الملخص :
تهدف هذه الورقة البحثية إلى دراسة التحديات الكبيرة التي تواجه محمية الحسوة الطبيعية والتي أدت إلى تدهور حالتها البيئية. من أبرز هذه التحديات مشكلة التلوث المتزايدة، حيث تحولت المحمية إلى مكب مفتوح للنفايات من مختلف الأنواع، بما في ذلك المخلفات الصلبة والبناء. يتم رمي هذه النفايات بشكل شبه يومي، مما يشكل تهديدًا كبيرًا للتنوع البيئي في المحمية.
وتعمل العديد من الجهات المعنية والمنظمات غير الحكومية على تنفيذ حملات توعية بهدف حماية المحمية ومكافحة هذه التحديات. ومع ذلك، فإن نجاح هذه الجهود يتطلب اتخاذ إجراءات صارمة من قبل السلطات المحلية والدولة، بما في ذلك سن القوانين وتطبيقها بشكل فعال، وتخصيص الميزانيات اللازمة لإدارة المحمية وحمايتها. وأختم هذه الورقة بعدد من التوصيات.
الكلمات المفتاحية: محمية الحسوة، محافظة عدن، التنوع البيئي، التحديات
مقدمة:
تعد محمية الحسوة الطبيعية، الواقعة في محافظة عدن، إحدى أهم محميات الأراضي الرطبة في جنوب اليمن. وقد أعلنت الحكومة اليمنية هذه المحمية رسميًا في عام 2006م، وذلك تقديرًا لأهميتها البيئية. تتميز الحسوة بتنوع بيولوجي غني، حيث تضم العديد من الأنواع النباتية النادرة والمتوطنة، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الطيور والزواحف والحشرات. وتعتبر موئلاً مهماً للعديد من الطيور المهاجرة.
على الرغم من أهميتها البيئية، تواجه محمية الحسوة العديد من التهديدات، مثل التلوث الناتج عن النفايات والصرف الصحي، والتوسع العمراني، والصيد الجائر، والتغير المناخي. تعمل العديد من الجهات الحكومية والمنظمات غير الحكومية على حماية المحمية، من خلال تنفيذ برامج التوعية، وإجراء الدراسات العلمية، وتطبيق القوانين واللوائح البيئية، وإقامة المشاريع البيئية المستدامة.
حصلت محمية الحسوة على جائزة خط الاستواء الدولية في العام 2014م تقديراً لجهودها في حماية البيئة. وتعتبر المحمية أهم متنفس لأبناء عدن والسياحة البيئية، لتمتعها بمناخ معتدل مشمس في أغلب الأوقات وبهواء نقي. كما تساهم في تنمية السياحة البيئية، وتوفير فرص عمل للسكان المحليين.”
ـ نبذة تاريخية للمحمية:ِ
كانت محمية الحسوة أرضًا سبخة تتميز بإنتاجها للملح، وقد استغلها الإنسان منذ القدم لهذا الغرض. في القرن السادس الهجري، قام الأمير سيف الدين سنقر (الأتابك) بشراء هذه الأرض، لتصبح ملكًا للدولة. استمرت المحمية في إنتاج الملح حتى منتصف القرن التاسع عشر، عندما ضمتها سلطنة لحج إلى ممتلكاتها.
رغم هذا التاريخ العريق، تواجه محمية الحسوة اليوم تحديات كبيرة تهدد مستقبلها البيئي، مثل التلوث الناتج عن النفايات والصرف الصحي، والتوسع العمراني، والصيد الجائر. بعد توقف إنتاج الملح، تحولت المحمية تدريجيًا إلى مكب للنفايات بسبب سهولة الوصول إليها وقربها من المناطق السكنية، مما أدى إلى تدهور حالتها البيئية.
تعتبر محمية الحسوة جزءًا لا يتجزأ من التراث الثقافي والطبيعي لليمن، وحمايتها واجب وطني. يجب العمل على إعادة تأهيل هذه المحمية واستعادتها إلى حالتها الطبيعية، وذلك من خلال تنفيذ مشاريع بيئية مستدامة، وتوعية المجتمع بأهمية الحفاظ على البيئة.”
مشكلة البحث :
واجه محمية الحسوة تحديات بيئية جسيمة تهدد وجودها. فمنذ اندلاع الحرب في اليمن، تفاقمت مشكلة التلوث بشكل كبير، حيث أصبحت المحمية مكبًا مفتوحًا للنفايات الصلبة والسائلة، بما في ذلك المخلفات الصناعية والطبية. أدى ذلك إلى تلوث التربة والمياه الجوفية، وتدمير الغطاء النباتي، وهلاك العديد من الكائنات الحية.
تعتبر النفايات البلاستيكية والقمامة المنزلية من أبرز مصادر التلوث في المحمية، حيث تتراكم بشكل كبير ولا يتم التخلص منها بطريقة سليمة. بالإضافة إلى ذلك، فإن التوسع العمراني العشوائي والتعديات على أراضي المحمية قد أدى إلى تدمير مساحات واسعة من الأراضي الرطبة والموائل الطبيعية.
أدت الحرب إلى تفاقم هذه المشاكل، حيث توقف العمل في محطات معالجة المياه والصرف الصحي، وانهارت البنية التحتية، وغياب الرقابة الحكومية سمح بالتعدي على أراضي المحمية. كل هذه العوامل مجتمعة شكلت تهديدًا وجوديًا للعديد من الأنواع النباتية والحيوانية النادرة التي تعيش في المحمية، مثل… [الطيور المهاجرة النباتات النادرة وغيرها].
إذا استمر الوضع على هذا الحال، فإن محمية الحسوة ستفقد قيمتها البيئية والاقتصادية، وستتحول إلى أرض قاحلة لا حياة فيها. لذلك، فإن حماية هذه المحمية يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية، من الحكومة والمنظمات الدولية إلى المجتمع المحلي، للعمل على إيجاد حلول مستدامة لهذه المشكلة.”
ـ أهداف البحث:
1ـ الحفاظ على اتزان العمليات البيئية الطبيعية في ظل التغيير المناخي لضمان استدامته بشكل متزن وفعال.
2ـ توفير بيئات مناسبة للأبحاث العلمية في مجال الأحياء والنظم البيئية حيث يقوم الباحثون بدراسة أنواع الطيور المهددة بالانقراض وغيرها من الكائنات المتواجدة داخل المحمية .
3ـ التشجيع على السياحة البيئية للمحمية وتعزيز الاقتصاد الوطني بالشكل الذي لا يؤثر سلبياً على مكوناتها الحيوية.
4ـ التوعية بأهمية الحفاظ على الطبيعة ودور السكان في حمايتها.
5ـ الحفاظ على التراث الوطني في استثمار الموارد الطبيعية المتجددة والتراث الطبيعي وصيانتهما.
ـ أهمية البحث :ـ
الحدود المكانية : يمتد النطاق المكاني من منطقة المنصورة شمالاً حتى خليج عدن جنوباً ومن جولة كالتكس شرقاً حتى المحطة الكهرو حرارية غرباً ، وتحديداً في نهاية مصب الوادي الكبير وتتبع إدارياً مديرية البريقة .وتبلغ مساحة محمية الحسوة 185 هكتار (حوال 1,85 كيلو متر مربع) من إجمالي مساحة محافظة عدن البالغة 750 كيلومتر مربع.
. الحدود الزمنية :ـ
تكون بدايتها من (2015 ـ 2024) حث زادت التعديات للمحمية الحسوه بشكل كبير خلال هذه الفترة المحددة للدراسة.
. منهج البحث :
هذه الورقة البحثية هي عبارة عن دراسة تحليلية وصفية : تهدف إلى التعرف على تعديات النصب والتدمير التي تتعرض لها المحمية وسوف تعتمد على المنهج التكاملي المتمثل في الآتي :ـ
1ـ المنهج الموضوعي التاريخي :
حيث يستخدم هذا المنهج في تناول المشكلات البيئية والتعديات السكانية على المحمية .
2ـ المنهج دراسة الحالية:
يستخدم للتطبيق على ظاهرة التعديات على المحمية الحسوه الطبيعية و تأثيرها على الاتزان النظم البيئية .
ــ مباحث الدراسة : ـ
أنشئت محمية الحسوه عام 2007 م في محافظة عدن، وتقع في الفيض النهائي للسيول الموسمية عند نهاية مصب الوادي الكبير، على مساحة 185 هكتار منها 30 هكتار أحواض مائية لمعالجة المياه العادمة.
وتمتاز المحمية بغطاء نباتي كثيف، ساعد عل حجز مخلفات السيول والمياه العادمة المعالجة بين جذوع الأشجار، وبالتالي قلل من الإضرار التي تتعرض لها الأعشاب المرجانية.
ويوجد في المحمية أكثر من 23 نوعاً نباتياً، فضلاً عن 171 نوعاً من الطيور التي تزور المحمية في فصل الشتاء.
ــ التربة في المحمية:ـ
تتنوع أنواع الترب في المحمية الحسوه الطبيعية ما بين سلسة رملية إلى طينية وفي بعض المواقع وهو ناتج عن انبساط السيول الموسمية وتتكون هذه الطبقة من التربة خصوصاً عند مرور مياه الوادي الكبير القادمة من دلتا تبن وهو الوادي الوحيد الذي يمر عبر محافظة عدن ويصب في خليج التواهي .
النبات الطبيعي في المحمية :
تتعرض النباتات الطبيعية والمستزرعة في محمية الحسوة لتدمير مستمر نتيجة للأنشطة البشرية. فقد أدى الاستخدام الجائر للأراضي، والزيادة السكانية، والتوسع العمراني، وشق الطرق إلى تناقص كبير في الغطاء النباتي. العديد من الأنواع النباتية النادرة والمتوطنة، والتي تلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على التنوع البيولوجي وتثبيت التربة، باتت مهددة بالانقراض.
فقدان الغطاء النباتي يؤثر بشكل كبير على النظام البيئي للمحمية، حيث يؤدي إلى تدهور التربة، وتغير المناخ المحلي، وفقدان الموائل الطبيعية للعديد من الحيوانات. كما يساهم في زيادة التصحر وتعرية التربة، مما يؤدي إلى تدهور جودة المياه وتلوثها.
تضم المحمية نباتات المناطق الساحلية مثل نباتات نخيل الدوم تعرف محلياً بأشجار الطاري أو البهش ونباتات السويداء (العصل) كما تنتشر في محمية نباتات البيئة الصحراوية.
ـ الحيوانات المحمية: ـ
“تعتبر محمية الحسوة ملاذاً آمناً للعديد من الأنواع النادرة والمهددة بالانقراض، مثل [الارانب السحالي الثعالب]. تواجه هذه الأنواع تهديدات عديدة، بما في ذلك الصيد الجائر وفقدان الموائل بسبب التوسع العمراني والتلوث.
تعد المحمية موطنًا لأكثر من 30 نوعًا من الطيور المقيمة والمهاجرة. من بين الطيور المقيمة، يمكن مشاهدة النورس أبيض العينين، وأبو منجل، وبلشون أسود الرأس، والنحام. أما الطيور المهاجرة، فتستخدم المحمية كموقع للتوقف والاستراحة خلال رحلاتها الطويلة.
تعتبر محمية الحسوة منطقة مهمة للبحوث العلمية، حيث يمكن للعلماء دراسة التنوع البيولوجي والتفاعلات بين الكائنات الحية. ومع ذلك، فإن التحديات التي تواجه المحمية تهدد هذا التنوع البيولوجي الغني.
الخاتمة :ـ
قد تركت الحرب في اليمن آثارًا كارثية على محمية الحسوة الطبيعية. فبالإضافة إلى القصف المباشر والتدمير المادي، أدت الحرب إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، مما زاد من الضغط على الموارد الطبيعية للمحمية. تحولت أجزاء واسعة من المحمية إلى مكب للنفايات ومخلفات البناء، مما تسبب في تلوث المياه والتربة وفقدان التنوع البيولوجي.
تسبب تدهور المحمية في فقدان العديد من السكان المحليين لمصادر رزقهم، حيث كانت السياحة والصيد يشكلان مصدراً رئيسياً للدخل. كما أدى التلوث إلى انتشار الأمراض بين السكان.
إن استعادة محمية الحسوة إلى حالتها الطبيعية يتطلب جهودًا كبيرة ومتكاملة. يجب إزالة النفايات وإصلاح البنية التحتية، وإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة، وتوعية المجتمع بأهمية الحفاظ على البيئة. كما يجب توفير الدعم المالي والتقني اللازم لتنفيذ هذه الجهود.
إن حماية محمية الحسوة ليس مجرد واجب وطني، بل هو مسؤولية عالمية. يجب على المجتمع الدولي والمنظمات الدولية تقديم الدعم اللازم لليمن للحفاظ على هذا التراث الطبيعي الثمين.
التوصيات:
1ـ ضرورة وقف الأنشطة السكانية التوسعية متمثل: بتوسع الطرقات على حساب الأراضي الجغرافية للمحمية.
2ـ سن التشريعات خاصة للمحمية الحسوه لحمايتها من استغلال الجائز للموارد الطبيعية واستنزافها بسبب قلة الوعي البيئي لدى السكان.
3ـ تفعيل دور الرقابة من قبل السلطة المحلية والدولة بشكل يحمي أراضي المحمية.
4ـ تركيب كاميرات مراقبة تعمل على مدار 24 ساعة وترسل بياناتها إلى الجهات المختصة
الهوامش :ـ
1ـ الهيئة العامة لحماية البيئة، بيانات المحميات الطبيعية، اليمن، 2012 م .
2ـ جمال باوزير ، عبدالله حمود أبو الفتوح ، الهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن ، الدراسة الأولية للوضع الراهن للمنطقة الساحلية لمحافظة عدن ، عدن ، 2001 م
3ـ نور أحمد هيثم، المشكلات البيئية في مدينة عدن، رسالة دكتوراه غير منشورة، القاهرة، 2006 م.
4ـ جريدة الأمناء، العدد 1587 الصادرة بتاريخ 17/12/2023 م .
5ـ مواقع الانترنت :