أدبية وثقافية

“الجنوب يغني للحرية”: دراسة تاريخية وثقافية للأغنية الوطنية (1930-1967م)

المقدمة:

“الأغنيّة الوطنيّة هي أكثر من مجرد فن؛ إنّها صوت الوطن النابض الذي يعبر عن عمق الانتماء والهوية. فهي تجسد حب الوطن وتقديره، وتلهم الشعور بالفخر والاعتزاز بماضيه وحاضره. وتستمد الأغنية الوطنية قوتها من مواضيع سامية كالتضحية، الوحدة، والصمود في وجه التحديات، وتخلّد بطولات الأبطال وتراث الأجداد.

في أوقات السلم والحرب، تلعب الأغنية الوطنية دورًا محوريًا في تعزيز الروح المعنوية وتوحيد الصفوف. فهي تحمل رسائل تحفيزية تدعو إلى التكاتف والعمل من أجل مصلحة الوطن العليا. نصوص الأغاني الوطنية غالبًا ما تكون قوية ومؤثرة، حيث تستند إلى رموز الهوية الوطنية كالأرض والتاريخ والقيم المشتركة، مما يجعلها تتردد صداها في قلوب المستمعين. أما الألحان، فهي مصممة؛ لتكون حماسية ومؤثرة، لتلامس المشاعر وتترك أثرًا عميقًا في النفوس.

لطالما كان الغناء نبضًا حيويًا للأمم والشعوب، يعكس روحها ويؤكد على استمراريتها. وعندما تُكبت الحريات وتُقمع الأصوات، يصبح الفن سلاحًا قويًا للمقاومة والصمود. ففي مواجهة الظلم والقهر، تلجأ الشعوب إلى فنها للتعبير عن آلامها وطموحاتها.

شهد الشعب الجنوبي العربي تاريخًا حافلًا بالأحداث السياسية التي تركت بصمات عميقة على مختلف جوانب الحياة. وفي هذا السياق، لعبت الأغنية الوطنية دورًا محوريًا في تشكيل الوعي الوطني وتوجيه مسار الأحداث. فقد تجاوزت الأغنية الجنوبية كونها مجرد فن، لتتحول إلى لسان حال الشعب، تعبر عن آماله وتطلعاته، وتسهم في صياغة الهوية الوطنية.

إن الفن أداة من أدوات التنوير إذا احتوى قيمًا نبيلة ومضامين سامية بأشكاله المختلفة والأغنية أسرعها وصولًا وأشدها تأثيرًا على الوجدان العام والتفكير الجمعي في مرحلة كتلك، تخلف فيها أثر شكل فني آخر فإن فنانينا الرواد والكبار بما أحدثوه من نهوض فني تجديدي يعدون من ضمن رواد حركة التنوير.

إن الدارسَ للأغنيةِ الوطنيةِ الجنوبيةِ يرى أنها مرت تحولات متعددة مع تغير الظروف السياسية، فكانت مرآة عاكسة لكل مرحلة. فقد استطاعت أن تتأقلم مع مختلف التحديات، وأن تبتكر أشكالًا جديدة ومضامين عميقة تعبر عن روح العصر. وبذلك، أثبتت الأغنية الوطنية قدرتها على تعبئة الجماهير، وتوحيد الصفوف، ونقل القيم الوطنية إلى الأجيال المتعاقبة.

ولطالما كانت الأغنية الوطنية رفيقة درب الشعب الجنوبي في مسيرته النضالية، منذ القدم وحتى يومنا هذا. فقد جسدت ارتباط الإنسان الجنوبي بوطنه وهويته، وهو ارتباط عميق وجذري، تجسد في الأغنية التي حملت صوته وأوصلته إلى العالم.

أهمية البحث:

تكمن أهمية هذه الورقة البحثية في أنها تستكشف الدور المحوري الذي لعبته الأغنية الوطنية في الثورة الجنوبية. فقد نجحت الموسيقى الثورية في زرع روح التفاؤل والأمل في نفوس الجماهير، وذلك من خلال تعزيز الانتماء للقضية الجنوبية. كما استخدمت الأغنية كسلاح فعال في توعية الجماهير وتعبئتهم للمشاركة في النضال.

لقد كانت الأغنية الوطنية وسيلة إعلامية قوية لنقل رسائل المقاومة إلى الجماهير، وتعزيز وعيهم بأهداف الثورة. فضلًا عن ذلك، أسهمت الأغنية في تطوير قناعة راسخة بأهمية الفن، لاسيما الأغنية الوطنية، في صياغة الوعي الوطني وحشد الجماهير.

تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على أهم أغاني الثورة الجنوبية، مما يساهم في تعريف الأجيال الجديدة بتاريخ نضال شعبهم. كما تسعى إلى تدوين هذه الأغاني بالنوتة الموسيقية، وذلك للحفاظ عليها من الضياع ونقلها للأجيال القادمة. من خلال هذه الدراسة، نسعى إلى إبراز القيمة التاريخية والثقافية لهذه الأغاني، وتأكيد أهميتها في فهم تطور الحركة الوطنية الجنوبية”.

المشكلة وتساؤلاتها:

الأغنية الوطنية تشكل جزءًا لا يتجزأ من الهوية الوطنية. ومع ذلك، فإن تأثير الأغنية الوطنية على السلوكيات والمواقف الاجتماعية والسياسية لم يحظَ بالاهتمام الكافي في الدراسات الأكاديمية، خاصة في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم العربي. هذا البحث يسعى إلى سد هذه الفجوة المعرفية من خلال دراسة عميقة لأثر الأغنية الوطنية على الهوية الوطنية في المجتمع العربي المعاصر. وسوف يتم جمع وتوثيق القصائد الغنائية الوطنية ودارسة مناسباتها ومضامينها، ودراسة ردود أفعال الجمهور عليها، وتقييم دورها في تعزيز الانتماء الوطني والتلاحم الاجتماعي.

وتعد الأغنية الوطنية المعاصرة في الجنوب تجربة فنية متطورة على مستوى العالم. فهي مرتبطة بشكل وثيق بالواقع المحلي منذ احتلاله حتى نيل استقلاله. وقد دفع الاحتلال والاستبداد اليمني خلال العقود الثلاثة الأخيرة إلى تطوير الأغنية الوطنية في الجنوب، حيث أضفت هذه الظروف أبعادًا إنسانية عميقة على مضمونها وأشكالها التعبيرية. كما تأثر تطور الموسيقى في الجنوب بالتطورات التي شهدتها القضية الجنوبية على الصعيدين المحلي والعربي والعالمي. وقد استطاعت الثورة الجنوبية ضد الاحتلال البريطاني، عبر وسائلها العسكرية والسياسية والثقافية، أن تصل بصوتها العادل إلى مناطق مترامية الأبعاد، وتحقق حضورًا لافتًا. وهكذا أصبح على الفنان أن يعي هذا التطور، وأن يكون قادرًا عبر لغته الموسيقية على حمل صورتها للداخل والخارج، ومخاطبة الناس.

ومن خلال هذا الورقة البحثية، نأمل أن نسهم في فهم أعمق لدور الأغنية الوطنية في تشكيل الوعي الجمعي وتوجيه السلوكيات منطلقين بهذه الخطوة من خلال البحث عن أجوبة للأسئلة التالية:

  1. ما الأغنية الوطنية، مفهومها، وظيفتها، أنواعها؟
  2. ما هو دور الأغنية الوطنية في مقاومة الاحتلال البريطاني في الجنوب العربي؟
  3. كيف استخدمت الأغنية الوطنية كسلاح في النضال الوطني ومقاومة الاحتلال البريطاني؟
  4. ما هي الدور الذي لعبته الأغنية الوطنية الجنوبية في تثوير الثورة ضد الاحتلال البريطاني؟

أهداف الدراسة:

بناءً على الأسئلة المطروحة حول دور الأغنية الوطنية في النضال ضد الاحتلال البريطاني في الجنوب العربي، فإن الدراسة تسعى إلى تحقيق الأهداف الآتية:

1- التعرف على الخصائص الفنية لأغاني الثورة في الجنوب العربي.

2- التعرف على ملامح الأغنية الوطنية الجنوبية.

3- نشر بعض نماذج من هذه الأغاني الوطنية.

4- التعريف ببعض الملحنين الذين أسهموا في إبداع هذه الأغاني.

5- التعرف على أهم الوسائل التي ساعدت على نشر هذا التراث بين صفوف أبناء الجنوب في الداخل والخارج.

منهج البحث وحدود البحث:

اعتمد الباحث على المنهج الوصفي التحليلي، وهو المنهج الأنسب لدراسة الظواهر الثقافية، لتحليل الأغاني الثورية الجنوبية في الفترة من 1930 إلى 1967. وقد ركز البحث على الأغاني التي انتشرت عبر إذاعات عربية وإقليمية، والتي غنتها الفرق الموسيقية الجنوبية، وتضمن أنواعًا متنوعة مثل القصائد والأغاني الحماسية والسياسية والأناشيد.

***

المبحث الأول:

الأغنية الوطنية الجنوبية، المفهوم والأهمية

الموسيقى والأناشيد الوطنية هي قلب الثورات ونبض الشعوب. منذ القدم، استخدمت هذه الألحان لتوحيد الجماهير، وحشد العزائم، ونشر الوعي الوطني. في كل ثورة ونهضة، كانت الموسيقى هي الشرارة التي تشعل الحماس وتلهم التضحية. إنها لغة عالمية تفهمها كل القلوب، وتجمع الناس على هدف واحد: الحرية والاستقلال والكرامة[1]

أولًا: مفهوم الأغنية الوطنية

يعرفها معجم المصطلحات الأدبية بأنها قطعة شعرية غنائية اسمها مأخوذ من كلمة ألمانية أغنية واتسع معناها ليشمل أكثر من معنى[2]، الأغنية الوطنية ليست مجرد لحن وكلمات، بل هي مرآة تعكس هوية الأمة ونبض روحها. تسهم في تعزيز الانتماء والولاء للوطن، وتغرس في نفوس الأجيال القادمة القيم النبيلة والتراث الثقافي. تلعب دورًا حاسمًا في توحيد الصفوف، وتذكير الشعب بتاريخه المجيد ونضالاته. علاوة على ذلك، فإنها تسهم في بناء مجتمع قوي ومتماسك، وتُلهم الأفراد لتحقيق الأهداف الوطنية. الأغنية الوطنية ليست مجرد وسيلة للتعبير عن الحب للوطن، بل هي أداة فعالة لبناء الأمة وتطويرها.

أهمية الأغنية الوطنية:

الأغنية الوطنية، بتعبيرها العميق عن الحب والانتماء للوطن، تلعب دورًا حيويًا في تشكيل الوعي الوطني لدى الشباب وتعميق جذور الولاء والانتماء، الأغاني الوطنية، بوصفها تراثًا ثقافيًا ثمينًا، تحتل مكانة خاصة في ذاكرة الشعوب. فهي تعبر عن أعمق مشاعر الحب والولاء للوطن، وتجسد روح الشعب وتطلعاته. تعبر الأغنية الوطنية عن الولاء للوطن وقادته، وتجسد حب الفنان العميق لأرضه وشعبه، معبرًا عن ذلك بصدق ومشاعر صادقة. توفر الأغنية الوطنية منصة للتعبير عن الفخر بالهوية الوطنية، وتحفز الأفراد على تمثيل وطنهم بكل فخر واعتزاز. تشير الدراسات إلى أن الغناء الجماعي للأغاني الوطنية يسهم في تعزيز التماسك الاجتماعي، ويرسخ الهوية الوطنية لدى الأفراد. الأغنية الوطنية هي مرآة تعكس تاريخ الشعب ونضالاته، وتسهم في الحفاظ على التراث الثقافي.

ثالثا: أنواع الأغنية الوطنية:

الغناء العربي أنواع وأشكال أو صيغ معينة ولكل نوع من هذه الأنواع سمات معينة وإطار خاص سواء من حيث النظم أي التأليف اللفظي أو البناء اللحني الذي يلتزم به كل من المؤلف والملحن. وهذه الأنواع هي: القصيدة – الموشح – الدور – الموال – الطقطوقة (الأهزوجة) – المونولوج – الأغنية الشعبية – الأغاني الدينية – النشيد… وأغاني الثورة الجنوبية المناهضة للاستعمار البريطاني اقتصرت على خمسة أنواع من أشكال التأليف العربي وهي: (القصيدة – النشيد – الموال – الأهازيج (الأغاني الكلاسيكية) – الأغاني الشعبية) لمناسبتها للدور الذي تلعبه هذه الأغاني والذي يتلاءم مع الغناء الوطني.

فالقصيدة: هي عبارة عن شعر عربي فصيح تتكون من مجموعة من الأبيات الشعرية الموزونة والمقفاة ذات البحر الشعري الواحد وينفرد المطرب بأدائها دون مصاحبة لجماعة المنشدين. وكانت القصيدة في مرحلتها الأولى تعتمد على الارتجال، ولم يكن لها لحن ثابت، ومع تقدم الفنون الموسيقية أصبح لها بناء لحني لا يخرج عنه كل من يؤديها من المغنيين.

ويُطلق اسم الأغنية الوطنية على تلك التي تتغنى بقيم الانتماء والولاء للأرض والوطن، وترفع من شأن معاني الاعتزاز بالهُوية والفخر بالإنجاز. وأحيانًا تتداخل الأغنية السياسية بالوطنية في حال انطلق نقد الأولى من قيم وطنية عليا.

وتميز “النشيد الوطني” بكونه يؤدى من خلال كورال جماعي، مع ميل واضح للتحريض وإلهاب الحماسة وحضور تماس لا تخطئه الأذن الموسيقية، مع هيمنة الإيقاع العسكري، فيما يبقى انضباط “المجموعة” لنص النشيد والتزامها بعدم الخروج عنه أهم الخاصيات، التي تميز “النشيد الوطني” عن “الأغنية الوطنية”.

“الأغنية الوطنية” تتميز بكونها تؤدى بصوت مغني “منفرد” مع ميل صريح إلى “الطربية” وترخيص مسبق بإمكانية الخروج عن النص الغنائي وهي خاصية غير متوفرة في النشيد، الذي يجتمع فيه “جمْع” من المنشدين لا يسمح لهم بالارتجال عند الأداء[3].

وترتبط “الأغنية الوطنية” ارتباطا عضويا بنبض الوطن في أي بلد من بلدان العالم عبر كل مراحل التاريخ. ولذلك فـ”الأغنية الوطنية” تزدهر مع حالتين: حالة “الاستعمار” والتوق للتحرر وحالة “الخطر الخارجي” رغم ثبوتية الاستقلال والسيادة الوطنية. ولكنها تضمر مع هيمنة الفساد والاستبداد وإهمال أحوال البلاد والعباد، بحيث يعتقد “رجل الشارع” بأن الوطن أهمله وأن من الواجب رد خيار الإهمال بالإهمال[4].

وتعد القصيدة المغناة، فصيحة أو عامية، ” إحدى اهم الوسائل لاستثارة الجماهير وإقناعهم بالثورة والنضال والكفاح من اجل تحقيق الاستقلال؛ وذلك لما للأغاني من قدرة على الانتشار لدى كل فئات الشعب من المتعلمين والاميين، واقترن الشعر فيها بالموسيقى يجعله سهل الحفظ وسريع الدوران ومن ثم أكبر قدرة على التأثير”[5]

مراحل تطور الأغنية الوطنية في الجنوب

تُعدُّ الأغنية الوطنية ركيزة أساسية من ركائز التراث الثقافي والفني لأي شعب، فهي توثق تاريخ النضال، وتسهم في نقل الروح الوطنية من جيل إلى آخر. لقد شكل البعد الثقافي، ومن بينه الأغنية الوطنية، حصنًا منيعًا لحماية هوية الشعوب واستمراريتها.

لم تكن الأغنية الوطنية في عدن ولحج خلال الخمسينات منفصلة عن السياق العربي العام، بل كانت متأثرة بالثورات العربية التي اجتاحت المنطقة في ذلك الوقت، مثل ثورات مصر والجزائر. وقد لعبت دورًا محوريًا في تحفيز النضال ضد الاستعمار البريطاني، حيث كانت تدعو إلى المقاومة والتضحية”.

الأغنية الوطنية هي وثيقة الشعب الجنوبي في كل مراحله السياسية، عبّرت عن واقعه بدءًا بمقارعة الاحتلال البريطاني، وصولًا إلى النكبة اليمنية، وإلى حد عصرنا الحاضر.

تمثل الأغنية الوطنية المعاصرة تجربة من التجارب الموسيقية الطليعية في العالم وتجربة متطورة، فهي تتميز بارتباطها العضوي بالواقع المحلي في الجنوب منذ احتلاله حتى نيل استقلاله، وقد تطور هذا الفن في العقود الثلاثة الأخيرة من الاحتلال والاستبداد اليمني للجنوب دفع الأخيرة باتجاه الأبعاد الإنسانية التي غذت مضامينه وأشكاله التعبيرية، ومن المؤكد أن التطور الموسيقي الذي وصلنا إليه هو نتيجة مراحل متنوعة مثلتها مختلف التجارب الفردية، ونتيجة إضافات وضعها الموسيقيون على اختلاف أساليبهم، ولا شك أن هذا التطور الموسيقي هو أيضًا نتيجة للتطور الذي حدث على صعيد القضية الجنوبية محليًا وعربيًا وعالميًا. ولقد استطاعت الثورة الجنوبية ضد الاحتلال البريطاني، عبر وسائلها العسكرية والسياسية والثقافية، أن تصل بصوتها العادل الى مناطق مترامية الأبعاد، وتحقق حضورها، وهكذا أصبح على الفنان أن يعي هذا التطور، وبالتالي أن يكون قادرا عبر لغته الموسيقية على حمل صورتها للداخل والخارج، ومخاطبة الناس.

المبحث الثاني:

شذرات من الأغنية الوطنية الجنوبية

تُعدُّ الأغنية الوطنية مرآة عاكسة لروح الشعوب، حيث يعبر الفنانون فيها عن أعمق مشاعرهم تجاه وطنهم. ونجد أن الفنانين يعبّرون عن ولائهم وحبهم للوطن بألحانٍ صادقة وكلماتٍ مؤثرة. لم تكن الأغنية الوطنية في الجنوب العربي منفصلة عن السياق العربي العام، بل كانت جزءًا لا يتجزأ من الثورات العربية التحررية. فقد استلهمت إيقاعاتها من البحر والشواطئ، وتناولت في كلماتها أحداثًا تاريخية مهمة مثل النضال ضد الاستعمار. هذه الأحداث شكلت هُوية الأغنية الوطنية، وأضفت إليها عمقًا وخصوصية.

تُعد عمل فني، فهي أداة قوية للتوعية والتغيير الاجتماعي. فهي تجمع الناس وتوحدهم حول هدف واحد، وتعزز الهوية الوطنية. كما أنها تلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على التراث الثقافي ونقله للأجيال القادمة.

لقد امتلك الجنوب تراثًا غنائيًّا وطنيًّا هائلًا، وفرقًا نحاسية عسكرية على درجة عالية من الإبداع، وقد أبدعت تلك الفرق قصائد وألحانًا وأغاني وطنية وسياسية لكثير من سلطنات الجنوب، والمدارس والمعسكرات، وفرق الكشافة فمنذ مطلع القرن العشرين برزت القصائد الوطنية والسياسية المعبرة عن تطلعات الشعب في الجنوب.

إنّ لحجًا تتميزُ ببعدٍ ثقافي في الجنوب العربي وخاصة تلك البقعة الممتدة على دلتا تبن المعروفة بلحج الخضيرة ومدينتها (حوطة لحج العبدلية)، أكثر المناطق الأخرى من الجنوب العربي عمقًا في التاريخ، وذكرها الكثير من المؤرخين بعمقها التاريخي ما قبل الميلاد، كما أشار بعضهم قبل آلاف السنين.

ولحج تميزت بالعمق التاريخي عن غيرها من المدن الجنوبية بشكل عام كما  ذكرت كتب التاريخ من المدن التي سادت آنذاك والدليل على ذلك ما وجدت  من آثار في مدينة  صبر  من مديرية تبن، وتلك الحفريات التي قامت بها البعثة الألمانية في عام 1996م  ووجود دولة باسم (صبرم)، وما كشفته الحفريات بمدينة الزجاج أو ما لحظه بعضهم من شهود العيان عن قرب ظهور قطع أثرية مثل قطع فخارية والتماثيل البرونزية والانحراف للأرض والبناء عليها كما هو في منطقة (بلقاسم)، قرب بستان الحسيني شمال مدينة الحوطة، وهناك مناطق أخرى كمنطقة (الرعاع) و(أم ابه)،  وكما تسمى (الميبة) وكما يؤكد أحد الباحثين الزارعين من أبناء الحوطة بوجود نهر أو مجرى نهر كان يجري فيه اللبن والعسل من مدينة الرعاع[6].

الحوطة، عاصمة السلطنة العبدلية لحج، كانت بمثابة ورشة عمل لإنتاج الأغاني الوطنية. فقد تلاقحت فيها الأصوات المبدعة أمثال الأمير أحمد فضل القمندان، والأستاذ حسن عطا، والأستاذ عبدالله هادي سبيت، والفنان فضل محمد اللحجي، وغيرهم كثير. وقد أسهم هؤلاء الفنانون في صياغة هوية الأغنية الوطنية اللحجية، حيث غنوا عن الوطن والحب والحرية، مستلهمين إيقاعاتهم من الطبيعة الخلابة للحجاز. وكانت أغانيهم بمثابة سلاح نضالي ضد الاستعمار، وحافزًا للتلاحم الوطني”.

لا نحتاج للبحث بعيدًا، فشُعراء لحج، القدماء والجدد، قد غنوا بحب وطنهم بأبيات شعرية مؤثرة. ومن أبرز هؤلاء الشعراء، الأمير أحمد فضل بن علي العبدلي الملقب بالقمندان، الذي عبر عن حبه العميق لوادي تبن بقوله:

سل لنا لبنًا وشهدًا أيها الوادي تبن

يبني الأوطان هيا

احملوا معنا السلاح“.[7]

في هذا البيت الشعري، يدعو القمندان إلى التضحية والفداء من أجل الوطن، مستلهمًا من طبيعة وادي تبن الخلابة. وقد قيل هذا البيت في سياق النضال ضد الاستعمار، حيث كان الشعراء يستخدمون كلماتهم كسلاح لمواجهة الظلم والطغيان”.

يستمر الأمير أحمد فضل القمندان في قصيدته، متنبئًا بنصر قريب، قائلًا: “إنما الفجر لأهل السيف في يوم الكفاح”. وبهذه الكلمات، يعبر عن إيمانه الراسخ بانتصار الحق، ويشجع أبناء وطنه على الصمود والمقاومة. وفي بيت آخر، يوجه خطابه إلى لحج قائلًا:

“أيه يا لحج وطننا،

اقبلي الروح فداء”.

يعبر هذا البيت عن استعداد الشاعر للتضحية بحياته فداءً للوطن، مؤكدًا على عمق حبه وانتمائه. واستمر الشاعر والفنان الكبير (الأمير القمندان) في القصيدة إلى قوله:

أيه يا سادات البلاد

نحن جندكم الكرام

جاهدوا معنا العوادي

واقبلوا منا السلام

 تعكس هذا الأبيات الشعرية لـ الأمير القمندان روح التحدي والإصرار على النضال. فهو يخاطب سادات البلاد، أي قادة الوطن، ويؤكد لهم ولاء الشعب وجاهزيته للقتال دفاعًا عن الوطن. يمكن تحليل البيت على النحو التالي: “أيه يا سادات البلاد”: نداء مباشر وقوي لقادة الوطن. “نحن جندكم الكرام”: تأكيد على الولاء والانتماء للوطن والقادة. “جاهدوا معنا العوادي”: دعوة صريحة للقادة والشعب للعمل معًا لمواجهة الأعداء. “واقبلوا منا السلام”: تأكيد على السلام بوصفه هدفًا نهائيًا بعد النصر.

وتعد قصيدة “طلبنا الله ذي يغفر ويرحم” للقمندان شاهدًا على روح المقاومة والتحدي التي كانت تسود المجتمع اللحجي في مواجهة الغزو العثماني. وقد استخدم القمندان في هذه القصيدة لغة شاعرية قوية ومؤثرة، حيث وصف الأحداث بصور حية، واستخدم الأسلوب الحماسي لتحريض الناس على القتال. ففي هذه القصيدة، نجد القمندان، وهو يصور العثمانيين وهم محاصرون من كافة الجهات، ويتوعدهم بالهزيمة والدمار. وقد كان لهذه القصيدة تأثير كبير في حشد الرأي العام، وحفزت الناس على المشاركة في مقاومة الغزو.

وفي قصيدة “يا رسولي”[8]، في عام 1927م يعبر القمندان عن غضبه واستيائه بلغة قوية ومباشرة للتعبير عن مشاعره، ويوجه انتقادات لاذعة للبريطانيين وحلفائهم من الأئمة:

يا رسولي سلّم لي على الأمْر محسن

واسْأَلُهْ في الدِّريجا لِيْهْ صايح ونادي

فين قُوم الرَّفَضْ ذي باتهِدْ أو باتْهِدِّن

قُلْ لِصالح عُبادِةْ أسأل أين أحمد عُبادي

كيف حال المُدُنْ ما عاد فيها مؤذّن

خاوية قَنْبَلَت فيها الطيور الحِدادي

عيب تِخْرِبْ مدنكم وبا يِخْسِفِ البن

في ذنوبَك كشفك الله خافي وبادي

لَنْتَ مجنون ما تِفْطَن حصل ذي يِفِطّن

يا مُخَبّا في الدِّبادب كُفّ العِنادِ

أنت مسؤول أن صاب اليمنْ جرح مزمن

من يَدَكْ خاف بايلبس ثياب الحِدادِي

يا لمجاهدْ خزاك الله كيهْ بَسّ سِكِّنْ

ايش بعد التخبّا في الدِّبَبْ من جهاد

اتقوا الله يا السادة نُبا الخلق تِفْهَن

يا أذيّةْ بني آدم وضيق العباد[9]

 أما في قصيدة “حيد ردفان”[10]، فيحتفل القمندان بالنصر الذي حققه الأمير نصر بن شايف على القوات العثمانية، ويصف هذا النصر بأنه انتصار للحق والعدل. يستخدم الشاعر في هذه القصيدة أسلوبًا حماسيًا، ويصور الأمير نصر بوصفه بطلًا قوميًا.

 وتعد قصيدة “الدعوة إلى التجنيد”[11] للأمير أحمد فضل القمندان من أهم القصائد الوطنية التي كتبها، والتي تعكس روح الوطنية والتضحية والفداء لدى الشعب اللحجي. وقد لعبت هذه القصيدة دورًا مهمًا في حشد الشباب للانضمام إلى الجيش والدفاع عن الوطن.، بقوله:

يا بني الأوطان هيا

أحملوا معنا السلاح

إنما الفخر لأهل

السيف في يوم الكفاح

نحن بالحق حببنا

بالقلوب الوطنا

فلنا العز بحمل

السيف والفخر لنا

في المقطع السابق من القصيدة افتتحه بأسلوب إنشائي “يا بني الأوطان هيا“: هذا النداء المباشر يخاطب الشباب ويحفزهم على التحرك والعمل. كلمة “أوطان” هنا تحمل دلالة قوية على الانتماء والولاء. وفي قوله: “أحملوا معنا السلاح“: دعوة صريحة للقتال والدفاع عن الوطن، وتأكيد على أهمية القوة العسكرية في حماية الوطن. ليؤكد مقصد شعره بقوله: “إنما الفخر لأهل السيف في يوم الكفاح“: تربط هذه الجملة بين الفخر والشرف وبين حمل السلاح والقتال، وهي تحفيز قوي للشباب للانضمام إلى الجيش. ويكرر التأكيد بقوله: “نحن بالحق حببنا“: تؤكد هذه الجملة على أن القتال هو من أجل الحق والعدل، مما يعطي للقتال بعدًا أخلاقيًا.

تظل قصيدة “الدعوة إلى التجنيد” للأمير أحمد فضل القمندان شاهدًا على الدور الذي يلعبه الشعر في تشكيل الوعي الوطني وتحفيز الجماهير على العمل من أجل تحقيق الأهداف الوطنية.

وهذه القصيدة الحماسية الوطنية التي قام هو بتلحينها؛ ليشعل مشاعر الانتماء الوطني والمغالاة في تثمين الوطن بين الشباب في السلطنة، ويدعوهم لبذل أرواحهم من أجل الوطن والانضمام إلى الجيش الوطني الحديث التكوين للسلطنة العبدلية.

ولعل أشهر القصائد الوطنية التي ألفها القمندان هي النشيد الوطني للسلطنة العبدلية الذي كتبه الشاعر بالعربية الفصيّحة تحت عنوان «نشيد محبّة” الوطن» يقول فيها:

بلادنا.. نحبها

لحج وواديها تبن

فيها الجناحان بيزج

وفالج ربِّ اسقها حتى عدن

لحج الهنا تبن الرخاء

لله درك من وطن

بالروح نفديك وهل

لك أيها الوادي ثمن

“يبدأ الشاعر ببيان حبه العميق لبلاده، ويركز على لحج وواديها بوصفه رمزًا للوطن. كلمة “تبن” تعطي انطباعًا بالارتباط الوثيق بالأرض والوطن. وفي قوله: “فيها الجناحان بيزج وفالج ربِّ اسقها حتى عدن”: هنا، يستخدم الشاعر صورة شعرية جميلة لوصف الوطن، حيث يشبهه بطائر يرفرف بجناحيه، ويدعو الله أن يسقي هذا الوطن بالخير والبركة حتى يصل إلى عدن.

في هذا البيت “لحج الهنا تبن الرخاء”: يصف الشاعر لحج بأنها منبع السعادة والرخاء، ويؤكد على أهميتها بالنسبة له. ويختتم بقوله: “لله درك من وطن بالروح نفديك وهل لك أيها الوادي ثمن”: في هذه الأبيات، يعبر الشاعر عن استعداده للتضحية بحياته من أجل وطنه، ويؤكد على أن الوطن لا يقدر بثمن.

وقد قامت بغنائه فرقته الموسيقية العسكرية على ألحان قام هو بوضعها، في القصيدة التي تتألف من ثمانية أبيات يتحدث الشاعر بصيغة الجمع عن مواطني السلطنة العبدلية ليعبّر عن حبّه للحج وواديها تبن ورغبته في التضحية بروحه في سبيل الوطن الذي لا يقدّر بثمن، ولا ينسى الشاعر أخاه السلطان الذي يحيّيه في آخر أبيات القصيدة.

وله قصيدة مغناه بعنوان «الدعاء السلطاني العبدلي» وتسمى أيضًا «السلام السلطاني»[12].

 وإلى جانب القصيدة التي أطلقها بعد هزيمة العثمانيين في العراق، وفيها يبتهل بالنصر ويهنئ العرب به، فدائمًا ما يذكر في قصائده مختلف الأقطار العربية، ومن القصائد ما فيها دلالات واضحة على وعيه القومي العربي، ومن ذلك قصيدة «الفقيد العظيم»[13] التي ألفها في حفل تأبين الملك غازي بن فيصل ملك العراق، فيقول:

إنَّ قَلْبِي لَمْ يَعُد في أضْلُعي

كُلما أَحسَّ بِشَقاء العَرَب انْ

ويقول كذلك في القصيدة ذاتها:

لتحيا العراق وتحيا الحجاز

وتحيا فلسطين وتحيا الشام

إن قصيدة “الفقيد العظيم” التي ألفها الأمير أحمد فضل القمندان في حفل تأبين الملك غازي بن فيصل ملك العراق من الأعمال الشعرية التي تعكس عمق الحزن والأسى على فقدان شخصية عربية بارزة.  تعالوا نستكشف معًا معاني هذه الأبيات وما تحمله من مشاعر.

ففي قوله: “إنَّ قَلْبِي لَمْ يَعُد في أضْلُعي”: تعبير صريح عن عمق الصدمة والحزن الذي أصاب الشاعر بفقدان الملك غازي. وتشبيه القلب بأنه خرج من مكانه الطبيعي، مما يدل على اضطراب الحالة النفسية للشاعر.

وفي قوله: “كُلما أَحسَّ بِشَقاء العَرَب انْ”: ربط الشاعر بين حزنه على الملك غازي وبين معاناة العرب بشكل عام. ويشير إلى أن الملك غازي كان رمزًا للأمة العربية، وفقدانه يمثل خسارة كبيرة للعرب جميعًا.

***

وكانت ألحان حسن عطاء مطرزة بالكثير من العطاءات والابداعات الغنائية واللحنية سواء في مجال الأغنية العاطفية، أم الأناشيد الوطنية التي اشتهرت، ونالت إعجاب الجمهور وحبهم لفنه الراقي.. أكثر من نصف قرن حياة حافلة بالعطاء ليس فنيًا فقط بل تربويًا فقد كان مربيًا فاضلًا ومعلمًا ناجحًا تتلمذ على يديه العديد من الكوادر والأجيال الذين غرس فيهم روح الوطنية والانتماء للوطن والتشبث بالأرض والتمسك بالعزة والكرامة والحرية.. مناضل وطني أسهم في مختلف مراحل الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني بصوته شاديًا بأروع الأناشيد الثورية التي أشعلت روح الحماس في جماهير الشعب اليمني من أجل التحرر والاستقلال.

وتشير المعلومات في كتاب «نهر العطاء الدائم» الى أن الفنان حسن عطا كانت بدايته الفنية في سن مبكرة وعمره 17 عامًا عندما بدأ يلحن الأناشيد العربية والمحلية، بزغ نجمه من بين خاصرة الإبداع اللحجي ومن على قافلة الحرف الوطني بدأت مسيرته الفنية التي نجدها اليوم مطرزة بالكثير من العطاءات والإبداعات الغنائية واللحنية سواء في مجال الأغنية العاطفية، أم الأناشيد الوطنية التي اشتهرت ونالت إعجاب الجمهور وحبهم لفنه الراقي.. أكثر من نصف قرن حياة حافلة بالعطاء ليس فنيًا فقط بل تربويًا فقد كان مربيًا فاضلًا ومعلمًا ناجحًا تتلمذ على يديه العديد من الكوادر والأجيال الذين غرس فيهم روح الوطنية والانتماء للوطن، والتشبث بالأرض والتمسك بالعزة والكرامة والحرية.. مناضل وطني أسهم في مختلف مراحل الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني بصوته شاديًا بأروع الأناشيد الثورية التي أشعلت روح الحماس في جماهير الشعب اليمني من أجل التحرر والاستقلال.

إنه الفنان الكبير حسن عطا.. بطل الأناشيد ومقارع الاحتلال ومن تلك الأناشيد التي قدمها مع طلابه في المدرسة المحسنية بحوطة لحج عام 1945م نشيد كشفي مأخوذ من أحد الكتب السورية التي وصلت إلى المدرسة المحسنية بواسطة البعثة التربوية المصرية وكان زميله المعلم عبدالله عبدالقيوم، هو من اختارها لحسن عطا وتقول الأبيات:

كشاف يا وجه العلا وخفقة العلم

كن للبلاد الأمل والسيف والقلم

في حالكات النوب لا تهب.. لا تهب

واهتف بلاد العرب للعرب.. للعرب

وفي عام 1955م قام بتلحين عدد من الأناشيد المدرسية الشبابية، مثل:

إلى الجهاد زحفنا أسد العروبة جمعنا

الله حقق نصرنا فلتخضع الدنيا لنا

فلتخضع الدنيا لنا

وكان المد القومي العربي قد بدأ يصل إلى عدن ولحج كغيرها من المناطق الجنوبية التي بدأت تستشعر بالميل العربي والحب لثورة 23 يوليو 1952م، وظهرت تباشير الوعي الوطني توجه دفة المشاعر نحو التحرر والعزة والكرامة، وقد لحن الفنان حسن عطا أنشودة أخرى في عام 1955م، أيضًا من كلمات المربي الفاضل محمد حسن أفندي بعنوان «نشيد الجهاد» تقول في مطلعها[14]:

أنا رمز للجدود أنا شبل للأسود

عشت من أجل بلادي هي قصدي ومرادي

وبعد هذه التجربة مع عالم الألحان والعمل مع تلاميذ المدرسة المحسنية، اكتسب خبرة كبيرة أهلته للانضمام إلى ندوة الجنوب الموسيقية التي جاءت منذ تأسيسها لدعم الثورة الجزائرية، حيث أقامت عدة حفلات فنية في عدن ولحج، كان ريعها لدعم الثورة من جهة ومن جهة أخرى خلق وعي وطني يعمل على تعبئة الجماهير بأفكار الحرية وتطهير الوطن من الاستعمار.

وفي عام 1956م قام بتلحين قصيدة (ربي حماك) من كلمات الأستاذ سالم زين عدس مطلعها:

بلادي حماك رب السماء

بجيش وشعب وحامي الحمى

وكان حسن عطا «رحمه الله» قبل هذه الأنشودة والواقعة الشهيرة، قد قدم أغنية «أخي في الجزائر يا عربي»، وهي أيضًا من كلمات الشاعر صالح نصيب وألحان الأمير محسن بن أحمد مهدي، وقدمها في حفلات دعم ثورة الجزائر في مدينة عدن والحوطة ودار سعد سنة 1956م، وتقول كلماتها:

أخي في الجزائر يا عربي

تحدى فرنسا ولا تهب

فأنت الشجاع وأنت الأبي

عهدناك في الشرق والمغرب

فيا ابن الجزائر إنًّا هنا

سنفدي العروبة بدمنا

فأرض الجزائر من أرضنا

وجيش الجزائر من جيشنا

فرنسا فويل لك من رجال

أرادوا يعيشوا كعيشة جمال

بحرية حقه لا خيال

فهم يا فرنسا أسود القتال

وفي الحفل الذي أحيته الندوة في مدينة عدن الصغرى – البريقة بمناسبة العيد السادس لانتصار ثورة 23 يوليو وبمناسبة تأسيس النقابات الست التي كان يرأسها النقابي عبدالله علي عبيد، قدم الفنان حسن عطا أنشودة «أيها العمال هيا»، وهي من كلمات الشاعر صالح نصيب وتقول أبياتها:

أيها العمال هيا

هيا يا رجال

هذه الأرض تنادي والجبال

هيا يا رجال أتبعوا جمال

أيها العمال يا عرب الجنوب

إن نصر الله من نصر الشعوب

فانصروه اليوم ينصركم غدًا

حين تخلو الأرض من ظلم العدا

عندما قدم الفنان حسن عطا هذه الأغنية على مسرح «شركة B.P»  مصافي عدن، هاجت الجماهير مرددة النشيد وقررت السلطات الاستعمارية في تلك الأثناء اعتقال الفنان حسن عطا، ولكن الجماهير الحاضرة في الحفل منعت اعتقاله، وحالت دون تنفيذ أمر الاعتقال، وقامت بتهريبه من عدن إلى لحج..

وقدم كذلك أنشودة «ثورة» من كلمات الشاعر صالح نصيب، وألحان حسن عطا، تقول بعض أبياتها:

باسم هذا التراب والفيافي الرحاب

والجبال الصعاب

سوف نثأر يا أخي

إن في الثورات موتًا

ومن الموت حياة

إن في الثورات نصرًا

تسمع الدنيا صداه

إنها ليست خيال

فأسالوا عنها جمال

فهو قهار المحال

وفتى قوميتي.

وإذا كان الشاعر (الأمير القمندان)، سطر هذه الكلمات في الثلاثينات من القرن الماضي، فانظروا ماذا قال الأستاذ الأديب الشاعر خليفة القمندان عبدلله هادي سبيت في الخمسينات من القرن نفسه – تحديدًا في عام 1955 م بمناسبة عودة البعثة اللحجية الثانية من خريجي الجامعات المصرية حيث قال:

يا لحج هذه بصاباتي بقطعها

عودي لينشر أفكاري ورائي

يا لحج هذه كنوز الأرض

قد دفنت في التراب

لكن القوم غير الفائي

هذا الشاعر حمود نعمان (أبو كدرة)، في خيبة إلى لحج مسقط رأسه وهو في الغربية في منطقة (صلالة) في سلطنة عمان، حيث قال:

قادني الشوق إليها وظروفي تقتضيها

وأصبحت ألف على

علل النفس لديها

لك أمان بقلبي

طائرات فامتطيها

لك في الرياح مني نسمة فاسترديها

وتعد قصيدة “أخي كبلوني وغل لساني” للشاعر لطفي جعفر أمان 1954م من القصائد القوية التي تعبر عن روح التمرد والرفض، وتجسد صراع الفرد مع المجتمع والقوى التي تسعى إلى كبت حريته. وتتميز هذه القصيدة بلغة شاعرية قوية وصور بديعة تعكس عمق المعاني التي تحملها. الأغنية من تلحين وأداء الفنان محمد مرشد ناجي:

أخي كبلوني وغل لساني

واتهموني

بأني تعاليت في عفتي

ووزعت روحي على تربتي

فتخنق أنفاسهم قبضتي

لأني أقدس حريتي..

يبدأ الشاعر بتوجيه الاتهام إلى أخيه، “أخي كبلوني وغل لساني“: وهو رمز لأي قوة تسعى إلى تقييد حريته وكبت صوته. كلمة “كبلوني” تدل على القيود التي وضعت على الشاعر، وكلمة “غل لساني” تعبر عن محاولة إسكاته ومنعه من التعبير عن رأيه. ويستمر الشاعر بسرد الأحداث الكيدية، بقوله: “واتهموني بأني تعاليت في عفتي”، ليؤكد الشاعر على أنه يتعرض للاتهام بسبب تمسكه بقيمه ومبادئه، ويرى أن هذا التمسك بالعفة هو ما أثار حفيظة الآخرين. وكذلك اتهم بأنه “ووزعت روحي على تربتي”، تشير هذه العبارة إلى عمق ارتباط الشاعر بوطنه وأرضه، وتعبير عن استعداده للتضحية من أجلها. وهنا يؤكد الشاعر الحقيقة الحتمية بقوله “فتخنق أنفاسهم قبضتي”، يؤكد الشاعر على أنه لن يستسلم للقوى التي تسعى إلى كبته، بل سيقاومها بكل ما أوتي من قوة. معللا ذلك بقوله: “لأني أقدس حريتي”: وتختتم القصيدة بتأكيد الشاعر على أهمية الحرية بالنسبة له، وعدّه إياها قيمة مقدسة لا يمكن التنازل عنها.

إن تشكيل تعزيز الهوية كان بمثابة البؤرة لتكون أيقونة تدفع النضال ضد الاستعمار من خلال الأغنية التي برز فيها مصطلح (الجنوب) واضحًا. فالجنوب كجهة جغرافية في هذه المرحلة كان منسوبًا للعرب، فهو كيان مستقل يمثل بقعة جغرافية تقع جنوب الجزيرة العربية، وليس كيانًا جغرافيًّا يتقاسم الجغرافيا مع كيان جغرافي آخر، في هذه المدة (الجنوب العربي) كان توصيفه مستقلًا وليس شطرًا في مكون جغرافي. ويلحظ القارئ عدم وجود اليمننة في المنجز الشعري الذي أنتج في هذه المدة، في مرحلة قبل الاستقلال، كما نجدها في أشعار القمندان، كقوله:

يا عرب في عـدن جنوب الجزيره

قسمــًا والصـافـنــات المُغيـره

ما اتركْ الهركلي مولى الضفيره

با يقـع في الهوى شدّه بكيره.

هذه الهوية الجنوبية مترسخة في أعماق الوجدان الجنوبي الشعري والسياسي)، بل وفي نشيده؛ إذ كتبت صحيفة صوت الجنوب بالبنط العريض على رأس صفحتها الأولى: الجيش يقدم للاتحاد نشيدًا وطنيًّا هدية، وبرزت بصمات المايسترو حسين عبدالقوي عندما وضع لحن لهذا النشيد، وكان النشيد “من كلمات الشاعر لطفي جعفر أمان وقام المايسترو بعد ذلك بكتابة النوتة الموسيقية للنشيد وملخص السلام الوطني”. وتقول كلمات هذا النشيد:

عشت يا هذا الجنوب وحدة بين القلوب

من أرادات الشعوب

عشت حرًّا في إباء شامخًا في كبرياء

وتحدٍ للخطوب

عشت حرّ المطلب همّة من لهب

تدفع الحر الأبي

قد رفعنا بالجهاد راية الاتحاد

في الجنوب العربي

جاءت لفظة الجنوب في أوله وآخره، وركز على معان وقيم اللحمة الجنوبية (عشت يا هذا الجنوب وحدة بين القلوب)، وجمع في ثنايا نصه قيم الحرية (عشت حرًّا في إباء)، والشموخ (شامخًا في كبرياء)، والتحدي (وتحدٍ للخطوب)، والجهاد (قد رفعنا بالجهاد راية الاتحاد).

ويبدو من حديث الأستاذة نادرة عبدالقدوس أن هناك نشيدًا كان يردد في مدارس عدن، قبل الاستقلال، هي أنشودة “بلادي وإن سال فيك الدم”، وكانت “من تأليف الشاعر الفذّ عبدالله هادي سبيت، وغناء الأسطورة أحمد بن أحمد قاسم، رحمهما الله، وأغلب الظن أنها كانت من تلحين أحمد قاسم”.

تقول الأغنية الوطنية:

بلادي وإن سال فيك الدم

ففي ذلك الشرفُ الأعظمُ

بلادي ومَهْدَ أبي والجُدود

صَحَوْنا لِنَكْسِرَ تلك القيود

فها الشعبُ سادَ ويمضي يسود

وها الليلُ جادَ ويمضي يجود

فكم مِن بَطَل عليه العمل وفيه الأمل

لِيجْعلَ منكِ عَرينَ الأسود

بلادي بلادي بلادي

بلادي بلادي اسلمي وانعمي

سأرويكِ حِينَ الظَمأ مِن دَمِي

وربِّ العُروبةِ لن تُهزَمي

ومَن أكملَ الدينِ للمُسْلمِ

سنحمي الجبال وتلك التلال

به يُكتَبُ النصرُ للمسلمِ

بلادي بلادي بلادي.

ندوة الجنوب الموسيقية الأولى:

لقد شهدت حركات التحرر العربية نضالات ثورية توجت بثورة مصر في عام 1952م، تلك الثورة التي احتضنت الثورات العربية اللاحقة ومنها ثورة «المليون شهيد» بالجزائر التي انطلق ماردها في عام 1954م، وخلال تطور مراحل الثورة في العالم العربي كانت ثورة «أوراس الجزائر المسلحة» هي التي ألهبت شعور الجماهير العربية، وكان فنانو لحج والجنوب قد بلغت بهم ذروة الحس الوطني والقومي إلى حد لا يقاس وجمعت التبرعات في كل البلاد العربية للمجاهدين في الجزائر، وسخّر الفنانون في لحج أدبهم وفنهم في الحفلات التي كان ريعها لصالح جبهة التحرير الجزائرية، ففي عام 1957م أسس شاعرنا الكبير الأستاذ عبدالله هادي سبيت ندوة الجنوب الموسيقية من مجموعة كبيرة من الفنانين والعازفين والمغنيين والتي بدأت بإحياء تلك الحفلات، وكان فضل أول من لبى دعوة الأستاذ سبيت لانضمامه إلى الندوة حيث شارك في حفلات الجزائر التبرعية التي شهدتها مدينة لحج وعدن ودار سعد بوصفه عازفًا على الكمان إذ كان من أبرع العازفين عليه، وتلك الحفلات التي شهدت عددًا من الأناشيد الوطنية منها:

أشرقي يا شمس من أرض العروبة أنها أرض الجلال” وقصيدة “يا شاكي السلاح شوف الفجر لاح” وقصيدة “ألا ليت لي موته على أرض الجزائر” لعبد الله هادي سبيت وأغنية “لله درك يا الجزائر ألف در” و أغنية ” أبطالنا الشجعان” لعلي عوض مغلس، وأغنية “أخي في الجزائر يا عربي، تحدى فرنسا ولا تهب“، لصالح نصيب وأغنية ” أنشودة للجزائر” عبدالله فاضل فارع [15].[16]

ومن ضمن رواد حركة التنوير الفنان الكبير الراحل رائد الأغنية الوطنية أسكندر ثابت، حيث أسهم بدور مهم في مجابهة المستعمر بأغانيه الوطنية المعبرة، التي كانت تذاع من خلال إذاعة صوت العرب، ومنها هذه الأغنية:

سلام ألفين للشجعان في الاشعاب والبندر

وعلى صوت العرب قاموا من أجلك

يا شعب الجنوب النصر يهنا لك

حلفت ايمان بالقرآن والخنجر..

أما الأغنية المدوية والمشهورة (أنا الشعب) وهي من كلمات الشاعر عبد العزيز نصر، فكان لها بالغ الأثر في تحقيق الاتصال الوجداني لأبناء الشعب، وللخلاص من الاستعمار، وهي تتحدث عن ثوران الشعب والتفافه حول ثورته الوليدة وهبته لنجدتها من كل سهل وجبل وواد واندفاعه لنصرتها ودق معاقل المستعمر، وسحق المرتزقة والعملاء، وتقول كلمات هذه الأغنية:

أنا الشعبُ زلزلة ٌعاتية

ستخمد نيرانَهمْ غضبتي

ستخرس أصواتهمْ صيحتي

أنا الشعبُ عاصفةٌ طاغية

***

أنا الشعبُ قضاءُ اللهِ في أرضي

أنا الشعب

على قبضةِ إصراري

سيفنى كلُّ جباري

ولن يقهر تياري

أنا النصرُ لأحراري

غداة الحشرِ في أرضي

أنا الشعب

***

أنا الماضي … تيقظتُ أرى مصرع آلامي

أنا الحاضر، أحلامي على مفرق أيامي

أنا المستقبلُ الزاحفُ في أرضي

أنا الشعب.

ليظل الغضب الشعبي بركانًا هادرًا وغضبًا لا يقف عند حد عاصفة طاغية، عبقرية القصيدة تأتي من الأفعال لا الكلمات، الشعب يتفجر زلزلةً وغضبًا في حدود المكان الأرضي، غضبةً تخمد نيران الطغاة وصيحةً تخرس أصواتهم….. وقد تهدأ العاصفة قليلًا ثم تبرد لتتأمل في حدود الزمان وأقاليمه (الماضي والحاضر والمستقبل) بلفتة كونية إنسانية تصل الشعب ليتعرف الشاعر أو الشعب من جديد على ذاته في الماضي ووجوده في الحاضر، ثم المستقبل الزاحف لهذه الذات.

هنا يعرِّف الشاعر نفسه في حدود الزمان والمكان كذات فردية ثم ينطلق من الفردية الإنسانية إلى المجموع الشعبي (أنا الشعب) يتحرك في حدود المكان(الأرض) وفي حدود الزمان (الماضي والحاضر والمستقبل).

في الماضي (يرى مصرع آلامه) وفي الحاضر (يعيش الحُلم، حُلم الحاضر الجديد) ثم يزحف بحلمه هذا نحو المستقبل يضمه حركة الكون والأرض (المكان).. ويصل كل هذه الأقاليم بناموس كوني إلهي أزلي (أنا الشعبُ قضاءُ الله)..

ومن النماذج التي تستنهض الهمم وتدعو الشعب لحمل السلاح، ومقاومة ظالميه ومحتليه، القصيدة الوطنية الغنائية «يا شاكي السلاح» وهي للشاعر الأستاذ عبدالله هادي سبيت، وقد حملت أبياتها الثورية والحماسية كثيرًا من الصور والمعاني الوطنية العظيمة، كما كان لكلماتها القوية ونبراتها الهادرة الأثر الكبير في نفوس الشباب الذين ازدادوا حماسًا وشوقًا للالتحاق بصفوف المناضلين والثوار والقصيدة من ألحان كاتبها، وصدح بها الفنان أحمد يوسف الزبيدي، وتقول:

يا شاكي السلاح شوف الفجر لاح

حط يدك على المدفع زمان الذل راح

يا شاكي السلاح

أرضي والنبي ويل الأجنبي

ديني ومذهبي يأمرني أن أحمل السلاح

يا الله يا شباب آن الاكتتاب

أرضك ملك لك والمغتصب حتمًا يزاح

يا شاكي السلاح

إن قصيدة “يا شاكي السلاح” هي قصيدة وطنية حماسية تدعو إلى النضال والمقاومة.  تتميز هذه القصيدة بلغة بسيطة وواضحة، وبصور شعرية قوية تعبر عن مشاعر الشاعر الوطنية.

يبدأ الشاعر بخطاب مباشر للمقاتل، داعيًا إياه إلى الاستيقاظ والنهوض لمواجهة الأعداء. كما جاء في قوله: “يا شاكي السلاح شوف الفجر لاح”، فقد رسم للفجر صورة ترمز إلى بداية عصر جديد، عصر النصر والتحرر.

وفي البيت الثاني “حط يدك على المدفع زمان الذل راح”: يحث الشاعر المقاتلين على الاستعداد للمعركة، ويؤكد لهم أن زمن الذل والاستعباد قد ولّى. ويكرر اللزمة بقوله: “يا شاكي السلاح أرضي والنبي ويل الأجنبي”؛ ليعبر الشاعر عن حبه الشديد لوطنه، ويدعو إلى الدفاع عنه بكل قوة. كما يهدد الأعداء بالعقاب؛ ليؤكد على أهميتها بقوله: “ديني ومذهبي يأمرني أن أحمل السلاح”، هنا يربط الشاعر بين الدين والوطنية، ويؤكد أن الدين يحث على الجهاد في سبيل الوطن.

ويبدأ الشاعر بتثوير الثورة بقوله: “يا الله يا شباب آن الاكتتاب”، يدعو الشاعر الشباب إلى الانضمام إلى صفوف المقاومة، ويؤكد على أهمية التضحية من أجل الوطن “أرضك ملك لك والمغتصب حتمًا يزاح”، يؤكد الشاعر على حق الشعب في أرضه، ويوعد بطرد المحتلين والمغتصبين.

ومن كلماته التي لحنت وغنيت قبل الاستقلال هذه الأغنية التي خاطب بها أبناء وطنه، ودعاهم إلى النضال والكفاح المسلح، ضد الاستعمار البريطاني:

يا ذى عشت في نارين

تتغسل بدمع العين

شوف الناس باليدين

هدوا الظلم في يومين

أوطانك لا ترضى لها بالذل

من شانك

كم ينفى وكم يقتل

والأحرار

ذا ما سألوا عنه

وسط النار

ربي سألتهم جنة

وقد لمّح بلفظة الاستقلال في أكثر من قصيده نحو قوله:

أيها المحتل أرضي؛ لا- وربي- لن تظلا

لا- ورب الكون- لن تلقى بها ماء وظلا

هاك تاريخي- من آفاقها اليوم- أطلا

صاح بي: كل شعب دونك اليوم استقلا[17]

أما أغنية (القطن) وهي من كلمات الشاعر عبدالله هادي سبيت التي أنتجها الفنان الثائر انطلقت بعد أن أدخل الإنجليز زراعة القطن إلى المنطقة، وقد لقيت هذه الأغنية رواجًا جماهيريًا لما تضمنته من صور ملهبة وكلمات حماسية، وكانت تقابل من قبل الجماهير بالحماسة:

قالوا لنا غيركم جابه يبا يحتل

جابه مثيل الشلل

يقضي على كل مفصل

هيهات والله ورب العرش ما نحتل

لا ذا ولا ذا حصل

إلا إذا الكل يقتل

والشاعر والفنان والملحن، محمد سعد عبدالله، اتجه يبرهن على أن الشعب قد شب عن الطوق، وأنه لم يعد ثمة مجال للمشاريع الاستعمارية، وحلقات التآمر الأنجلو سلاطيني حيث أبدع نصا غنائيا وطنيا في قالب عاطفي:

قال بن سعد قلبي فوش ياما صبر

وداخل الكأس تعذيبه وطعم المرارة

والذي حبهم ما عاد با ينفعوه

والفائدة منهم اليوم قدها خسارة

ومضى يسرد في قالب عاطفي مشاريع المستعمر وأزلامه.

عايدة كامل:

عمر الحر ما يرضى هوان

يا ردفان ثوري يا ردفان

قابلي العدوان بالعدوان

وافرحي بكفاح الشجعان

يا ردفان ثوري يا ردفان

يافع وعدن بكرة تثور

دم الغازي حيبقى بخور

وعلى الباغي الدنيا تدور

ولا يبقاش للغدر مكان

يا ردفان ثوري يا ردفان

وغنى العطروش:

يا لحج يا ضالع يا حوشبي يا حر

يا ساكني يافع يا أبين الأخضر

شعب الجنوب هيا ناضل لتتحرر

وغنى أيضا:

لا لا تخف مني

لسان حال الثائرين

ولا أخيف الآمنين

أنا الشعب أنا قنابل تدك وتدفع

أنا الشعب أنا مدافع تهد وتردع

أنا الشعب أنا بازوكا تهاوى وصدع

أنا الشعب لغم تفرقع ودك وزعزع

أتسمع وتسمع لا لا لا تخف مني

سأنزع اليوم حقي بيدي بالسلاح

إن السلاح إذا الليل جثم في صوته نور الصباح.

وفيما تصاعدت عمليات الثوار في الجنوب وبدأت الوقائع تعطي مؤشرات النصر القادم عبر عمليات نوعية كسقوط كريتر بيد ثوار الجبهة القومية في 20 يونيو 1967م بعد أسبوعين من نكسة 5 يونيو 67م بوصفها أول رد عربي على النكسة غنى لها محمد سعد عبدالله:

ولا با تنتسي يا يوم عشرين

من الخاطر ويا من عاش خبر

وأخذت مناطق الجنوب تتساقط تباعا بيد ثوار الجبهة القومية فإذا بـ 23 سلطنة ومنطقة تتحول إلى دولة واحدة مترامية الأطراف اسمها جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية وإذا بالجماهير تغني مع محمد محسن عطروش:

قولوا للتاريخ يفتح كتابه

ويسجل في الكتاب

ثورة شبابه

من شباب أرض الجنوب

قومية قومية لما نموت

من ردفان لما حضرموت([18])

وفي هذه المرحلة الثورية وجد الفنان الشاب فيصل علوي نفسه في معمعة الثورة، وبتشجيع من القائد سالمين صدع فيصل في رفد الحركة الوطنية الجنوبية بعدد من الأغاني الوطنية الحماسية أسهمت في تنمية الوعي وحب الوطن والفداء، وكان لمقتل الشهيد عبد النبي مدرم في عدن إيذانا بانطلاقة جديدة يقوم بها الشاعر أحمد عباد الحسيني نحو الشعر الوطني ومعه الفنان فيصل علوي فكتب الحسيني قصيدته التي تتغنى بأمجاد الشهيد مدرم، حين قال:

على عبد النبي الجيد المكرم

سلام الله ذي علا جنابه

سقط مدرم وهنا استشهد من ثم

على عنتر وسمعهم جوابه

وتوالت الأغاني الوطنية بين الشاعر أحمد عباد الحسيني والفنان فيصل علوي وكانت أغنية، سرت ليله على الفئران حية:

سرت ليلة على الفئران حية

من الهجمة ذي حبتهم عشيه

من الشارع صافوهم بالمدافع

قلوهم بالبرن ساعة قليلة

وجاء الفارسي من فجر ربي

يروي الشعب آثار السرية

وسوى كل شيء والشعب ينظر

لان الدار صوباته نكيه

وجندي الجيش والشرطة

رفض يسمع أوامر بربريه

والتقط الشاعر صالح نصيب أبيات هذه القصيدة وأضاف بعدها أبيات أخرى، استكمالا للقصيدة وعلى القافية نفسها قائلا:

وجاء بعده طفيليّ جد أهبل

يبا يحكم على لحج الأبيّة

يباها سلطنة بالعضب ترجم

ويصبح شعبنا تحته مطيىة

قسم بالله أقسمنا جميعا

أن نعدم ابني الغبية

ولمّا شافها شولا رجع فرّ

لحق أهله بلا صورة رضية

وتفاعل الشاعر أحمد صالح عيسى مع الجو الثوري الحماسي الوطني لهذه الكوكبة الأدبية الثائرة فقذف بنيران كلماته كنيران المدفعية، فقال:

صوت الهون يشجيني عاد البرن

لما صوته يدوي رأسي يحن

وأمسى الشعب آمن مطمئن

داري بالقذائف ساري عند من

وعند حلول شهر نوفمبر، وهو شهر الاستقلال المجيد الثلاثون من نوفمبر 1967م تغنى الشاعر أحمد صالح عيسى بهذا الشهر قائلًا:

نوفمبر اليوم جانا

عود لنا من جديد

فيه استعدنا الكرامة

وأصبح الكل سيد

أحرار في الأرض نحيا

نحيا على ما نريد

حياة تصبح جديدة

في مجتمعنا الجديد[19]

الفنَّان محمد محسن عطروش، هو الآخر من رواد الفن في الزمن الجميل الذي كانت عدن تعيش في العصر الذهبي بوجود قامات الفن كمحمد عطروش، المناضِل والثائر العتيد، والممزوج بحُبِّه للوطن ضد قوى الاستعمار، التي من أشهر أغانيه الوطنية الخالدة التي كانت تتويجًا لنضال ثوار أكتوبر العظماء، ومع مرور الزمن واشتداد المقاومة المسلحة وانتشار المظاهرات الطلابية والعمالية وكثافتها تتفجر الأغاني الوطنية الحماسية، داعية لمواصلة النضال عبر سلاح الكلمة واللحن والنغم، وقدمت حناجر الفنانين العديد من الأغاني الوطنية منها الأغنية الشهيرة أيضًا (برَّع يا استعمار) وهي من كلمات ولحن وغناء الفنان الكبير محمد محسن عطروش:

برَّع يا استعمار برَّع

ولى الليل يطويك التيار

تيار الحرية.. تيار القومية

برَّع يا استعمار برَّع

من أرض الأحرار برَّع

تيار الجبار خلى شعبي ثار

طيارتك يا استعمار ما تفزعني

وأنا ثابت والأنوار تضويني

ما ظلمك يا قرصان أيقظني

ولا سحرك بعد اليوم يعنيني

برَّع أقول لك برَّع شعبي ما بيذعن

برَّع وارجع بلدك لندن

 ومن الأغاني الجميلة لعطروش، التي تعيد للمستمعلهاا قرصان ا العظماء،

عر ا الذكريات الجميلة لعدن في الزمن الجميل، كأنها معرِّف سياحي، وتاريخي بمناطق عدن، وتركيبة الحياة فيها والتي هي من كلمات الشاعر أحمد سالم عبيد:

رحنا إلى البندر في شهر نيسان

نشتي نبيع الفل لكل ولهان

ضيّعت أنا خلّي واصبحت هيمان

روحت أنا والقلب في الشيخ عثمان

نادى عليْ أهيف من شبكْ روشان

قال لي قطفتْ الفل من أي بستان

هدّيتْ له بالفل من غير أثمان

هدّى بداله لي تفاح ورمان

أهيف وساحر آه والطرف نعسان

أنت السبب يا خل ضيّعت انسان

وأغنية (أيا ثورة الشعب) للفنانة رجاء باسوان

عمدنا الى راس اورسنا

وردفان اورسنا اجمعينا

عمدنا إليه سلاح الكفاح

 يصوبه نحو مستعمرين

 قضية شعب رفعنا مداها

إلى مستوى ثورة الثائرين

أيا ثورة الشعب دومي منارا

فانا بهدي ضياك اهتدينا

 لجئنا الى شامخات الجبال

 ومن شامخات الجبال ابتدائيا   

 ولعل أبرز الأناشيد الوطنية التي تغنت بثورة الرابع عشر من أكتوبر، وأشارت إلى عظمة هذا اليوم، أغنية الفنان يوسف أحمد سالم “الله الله يا أكتوبر”، للشاعر الكبير/ عبد الله عبد الكريم محمد؛ شاعر الروائع الغنائية التي شدا بها عدد كبير من المطربين. وهذه الأغنية من أكثر الأغاني حضورا في هذه المناسبة الوطنية؛ لبساطة كلماتها وصدقها، وخفة لحنها، ما يجعلها تعلق في ذهن المستمع من الوهلة الأولى:

الله الله يا أكتوبر

الله على نورك ببلدنا

الفرحة بقدومك تكبر

يا أحلى وأجمل أعيدنا

أكتوبر يا عيد الثورة

حطمنا فيك الأسطورة

وهتفنا لما تحررنا لما تحررنا

يا سلام على نورك ببلدنا

وفي فترة الستينيات إلى السبعينيات ظهرت العديد من الأغاني الوطنية، وكان من أهم العوامل وأقواها تأثرًا هو تشجيع جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية بعد الاستقلال في عدن 1967م بدعم الفنانين وتأهيلهم بالعلوم الأكاديمية الموسيقية، وإنشاء مركز لرعاية الفنون الشعبية، وبناء معهد للفنون الجميلة بعدن من أجل تأهيل الكادر الموسيقي والمسرحي والفنون التشكيلية، وقامت إذاعة عدن وتلفزيون عدن بتقديم أجمل الأغاني الوطنية وتشجيع الفنانين وتوثيق الأغاني الوطنية والموسيقى الشعبية، وتشكيل الفرق الموسيقية الوطنية وتزويدها بأرقى الآلات الموسيقية من أجل الإبداع الغنائي حرصًا كل الحرص على أصالة الأغنية وأساسيات وضعها من الناحية اللحنية، لأن دور الفنان لا ينحصر في تطوير وتقديم الأغنية الوطنية، ولكنه يحمل الرسالة الإنسانية بشكل صادق.

وللفنان الراحل أحمد بن أحمد قاسم العديد من الأغاني والأناشيد الوطنية والقومية الثائرة التي تعد الرقم الأبرز في تاريخ الأغنية الوطنية على الاحتلال، إحدى هذه الأغاني هي (من كل قلبي) وتقول كلماتها:

من كل قلبي أحبك يا بلادي

وأفديك بروحي ودمي وأولادي

مهما أسافر وأغيب عن عيونك

بقلبي أحبك

بروحي أصونك

وأغنية (بلاد الثائرين) لمحمد سعد عبدالله”)

 يا بلادي .. يا بلادي .. يا بلاد الثائرين
اوعدك اني اعيش العمر مخلص لك أمين
انت يلي تستحقي كل حبي والحنين
مسكنك في وسط قلبي انت في عيني اليمين
يا بلادي .. يا بلادي .. يا بلاد الثائرين

يا حياتي صدقينا لما اقول انك حياتي
يلي ذرة من ترابك عندي أغلى من حياتي
يا وجودي يلي من غيرك أنا مقدرش أعيش
لك في قلبي حب غالي للابد ما ينتهيش
يا بلادي .. يا بلادي .. يا بلاد الثائرين

وأغنية(يا سلام ثوري) للفنان الجحدري:

يا سلام ثوري على جيش شعبي

عندهم للخصم قطع النفوس

يحرسون الأرض ويحموا متارسها

ويمسوا على المكاسب حروس

ومن بينهم الفنان الكبير الراحل رائد الأغنية الوطنية أسكندر ثابت، فقد أسهم بدور مهم في مجابهة المستعمر بأغانيه الوطنية المعبرة التي كانت تذاع من خلال إذاعة صوت العرب، ومنها هذه الأغنية:

سلام ألفين للشجعان في الاشعاب والبندر

وعلى صوت العرب قاموا من أجلك

يا شعب الجنوب النصر يهنا لك

حلفت ايمان بالقرآن والخنجر..

لتبقى الملحمة البطولية مزهري الحزين “موكب الثورة”، تلك “الملحمة البطولية” التي تحكي تاريخ الاحتلال البريطاني وانتفاضة الشعب في الجنوب؛ ابتغاءً للاستقلال والحرية.. هذا العمل الفني الوطني الرائع والخالد يعد وثيقة تاريخية أبدعها شعرًا العظيم قدمه أحمد قاسم أواخر سبعينيات القرن الماضي, من كلمات لطفي جعفر أمان(باللغة العربية الفصحى) ومدته في التسجيل القديم نحو عشرين دقيقة، الجمال الشعري والموسيقي في هذا العمل يؤهله اليوم ليتحول إلى أوبريت أو مسرحية غنائية أو عرض لوحات، أو أوبريت ميداني أفضل ألف مرة مما شاهدناه حتى اليوم، هذا العمل العظيم المشهور بعنوان(يامزهري الحزين) يلخص فيه الشاعر الكبير لطفي والموسيقار أحمد قاسم قصة الثورة، فيقول في هذا العمل الفني العظيم:

في ليلة مسعورة الظلماء

وفدت إلى شواطئ قوافل الأعداء

يقودها القبطان(هنس)

انجليزي حقير

فبدر القلاقل وفرق القبائل

مدعيًا أن جدودي هاجموا سفائنه

ونهبوا خزائنه

وإننا بكلمةٍ غريبةٍ

قراصنة

فلكأنه كان يرتجي للحياة أن تزهر وتمتطي حقل السعادة

حين بدأ تلك الملحمة:

يا مزهري الحزين

من يرعش الحنين؟

الى ملاعب الصبا.. وحبنا الدفين؟

هناك.. حيث رفرفت

على جناح لهونا

أعذب ساعات السنين…

يا مزهري الحزين

الذكريات.. الذكريات

تعيدني في موكب الاحلام للحياة

لنشوة الضياء في مواسم الزهور

يستل من شفاهها الرحيق والعطور

ومن الأغاني التي تجسِّد صدق النضال في وجه المستعمر البريطاني أغنية “انتفضنا” للفنان أحمد بن أحمد قاسم، ومنها:

“اللي قال ما كنش كاذب

لما قال إن الأجانب:

فرقوا ما بيننا

نهبوا خيراتنا

كان مقدر إننا

يحكمونا الآخرون

إنما كل الحكاية مش كذا

والنضال ما كنش ضائع أو سدا

كان معانا الشعب في أرض المعارك

كان معانا الله ينصرنا يبارك

يا ما راحوا منا أكثر من عزيز

وانتهى الماضي وراح الانجليز

وانتصرنا وابتدينا بعد ذا نبني الوطن”.

أغنية ( هذا التراب) وهي من كلمات الشاعر الغنائي صالح نصيب ولحن الفنان حسن عطا، وهما من أبناء لحج الخضيرة، ملهبًا الأسماع والمشاعر، ومن كلماتها:

هذا يومكم يوم الشعوب

يوم أخذ الثأر بالدماء والنار

هيا يا أحرار نلحق الركب الأبي

إن في الثورة موتًا ومن الموت حياة

إن في الثورة نصرًا تسمع الدنيا صداه

إنها ليست خيالًا فسألوا عنها جمال

فهو صناع الرجال وفتى قوميتي

 النتائج والتوصيات:

توصلت الورقة البحثية إلى عدة نتائج منها:

  1. إن الأغنية الوطنية لعبت دورًا كبيرًا في تثوير الجماهير وتنمية وعيهم السياسي بقضايا الوطن، وقد تعددت مضامين الأغنية الوطنية الجنوبية؛ نظرا لاختلاف المناسبات الوطنية والقومية والاجتماعية، حيث يعبر الشاعر من خلالها عن أفراحه واتراحه بمشاعر صادقة جياشة، إذ يسهم اللحن المصاحب للأغنية في تكوين تلك الأغنية، ويعد عاملًا فاعلًا في تقوية الذاكرة عند المغني، وتناولت الأغاني الوطنية الجنوبية عدة مضامين منها: (المضمون النضالي – المضمون القومي – المضمون الاجتماعي، المضمون السياسي) حيث طغى المضمون النضالي على مجمل الأغاني الجنوبية منذ احتلال الجنوب من قبل البريطانيين حتى هذه اللحظة.
  2. تحجيم زعماء الحركة الوطنية وتقزيم حضورهم في “الأغنية الوطنية” بأشكالها المتداولة كرست “نفي” رموز النضال الجنوبي ضد الاحتلال البريطاني، لدرجة لا يمكن معها سماع “أغنية وطنية” واحدة تتغنى بـ”اسم رمز وطني جنوبي واحد” من الأسماء، التي صنعت تاريخ الجنوب قبل الاستقلال.

التوصيات:

نؤكد هذه الورقة على أهمية توثيق الأغنية الوطنية الجنوبية منذ بدايتها الأولى حتى اللحظة وعلينا أن نتبع شتى الوسائل للحفاظ على جوهره في إطاره من التجديد، ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال:

  1.  الاهتمام بجمع تراث الهوية الوطنية الموسيقية سواء أكانت وطنية أم عاطفية، على أن يتم ذلك على أيدي مختصين في هذا المجال، واتباع الوسائل العلمية الدقيقة في تدوين النصوص الغنائية والألحان من خلال النوتة الموسيقية.
  2.  تقديم الإنجازات الغنائية الوطنية في إطارها التقليدي للجمهور عبر وسائل الأعلام الجنوبية المختلفة.
  3. العمل على تعميم فرق الإنشاد الشعبية والتقليدية في المدارس والمعسكرات لتقديم التراث في صيغته الأصيلة العريقة.
  4. إنشاء أقسام متخصصة في آليات الفنون الجميلة في الجامعات والمعاهد الفلسطينية لدراسة الموسيقا بكل أشكالها.
  5. الإسهام في أرشفة الموسيقا والأغاني الشعبية والآلات الموسيقية الشعبية والعمل على تداولها.
  6. عقد ندوات ومؤتمرات تقدم فيها أوراق عمل خاصة بتراث الموسيقا الجنوبية (الدان) يتولاها متخصصون في هذا المجال.
  7. إعادة التراث الموسيقي الجنوبي (التربية الفنية) في برامج التعليم المدرسي في المراحل المختلفة، ضمن مادة الفنون والحرف، ومنح الجوائز التشجيعية لمن يعمل على حفظه ويتقن مزاولته.
  8. إعطاء الأولوية في برامج الإذاعة والتلفزيون الجنوبي لتقديم الهوية الموسيقية الجنوبية بشكل يبرز أصالتها وجدواها
  9. العمل على جمع كل أغاني الثورة الجنوبية في كتاب واحد؛ لأن هذه الأغاني تعطي صورة واضحة عن الثقافة الجنوبية، وصورة مشرقة عن مراحل نضال شعبنا في الجنوب

المصادر والمراجع:

  1.  الأغنية الوطنية أحمد سف ثابت، دار الثقافة العربية الشارقة، 1988م
  2. دور الموسيقى في إحياء التراث والحفاظ على مقومات الشخصية العربية لمواجهة تحديات المتغيرات المعاصرة. مجلة اتحاد الجامعات العربية. عدد خاص. الخولي، سمحة. (١٩٩٧).
  3. أثر الموسيقى الوطنية في ثورات الشعوب https://www.arabmusicmagazine.com/item/999-2020
  4.   الأغنية الوطنية في المغرب: مسار فن يتطلع للمصالحة مع رموز بلده https://www.assahraa.ma/journal/2010/112
  5. معجم المصطلحات الأدبية إبراهيم فتحي، 1988م ص 30
  6.  المصدر المفيد في غناء لحج الجديد/الدعوة إلى التجنيد https://ar.wikisource.org/wiki F
  7. صحيفة الأيامhttps://www.alayyam.info/
  8.  رموز الغناء اللحجي واليافعي  https://www.yemeress.com/algomhoriah
  9. © 2021 – الثورة نت. All Rights Reserved.Website Design:
  10. الفنان فيصل علوي الثورة الدائمة، عياش علي محمد، إصدارات جامعة عدن عام 1999م.

[1] الأغنية الوطنية في المغرب: مسار فن يتطلع للمصالحة مع رموز بلده https://www.assahraa.ma/journal/2010/112

[2] ينظر: معجم المصطلحات الأدبية إبراهيم فتحي، 1988م ص 30

[3] أثر الموسيقى الوطنية في ثورات الشعوب https://www.arabmusicmagazine.com/item/999-2020-

[4] أاثر الموسيقى الوطنية في ثورات الشعوب https://www.arabmusicmagazine.com/item/999-2020-

[5] الشعر في طريق الاستقلال، د. سالم عبدالرب السلفي، د، سعيد بايونس، ورقة علمية في ندوة نظمتها الهيئة السياسية للمجلس الانتقالي الجنوبي 17نوفمبر 2024م

[6]

https://www.adnlng.info/posts/64229

[7] المصدر المفيد في غناء لحج الجديد/الدعوة إلى التجنيد https://ar.wikisource.org/wiki F

[8] المصدر المفيد في غناء لحج الجديد” القمدان، جمع إبراهيم راسم عام 2006 صدرت الطبعة الرابعة من الديوان في صنعاء صادرة عن “مركز عبادي للدراسات والنشر” ص 23

[9] https://www.facebook.com/watch/?v=912249164277342

[10] “المصدر المفيد في غناء لحج الجديد” (ص. 38)

[11] المصدر المفيد في غناء لحج الجديد” (ص. 17

[12] المصدر المفيد في غناء لحج الجديد” (ص. 15)

[13] “المصدر المفيد في غناء لحج الجديد” (ص. 13)

[14] ) صحيفة الأيامhttps://www.alayyam.info/

[15] رموز الغناء اللحجي واليافعي  https://www.yemeress.com/algomhoriah

[16] ينظر: كتاب الاغنية الوطنية أحمد سف ثابت، دار الثقافة العربية الشارقة، 1988م

[17] الشعر في طريق الاستقلال، د. سالم عبدالرب السلفي، د، سعيد بايونس، ورقة علمية في ندوة نظمتها الهيئة السياسية للمجلس الانتقالي الجنوبي 17نوفمبر 2024م

([18]) © 2021 – الثورة نت. All Rights Reserved.Website Design:

[19] الفنان فيصل علوي الثورة الدائمة، عياش علي محمد، إصدارات جامعة عدن عام 1999م ص:27

د. صبري عفيف

رئيس تحرير مجلة بريم الصادرة عن مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى