الصبغة العلمية على مفاهيم الظواهر وتفسيراتها، وتساعد الباحثين على صياغة أسئلة بحثية واضحة ووضع تفسيرات منطقية لنتائجهم.
إن العلاقة بين النظريات والواقع الاجتماعي علاقة وثيقة ومتبادلة. فالنظرية تستمد شرعيتها من قدرتها على تفسير الظواهر الواقعية، والواقع بدوره يشكل تحديات جديدة للنظريات القائمة ويحفز على تطوير نظريات جديدة. وبالتالي، فإن النظريات ليست مجرد أدوات نظرية، بل هي مرآة تعكس انشغال العلماء بفهم العالم الاجتماعي المحيط بهم.
و”يمكن إرجاع أولى الأفكار النظرية حول الهجرة الدولية إلى دراسة أجراها عالم الاجتماع السويدي كريجر عام 1764م، حيث تناول أسباب ودوافع هذه الظاهرة، وبعد ذلك، تبلورت هذه الأفكار وتطورت على يد باحثين آخرين مثل ريفانشين عام 1855 وروشيرج في النمسا عام 1893، الذين أسهموا في بناء الأسس النظرية لدراسة الهجرة الدولية.
لقد تمت دراسة الهجرة من وجهات نظر مختلفة توزعت بين مختلف العلوم كالأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع والاقتصاد والجغرافية وعلم النفس والعلوم السياسية لذا فإننا يمكن أن نجمل أهم النظريات التي درست الهجرة بالشكل الآتي:
أولا: نظرية القرار:
وقد تناولت هذه النظرية على أساس أن المهاجر يتخذ قرارات في الهجرة نتيجة تأثير عوامل مختلفة منها نفسية واجتماعية واقتصادية وتؤدي البيئة الاجتماعية دورا بارزا في جعل الإنسان أو الجماعة يعمل على اتخاذ قرار الهجرة. وقد أشار(بيشرس) إلى أن قرار الهجرة يتخذه المهاجر نفسه، فإذا كانت احتياجاته غير متوافرة في موطنه الأصلي فمن الممكن أن يهاجر إلى مكان آخر وهذا القرار يتأثر بالآخرين كأفراد العائلة وجماعة الأصدقاء، وبهذا فإن قرار الهجرة يتخذ بفعل عوامل طاردة يقابلها عوامل جاذبة في المكان المهاجر إليه كما أن حافز الهجرة يبدو نتيجة للعوامل التي تؤثر على حياة الفرد أو الجماعة بدرجة قوية تدفعه للهجرة، لذا فإن قرار الهجرة هو قرار شخصي وفق هذه النظرية كما ربط(تايلور) اتخاذ قرار الهجرة بما يسمى (بالدافعية) Motivation أي معرفة المهاجر للمكان الذي يهاجر إليه وبهذا فإنه قسم المهاجرين إلى نوعين تبعا لدوافعهم ومدركاتهم، نوع يعتقد بأن الهجرة هي فرصة لتحقيق أهدافه والنوع الآخر يعتقد بأنها هي الحل الناجح للمشكلات التي يعاني منها([38]).
ثانيا: نظرية المسافة:
وتعد هذه النظرية من النظريات الأولى التي فسرت عملية الهجرة، وأن أهم ما جاء به صاحب النظرية(رافنشتين) ما يأتي:
أ. هنالك علاقة بين الهجرة والمسافة، إذ إن معظم المهاجرين يهاجرون إلى مسافات قصيرة ويقل عددهم كلما بعدت المسافة.
ب. تزدهر الهجرة بتطور الصناعة والتجارة وتقدم وسائل الاتصال.
ج. إن الدافع الأساسي للهجرة هو العامل الاقتصادي.
د. تكون الهجرة على شكل مراحل تبدأ من حدود المدن وما حولها وينتج عنها إزاحة للسكان الأصليين ثم يحدث الامتصاص التدريجي للمهاجرين ويعتقد(فيير) أن مدى الهجرة يقصر أو يطول تبعا لأهمية المناطق المهاجر إليها وأن حجم الهجرة يتناسب مع ذلك طرديا وعكسيا استنادا إلى أهمية المنطقة الأصلية ومع مساحة الهجرة بين منطقتي الطرد والجذب وقد أشار إلى أن الهجرات تتجه نحو المدن([39]).
ثالثا: نظرية التحديث:
ويعتقد أصحاب هذه النظرية بأن المهاجرين من البلدان النامية إلى البلدان المتقدمة يتعرضون إلى أنماط جديدة من الحياة الاجتماعية والسلوك وأنماط جديدة من الاستهلاك تؤدي الى خلق حالة من الصراع بين من يتقبل هذا النمط الجديد من القيم وبين من يرفضه كما يخلق كذلك حالة من الصراع بين المهاجرين والسكان الأصليين([40]).
رابعا: النظرية البنائية الوظيفية.
أصل جذور النظرية البنائية الوظيفية بالفكر الوضعي الذي نشأ في القرن التاسع عشر، حيث ركز على دراسة الظواهر الاجتماعية بطريقة علمية، يرى أنصار هذه النظرية، مثل تالكوت بارسونز، أن المجتمع نظام متكامل يتكون من أجزاء مترابطة تعمل معًا لتحقيق التوازن والاستقرار. أي خلل في أحد هذه الأجزاء يؤثر على النظام ككل.
وقد أكد إميل دوركايم على أهمية دراسة الحقائق الاجتماعية بطريقة علمية، من خلال ملاحظة وتحليل النتائج المترتبة على الأحداث المختلفة في المجتمع. وتعد الهجرة الوافدة مثالا على هذه الحقائق الاجتماعية التي تستدعي دراسة متعمقة لفهم أبعادها وآثارها على المجتمعات المضيفة والمصدرة.
برز أهمية التحليل الوظيفي في الكشف عن التفاعلات المتبادلة بين مختلف عناصر النظام الاجتماعي. وقد مكن هذا النهج علماء الاجتماع من فهم أثر التغيرات التي تحدث في جزء من النظام على باقي أجزائه. تسعى النظرية الوظيفية إلى تفسير كيفية تحقيق التوازن والاستقرار في المجتمع، وترى أن أي خلل في هذا النظام يشبه المرض الذي يتطلب علاجا.
وفي سياق الهجرة، يمكن للتحليل الوظيفي أن يساعد في فهم الآثار المتبادلة للهجرة على المجتمع المضيف والمجتمع المصدر، سواء كانت هذه الآثار إيجابية أو سلبية. كما يمكن لهذه النظرية أن تكشف عن العوامل التي تساهم في استقرار أو اضطراب المجتمع نتيجة للهجرة، مما يساهم في تطوير سياسات أكثر فعالية لإدارة الهجرات.
في دراستنا هذه، يمكن تفسير ظاهرة الهجرة الوافدة على أنها نتيجة لتفاعل عوامل داخلية وخارجية، فالحروب والصراعات في المنطقة، بالإضافة إلى التغيرات المناخية، دفعت بالعديد من الأشخاص للهجرة إلى بلادنا. كما أن ضعف الاستجابة الحكومية لهذه الظاهرة ساهم في تفاقم المشكلة؛ لذا فإن تطبيق منهجية البنائية الوظيفية على دراسة هذه الظاهرة يمكن أن يساعد في فهم أسبابها وآثارها واقتراح الحلول المناسبة(.([41]
خامسا: نظرية الجذب والطرد
وتعد هذا النظرية امتدادا للفكر المادي التاريخي الذي ينطلق من تفسير الهجرة من خلال التوزيع اللامكافئ لعوامل الإنتاج حيث إن هناك مناطق أكثر عنى من مناطق أخرى، وقد واجه(ماركس) اهتمام بارز للمجتمع حيث تساءل كيف يوجد قهر وظلم وقهر يجبر الأفراد على ترك مجتمعاتهم والانتقال إلى مجتمعات أخرى، وهذه النظرية من أبرز النظريات المفسرة للهجرة وقد حدد عالم الاجتماع الفرنسي(لا فسير) الأسباب الأساسية للهجرة في عاملين هما الاتصال وتعدد العلاقات بين البلدين المرسلة والمستقبلة للمهاجرين، فعند وجود اتصال سياسي إيجابي بين البلدين ووجود علاقات إيجابية بين شعبين ووجود قبول اجتماعي للمهاجرين الوافدين في الهينات والمؤسسات الحكمية والخاصة والذي بدوره يزيد من حجم الهجرة والعكس، وتعود فكرة هذه النظرية إلى عالم الاجتماع(رفنشتاين) في عام (1985م) الذي قم بتحليل بيانات الهجرة في إنجلترا و(ويلز) الذي استنتج أن عوامل الجذب عادة ما تكون أكثر أهمية من عوامل الطرد في تحديد قرار الهجرة، ويعتقد المهتمون بالدراسات السكانية أن الحركة الهجرة تحدث بسبب الحاجة إلى البحث عن فرصة أفضل أو سبب بعض العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بسبب عوامل طاردة في المنطقة التي كان يقيم فيها المهاجرون ووجود عوامل جاذبة في المنطقة التي ينتقلون إليها، ومن العوامل الطاردة القحط والجفاف والحرب والكوارث الطبيعية والاضطهاد أما العوامل الجاذبة فتتمثل بالأمن وفرص العمل والخدمات العامة والتسامح السياسي.
لقد قدم (دونالد بوج) (Donald Bogue)نموذجا نظريا لتفسير الهجرة على أساس عملية الطرد والجذب التي تؤثر على الناس فتدفعهم للهجرة، ويمكن إجمال قوانين النظرية على الشكل الآتي([42]):
أ. إن هنالك مراحل متلاحقة في عملية الهجرة تبدأ بالانتقال ثم الاستقرار بالمكان الجديد، وتزيد في المراحل الأولى نسبة الرجال المهاجرين على النساء، وتعتمد الهجرة على متوسطي العمر من البالغين وغير المتزوجين.
ب. يكون عامل الجذب قويا في منطقة الوصول.
جـ. تفقد المناطق المهاجر منها متعلميها، وتجتذبهم مناطق النمو الاقتصادي والصناعي المهاجر إليها.
د ـ إذا زاد تيار الهجرة في اتجاه واحد فإن عملية الاختيار تزداد أيضا.
وذهب أحد الباحثين إلى دراسة دوافع الهجرة، فصنفها إلى ستة عوامل طاردة تقابلها ستة أخرى جاذبة وهذه العوامل هي:
العوامل الطاردة:
1- تناقص الموارد الطبيعية
2- فقدان العمل
3- الاستبداد والاضطهاد
4- النفور من المجتمع
5- الانفصال عن المجتمع
6- الكوارث الطبيعي
العوامل الجاذبة:
1- حصول على عمل أفضل
2- تحسين مستوى الدخل
3- تحسين المستوى التعليمي
4- التقدم الحضاري
5- الالتحاق بالأهل
- بيئة أفضل
وهناك نظريات أخرى
- النظريات الاقتصادية: ترى أن الفروق الاقتصادية بين الدول هي المحرك الرئيسي للهجرة، حيث ينتقل الأفراد من الدول الفقيرة إلى الدول الغنية بحثًا عن فرص عمل أفضل وأجور أعلى.
- النظريات الديموغرافية: تربط بين الهجرة والتغيرات الديموغرافية، مثل ارتفاع معدلات النمو السكاني في بعض الدول وانخفاضها في دول أخرى.
- النظريات الاجتماعية: تؤكد على دور العوامل الاجتماعية والثقافية في دفع الناس للهجرة، مثل الرغبة في الاندماج في مجتمعات جديدة أو الحفاظ على الهوية الثقافية.
النظريات السياسية: تربط بين الهجرة والصراعات السياسية والاضطهاد، حيث يفر الأفراد من بلدانهم هربًا من الحروب والاضطهاد.
ومما سبق تبين أن من عرض بعض النظريات التي تناولت موضوع الهجرة يتضح لنا بأنها تتمحور على أسباب طاردة وجاذبة للبشر تدفعهم للهجرة من مكان إلى آخر.
خاتمـــــــــــــة
تعد ظاهرة الهجرة من أكثر الظواهر الإنسانية تعقيدًا وتنوعًا، حيث تتأثر بمجموعة واسعة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. تتعدد دوافع الهجرة ما بين البحث عن فرص عمل أفضل، الهروب من الصراعات والاضطهاد، أو السعي لتحسين المستوى المعيشي. وتتنوع اتجاهاتها أيضًا، فنجد هجرات دولية كالهجرة من إفريقيا إلى أوروبا، وهجرات داخلية كالهجرة من الريف إلى الحضر. وتؤثر هذه الظاهرة بشكل كبير على المجتمعات المصدرة والمستقبلة، مما يجعلها موضوعًا للدراسة والتحليل من مختلف الجوانب.
تحدد اتجاهات الهجرة بشكل كبير بالظروف المحيطة، فالحوافز الاقتصادية والاجتماعية تلعب دورًا حاسمًا في دفع الناس للهجرة. على سبيل المثال، تدفع الحاجة إلى تأمين لقمة العيش الكثيرين إلى الهجرة من المناطق الريفية إلى المدن، خاصة في البلدان النامية التي تعاني من الجفاف والقحط. كما أن الصراعات والحروب والاضطهاد السياسي يدفعون بالكثيرين إلى الهجرة بحثًا عن الأمان والاستقرار. وتؤثر هذه الهجرة بدورها على البنية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات، مما يستدعي وضع سياسات هجرة مدروسة لمعالجة آثارها، وقد وجدت تدفقات وانتقالات إنسانية تتقاطع مع الهجرة غير الشرعية كاللجوء والنزوح، واهتم المجتمع الدولي بهذه التنقلات الإنسانية العابرة للحدود، فوضع القوانين المشرعة بتوصيفاتهم وحمايتهم، وتقديم المساعدات لهم في مواطن الانتقال، والعمل على الحد منها بالمساعدة في الاستقرار في الموطن الأصلي، واهتم علماء الاجتماع بدراسة هذه الظواهر الاجتماعية ووضع النظرية المفسرة لها من جميع جوانبها.
المصادر والمراجع:
- القرآن الكريم.
- أبو الفضل بن مكرم ابن منظور، لسان العرب –ج9- دار الكتب للنشر والتوزيع-2003م.
- إحسان محمد الحسن، التصنيع وتغيير المجتمع، دار الرشيد للنشر، بغداد 1981م.
- أحمد كمال وآخرون، دراسات في علم الاجتماع، ج2، دار الجيل، القاهرة 1974، – د. خضر زكريا وآخرون، دراسات في المجتمع العربي المعاصر، ط1، دار الأهالي، دمشق، 1999م.
- أشجان محمد منصور الفضلي، المشاركة المجتمعية للشباب ودورها في المجتمع، دراسة سوسيولوجية في محافظتي عدن وأبين، أطروحة دكتوراه غير منشورة، قسم علم الاجتماع، كلية الآداب، جامعة عدن، 2021م،
- باقر سلمان النجار، الهجرة وانتقال الأيدي العاملة في المنطقة العربية، مجلة علم الفكر العدد 2 المجلد 17 وزارة الأعلام الكويت 1986م.
- حسين العبد اللاوي – عودة الكفاءات الجزائرية إلى بلدها الأصلي، نهاية التجربة إقامة بالمهجر أم حلقة لمسار تنقلات دولية؟ بحث منشور في مجلة اضافات العدد الحادي عشر – صيف – 2010م.
- خالد إبراهيم حسن، هجرة السودانيين الى الخارج، الأسباب والآثار النفسية والاجتماعية، أطروحة دكتوراه في علم النفس غير منشورة، الجامعة المستنصرية، العراق، 1988 م.
- الدليل التشريعي لتنفيذ بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية – الجزء الثالث
- راضي عمارة محمد الطيف – ظاهرة الهجرة غير الشرعية إلى أوربا عبر بلدان المغرب العربي – دراسة حالة ليبيا كدولة عبور – دراسة وصفية تحليلية للأسباب والآثار_ رسالة ماجستير أكاديمية الدراسات العليا – طرابلس ,2008-2009م.
- رنا عبد الحسن الكيتب، تحليل جغرافي للهجرة الداخلية في محافظة النجف للمدة 1977-1997، رسالة لاستكمال درجة الماجستير، كلية الآداب، جامعة الكوفة، 2002م.
- د. ساهرة حسين كاظم – دور الدولة في الحد من هجرة العقول والكفاءات العراقية – مجلة كلية التراث الجامعة – العدد التاسع – 2010م.
- سيد عبد الله المحبوبي، الهجرات الداخلية والتنمية في موريتانيا، الثنائي الحرج، منشور بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان بموريتانيا، 1997م.
- صليحة محمدي، اللجوء دراسة في المفهوم والظاهرة، مجلة التراث، العدد1’ المجلد11, 2020م.
- عبد القادر القصير، الهجرة من الريف الى المدن في المغرب العربي، دار النهضة للطباعة والنثر، بيروت 1992م.
- عبدالله سعود السراني – العلاقة بين الهجرة غير المشروعة وجريمة تهريب البشر والإتجار بهم – ط1- مطابع جامعة نايف للعلوم الأمنية – الرياض – 2010م.
- عبدالله يوسف ابو عليان، الهجرة إلى غير بلاد المسلمين، حكمها وآثارها المعاصرة في الشريعة الإسلامية، رسالة ماجستير، كلية الشريعة والقانون، الجامعة الإسلامية – غزة – 2011م.
- ف أ من المادة(13) من بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لعام 2000.
- د. فاضل عبد الزهرة البغدادي – المهجرون والقانون الدولي الإنساني – ط1 – منشورات الحلبي الحقوقية – لبنان– 2013م.
- فضل عبد الله يحيى الربيعي، الهجرة والتغيير الاجتماعي في بناء وظائف الأسرة اليمنية، جامعة بغداد، أطروحة دكتوراه في علم الاجتماع غير منشورة، 2004م.
- قاموس الجغرافيا (عربي فرنسي إنجليزي) تأليف علي لبيب وآخرون، الدار العربية للعلوم، بيروت، ط1، 2004م.
- كريم محمد حمزة، الآثار الاجتماعية الإيجابية والسلبية لحركة انتقال اليد العاملة العربية والأجنبية في البلاد العربية بحث مقدم الى الدورة الأولى لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، تونس، 1980م.
- مايا خاطر، الجريمة المنظمة العابرة للحدود وسبل مكافحتها، بحث منشور في مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 7 العدد الثالث 2011م.
- مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي – القاموس المحيط – ط8 – مؤسسة الرسالة – بيروت – لبنان – 2005.
- د. محمد صباح سعيد، جريمة تهريب المهاجرين – دراسة مقارنة – دار الكتب القانونية ودار شتات للنشر – مصر – الإمارات – 2013م.
- محمد عبدة محجوب، الهجرة والتغير البنائي في المجتمع الكويتي دراسة في الأنثروبولوجية الاجتماعية، مطبعة نهضة مصر، القاهرة.– مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، – قسم الإعلام، مجلة اللاجئون، العدد (2)، سنة 1997م.
- المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين – المبادئ التوجيهية للاحتجاز- المبادئ التوجيهية للمعايير والقواعد المطبقة الخاصة بالاحتجاز لطالبي اللجوء وبدائله – ط1 مطابع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين- 2012م.
- مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة – مجموعة أدوات لمكافحة تهريب المهاجرين – الأداة 1– فهم ظاهرة تهريب المهاجرين- الأمم المتحدة – نيويورك – 2013م.
- المهاجرون دراسة سوسيوأنثروبولوجية، عبدا لله عبد الغني غانم، ط2(الإسكندرية: المكتب الجامعي الحديث،2002م.
- نخبة من الأساتذة المصريين والعرب، معجم العلوم الاجتماعية، الهيئة المصرية للكتاب،1975م.
- منشور على الموقع الالكتروني http://cms.unov.org
[1] – أبو الفضل بن مكرم ابن منظور، لسان العرب –ج9- دار الكتب للنشر والتوزيع-2003-ص32
[2] – مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي – القاموس المحيط – ط8 – مؤسسة الرسالة – بيروت – لبنان – 2005.
[3] المهاجرون دراسة سوسيوأنثروبولوجية، عبدا لله عبد الغني غانم، ط2(الإسكندرية: المكتب الجامعي الحديث،2002ف) ص 15.
[4] مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، – قسم الإعلام، مجلة اللاجئون، العدد (2)، سنة 1997ف، ص 18.
[5] – ف أ من المادة(13) من بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لعام 2000.
[6] – د. محمد صباح سعيد، جريمة تهريب المهاجرين – دراسة مقارنة – دار الكتب القانونية ودار شتات للنشر – مصر – الإمارات – 2013- ص60.
[7] عبد القادر القصير، الهجرة من الريف الى المدن في المغرب العربي، دار النهضة للطباعة والنثر، بيروت 1992 ص105 الى 106 .
[8] . د. إحسان محمد الحسن، موسوعة علم الاجتماع، مصدر سابق، ص453.
[9] نخبة من الأساتذة المصريين والعرب، معجم العلوم الاجتماعية، الهيئة المصرية للكتاب،1975، ص629.
[10] سيد عبد الله المحبوبي، الهجرات الداخلية والتنمية في موريتانيا، الثنائي الحرج، منشور بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان بموريتانيا، 1997، ص:18
[11] رنا عبد الحسن الكيتب، تحليل جغرافي للهجرة الداخلية في محافظة النجف للمدة 1977-1997، رسالة لاستكمال درجة الماجستير، كلية الآداب، جامعة الكوفة، 2002، ص 30
[12] قاموس الجغرافيا (عربي فرنسي إنجليزي) تأليف علي لبيب وآخرون، الدار العربية للعلوم، بيروت، 2004 ط1،
[13] – راضي عمارة محمد الطيف – ظاهرة الهجرة غير الشرعية إلى أوربا عبر بلدان المغرب العربي – دراسة حالة ليبيا كدولة عبور – دراسة وصفية تحليلية للأسباب والآثار_ رسالة ماجستير أكاديمية الدراسات العليا – طرابلس ,2008-2009-ص29-30. والآية رقم (100) في سورة النساء.
[14] – المصدر نفسه، ص35. والآية رقم (97)
[15] – صليحة محمدي، اللجوء دراسة في المفهوم والظاهرة، مجلة التراث، العدد1’ المجلد11, 2020, ص16.
[16] الهجرة الخارجية وآثارها على البناء الطبقي، محمد حسين صادق حسن، مرجع سابق، ص 8 -9.
[17] . د. إحسان محمد الحسن، موسوعة علم الاجتماع، مصدر سابق، ص453.
[18] نخبة من الأساتذة المصريين والعرب، معجم العلوم الاجتماعية، مرجع سابق، ص629.
[19] عبد القادر القصير، الهجرة من الريف الى المدن في المغرب العربي، مرجع سابق، ص105 إلى 106.
[20] . فضل عبد الله يحيى الربيعي، الهجرة والتغيير الاجتماعي في بناء وظائف الأسرة اليمنية، جامعة بغداد، أطروحة دكتوراه في علم الاجتماع غير منشورة، 2004 ص26
[21] محمد عبدة محجوب، الهجرة والتغير البنائي في المجتمع الكويتي دراسة في الأنثروبولوجية الاجتماعية، مطبعة نهضة مصر، القاهرة، ب. ت، ص43-44
[22] د. خضر زكريا وآخرون، دراسات في المجتمع العربي المعاصر، ط1، دار الأهالي، دمشق، 1999، ص49.
[23] كريم محمد حمزة، الآثار الاجتماعية الإيجابية والسلبية لحركة انتقال اليد العاملة العربية والأجنبية في البلاد العربية بحث مقدم الى الدورة الأولى لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، تونس، 1980، ص3.
[24] إحسان محمد الحسن، التصنيع وتغيير المجتمع، دار الرشيد للنشر، بغداد 1981، ص70.
[25] احمد كمال وآخرون، دراسات في علم الاجتماع، ج2، دار الجيل، القاهرة 1974، ص165.
[26] – مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة – مجموعة أدوات لمكافحة تهريب المهاجرين – الأداة 1– فهم ظاهرة تهريب المهاجرين- الأمم المتحدة – نيويورك – 2013 – ص35.
[27] – المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين – المبادئ التوجيهية للاحتجاز- المبادئ التوجيهية للمعايير والقواعد المطبقة الخاصة بالاحتجاز لطالبي اللجوء وبدائله – ط1 مطابع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين- 2012م – ص9
[28] – منظمة الهجرة الدولية – أسس أدارة الهجرة – المجلد الثالث – مصدر سابق – ص7 من الباب 9-3
[29] – عبدالله يوسف ابو عليان، الهجرة إلى غير بلاد المسلمين، حكمها وآثارها المعاصرة في الشريعة الإسلامية، رسالة ماجستير، كلية الشريعة والقانون، الجامعة الإسلامية – غزة – 2011 م _ ص 55.
[30] – محمد صباح سعيد – جريمة تهريب المهاجرين، مرجع سابق، ص25 -26.
[31] – د. فاضل عبد الزهرة البغدادي – المهجرون والقانون الدولي الإنساني – ط1 – منشورات الحلبي الحقوقية – لبنان– 2013 – ص13.
[32] – د. ساهرة حسين كاظم – دور الدولة في الحد من هجرة العقول والكفاءات العراقية – مجلة كلية التراث الجامعة – العدد التاسع – 2010م – ص110.
[33] – حسين العبد اللاوي – عودة الكفاءات الجزائرية إلى بلدها الأصلي، نهاية التجربة إقامة بالمهجر أم حلقة لمسار تنقلات دولية؟ بحث منشور في مجلة اضافات العدد الحادي عشر – صيف – 2010 – ص76
[34] – عبدالله سعود السراني – العلاقة بين الهجرة غير المشروعة وجريمة تهريب البشر والإتجار بهم – ط1- مطابع جامعة نايف للعلوم الأمنية – الرياض – 2010م ص105.
[35] – د. محمد صباح سعيد، جريمة تهريب المهاجرين، مرجع سابق، ص60.
[36] – مايا خاطر، الجريمة المنظمة العابرة للحدود وسبل مكافحتها، بحث منشور في مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 7 العدد الثالث 2011- ص514.
[37] – الدليل التشريعي لتنفيذ بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية – الجزء الثالث – منشور على الموقع الالكتروني http://cms.unov.org
[38] خالد إبراهيم حسن، هجرة السودانيين الى الخارج، الأسباب والآثار النفسية والاجتماعية، أطروحة دكتوراه في علم النفس غير منشورة، الجامعة المستنصرية، العراق، 1988 ص30.
[39] د. خضر زكريا وآخرون، دراسات في المجتمع العربي المعاصر، مرجع سابق، ص25.
[40] . باقر سلمان النجار، الهجرة وانتقال الأيدي العاملة في المنطقة العربية، مجلة علم الفكر العدد 2 المجلد 17 وزارة الأعلام الكويت 1986 ص37.
[41] ـ ينظر: المشاركة المجتمعية للشباب ودورها في المجتمع، دراسة سوسيولوجية في محافظتي عدن وأبين، أشجان محمد منصور الفضلي، أطروحة دكتوراه غير منشورة، قسم علم الاجتماع، كلية الآداب، جامعة عدن، 2021م، ص21 وما بعدها.
[42] د. خضر زكريا وآخرون، دراسات في المجتمع العربي المعاصر، مرجع سابق، ص25.