بحوث ودراسات

اليمن بوصفه مؤشرًا لجدية التقارب السعودي – الإيراني.. دراسة استشرافية

ملخص الدراسة:

تناولت الدراسة موضوع التحرك السعودي نحو طهران، قراءة في ديناميكيات الصراع الإقليمي وتوازن القوى.

  سلطت الضوء على زيارة الأمير خالد بن سلمان إلى طهران وإسهاماتها في إعادة بناء العلاقات بين السعودية وإيران، واستعرضت أسباب الزيارة ودوافعها ودور الوساطة الصينية في تحقيق هذا التقارب، وما يتركه من آثار بعيدة المدى على النظام الإقليمي في الشرق الأوسط. وما يُشكّله التحرك السعودي – الإيراني تحديًا جوهريًا للعلاقة بين الرياض وواشنطن، كما تسعى السعودية إلى تأكيد استقلالها السياسي وتوسيع خياراتها الاستراتيجية، وهو ما قد يفرض على الولايات المتحدة تبني مقاربة أكثر مرونة تحترم الطموحات الإقليمية لحلفائها التقليديين.

وتطرقت إلى مستقبل العلاقات السعودية _الإسرائيلية، وكيف أن السعودية تبني سياسة حذرة ومتوازنة، تسعى من خلالها إلى تحقيق مصالحها الوطنية دون التفريط في ثوابتها الإقليمية والدينية.

وخلصت إلى النتائج الآتية:

1- تخفيض التوترات الأمنية والعسكرية في المنطقة.

2- إطلاق حوارات أمنية مباشرة.

3- تعزيز الثقة الاستراتيجية بين الطرفين.

4- تأثيرات على ملفات إقليمية حساسة.

5- تهيئة البيئة الإقليمية لمشاريع اقتصادية مشتركة.

كلمات مفتاحية: تحرك سعودي: طهران: صراع إقليمي

المقدمة:

في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والدولية، شهدت منطقة الشرق الأوسط منعطفًا جديدًا مع ارتفاع حدة التهديدات الإسرائيلية ضد إيران، وتزامن ذلك مع زيارة تاريخية لولي العهد السعودي الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي إلى طهران. هذه التطورات تعكس ديناميكيات جديدة تعيد رسم خريطة التحالفات والتوازنات في المنطقة، وتفتح الباب أمام تحولات استراتيجية قد تغير مسار الصراعات المزمنة.

  فالتوتر بين إسرائيل وإيران ليس جديدًا، لكن الأشهر الأخيرة شهدت تصعيدًا غير مسبوق في الخطاب الإسرائيلي، حيث لم تعد التصريحات تقتصر على التحذيرات، بل تجاوزت ذلك إلى التهديد المباشر باتخاذ إجراءات عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية. هذا التصعيد يأتي في سياق المخاوف المتزايدة من تقدم إيران في برنامجها النووي، وتوسع نفوذها الإقليمي في كل من سوريا، ولبنان، والعراق، واليمن، وهو ما تعدّه تل أبيب تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.

    في المقابل، لم تقف طهران موقف المتفرج، بل واصلت تأكيدها على حقها في تطوير برنامج نووي سلمي، مع تحذيرات صريحة من رد قوي وموسع في حال تعرضها لأي هجوم، مما يزيد من احتمال الانزلاق إلى مواجهة مباشرة قد تتسع لتشمل أطرافًا إقليمية ودولية.

   وفي مشهد بدا مفاجئًا للكثيرين، قام ولي العهد السعودي خالد بن سلمان بزيارة رسمية إلى طهران، في أول لقاء رفيع المستوى بين البلدين منذ سنوات من القطيعة والتوتر، الزيارة جاءت بعد جهود وساطة، أبرزها من الجانب الصيني، لإعادة العلاقات بين الرياض وطهران، التي تشهد تحسنًا تدريجيًا منذ عام 2023م.

  تحمل هذه الزيارة دلالات استراتيجية عميقة، إذ تعكس تحولًا في السياسة الخارجية السعودية من المواجهة إلى الحوار، ومن الانخراط المباشر في النزاعات إلى التركيز على التنمية والاستقرار. كما تأتي في وقت حساس تسعى فيه الرياض لتعزيز موقعها بوصفها لاعبًا محوريًّا في المنطقة، بعيدًا عن المحاور التقليدية والصراعات الطائفية.

   في الوقت الذي تتزايد فيه احتمالات التصعيد بين إسرائيل وإيران، فإن زيارة ولي العهد السعودي لطهران تشير إلى أن هناك قوى إقليمية تسعى للتهدئة، وتفضيل الدبلوماسية على المواجهة. هذا التناقض يعكس تعقيدًا في المشهد الإقليمي، حيث تتقاطع المصالح الأمنية والاستراتيجية مع التطلعات الاقتصادية والسياسية لكل طرف.

  المفارقة تكمن في أن السعودية، التي كانت على خلاف حاد مع إيران لعقود، قد تجد نفسها اليوم في موقع الوسيط أو على الأقل في موقف الحياد الإيجابي، بينما تستمر إسرائيل في تبني استراتيجية التصعيد والردع.

مشكلة الدراسة:

 هل تمثل زيارة وزير الدفاع السعودي إلى طهران تحوّلًا في العقيدة الأمنية والسياسية السعودية تجاه إيران، أم أنها مناورة تكتيكية لضبط توازن القوى الإقليمي في مواجهة الهيمنة الإسرائيلية المتنامية؟

أهداف الدراسة:

1- تسليط الضوء على دور السعودية بوصفها موازنًا استراتيجيًّا في نظام إقليمي يشهد تصدعًا واضحًا.

2- قراءة التحول في أدوات السياسة السعودية من المواجهة إلى الاحتواء.

 3_ رصد أثر التحرك السعودي على المشهد الإقليمي، خاصة في ظل ضعف المحور العربي، وتقدم إسرائيل بوصفها لاعبًا مهيمنًا في المنطقة.

أهمية الدراسة:

* تحليل الدوافع الاستراتيجية السعودية وراء زيارة وزير الدفاع إلى إيران.

* فهم العلاقة بين هذه الزيارة ومشروع “إعادة ضبط قواعد الاشتباك” في المنطقة.

* استشراف تأثير هذا التحرك على مستقبل الردع الإقليمي والنفوذ الإسرائيلي.

* دراسة الخيارات السعودية بين احتواء إيران أو مجابهتها.

الفرضيات:

1- تسعى السعودية إلى منع الانهيار الكامل لمعادلة الردع الإقليمي لا إلى دعم إيران.

2- هدف الزيارة إلى خلق بيئة توازن تمنع إسرائيل من التفرد بإدارة النظام الإقليمي.

3- التحرك السعودي يعكس رفضًا لتبعية غير مشروطة للولايات المتحدة في ملفات الأمن الإقليمي.

محاور الدراسة

 الفصل الأول السياق الإقليمي والدولي للزيارة:

 زيارة ولي العهد السعودي الأمير خالد بن سلمان إلى طهران تمثل تحولًا استراتيجيًا في العلاقات بين السعودية وإيران، وتأتي في سياق إقليمي ودولي معقد، هذه الزيارة تعكس جهودًا حثيثة لإعادة بناء الثقة، وتعزيز التعاون بين البلدين بعد سنوات من التوتر والقطيعة الدبلوماسية.

أولًا: السياق الإقليمي:

أ- التقارب السعودي الإيراني في مارس (2023م): أعلنت السعودية وإيران عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بوساطة صينية، مما مهد الطريق لزيارات متبادلة بين المسؤولين، بما في ذلك زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى السعودية ولقائه مع الأمير محمد بن سلمان في جدة، حيث ناقشا العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية والدولية.

ب- التحديات الإقليمية:

 تواجه المنطقة تحديات متعددة بما في ذلك الصراعات في اليمن وسوريا، والتوترات في الخليج العربي، ويأتي التقارب بين السعودية وإيران ليسهم في تهدئة هذه التوترات وتعزيز الاستقرار الإقليمي.

ثانيًا: السياق الصيني:

1- لعبت الصين دوارًا مهمًا في التوسط بين السعودية وإيران، مما يعكس تحولًا في الديناميكيات الجيوسياسية في المنطقة، هذا الدور يعزز مكانة الصين بوصفها قوةً دبلوماسيةً مؤثرةً في الشرق الأوسط.

2- التحولات في السياسة الخارجية السعودية: تسعى السعودية إلى تنويع تحالفاتها وتقليل اعتمادها على القوى الغربية، مع التركيز على تعزيز العلاقات مع الدول الإقليمية لتحقيق الاستقرار الضروري لتنفيذ رؤيتها الاقتصادية الطموحة.

ثالثًا: الدوافع وراء الزيارة:

1- تحقيق الاستقرار الإقليمي: تسعى السعودية إلى تقليل التوترات مع إيران لتحقيق استقرار إقليمي يدعم مشاريعها التنموية مثل رؤية 2030م.

2- التعاون في القضايا الأمنية: التقارب مع إيران قد يساعد في معالجة قضايا أمنية مشتركة، مثل مكافحة الإرهاب، وضمان أمن الملاحة في الخليج.

3- تعزيز التعاون الاقتصادي: فتح قنوات التعاون مع إيران يمكن أن يوفر فرصًا اقتصادية جديدة للسعودية، لاسيما في مجالات الطاقة والتجارة.

4-التحديات المحتملة:

أ- الملفات الخلافية: رغم التقارب، لاتزال هناك ملفات خلافية بين البلدين، مثل دعم إيران لجماعات مسلحة في المنطقة وبرنامجها النووي.

ب- الثقة المتبادلة: بناء الثقة بين السعودية وإيران يتطلب خطوات ملموسة من كلا الجانبين، وقد يستغرق وقتًا لتحقيق نتائج ملموسة.

رابعًا: التهديدات الإسرائيلية وتصعيدها ضد إيران:

 يشهد التصعيد الإسرائيلي ضد إيران تصاعدًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، مما يثير مخاوف من اندلاع مواجهة إقليمية أوسع، ويتجلى هذا التصعيد في تبادل التهديدات والضربات بين الجانبين، مع تدخلات دبلوماسية دولية تهدف إلى تهدئة التوترات.

السياق العام للتصعيد:

 في 1 أكتوبر2024م ألقت إيران حوالي(200) صاروخ باتجاه إسرائيل، وهو الهجوم المباشر الثاني خلال أقل من ستة أشهر، تمكنت منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية من اعتراض معظم هذه الصواريخ، إلا أن بعضها أصاب قواعد عسكرية، دون أن يتسبب ذلك في خسائر أو أضرار كبيرة.

1- التهديدات الإسرائيلية وردود الفعل الإيرانية:

 أعلن مسؤول عسكري إسرائيلي أن الجيش” يستعد للرد” على الهجوم الصاروخي الإيراني مشيرًا إلى أن الرد سيكون” كبيرًا وملحوظًا”.

 من جهتها وصفت إيران تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنها “كلام عبثي وفارغ “مؤكدة على حقها في الرد على الهجمات الإسرائيلية.

2- الاستعدادات العسكرية والتكتيكات الدفاعية:

 في أعقاب الضربات الإسرائيلية، نشرت إيران صواريخ أرض _ جو متوسطة المدى لمواجهة الصواريخ الإسرائيلية. وفي الضربات اللاحقة، استخدمت إيران أنظمة دفاع بعيدة المدى قادرة على اعتراض الصواريخ من مسافات تتجاوز 100 كيلو متر.

3- الجهود الدبلوماسية لاحتواء التصعيد:

أفادت تقارير بأن إيران بعثت برسالة إلى الدول الأوروبية، أكدت فيها أنها لن ترد على الهجوم الإسرائيلي إذا كان محدودًا. ومع ذلك، حذرت من أنها ستتجاوز الخطوط الحمراء إذا استهدفت إسرائيل منشآتها النفطية أو النووية.

خامسًا- التحركات الأمريكية ومحاولة إعادة هندسة النظام الإقليمي:

 تشهد السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط تحولًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث تسعى واشنطن إلى إعادة هندسة النظام الإقليمي بما يتماشى مع مصالحها الاستراتيجية في ظل تصاعد نفوذ قوى دولية أخرى مثل الصين وروسيا، تتجلى هذه التحركات في عدة مجالات أبرزها:

أ- تعزيز التحالفات الأمنية الإقليمية: تسعى الولايات المتحدة إلى إنشاء نظام دفاع جوي مشترك يضم مجلس التعاون الخليجي، ومصر، والأردن، والعراق، وإسرائيل، بهدف مواجهة التهديدات الإيرانية المتمثلة في الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار، وقد تم نقل تبعية إسرائيل من القيادة الأوروبية إلى القيادة المركزية الأمريكية، وتم تعيين ضباط اتصال إسرائيليين في قيادة الأسطول الأمريكي الخامس في البحرين، مع إجراء تدريبات عسكرية مشتركة ولقاءات أمنية تضم إسرائيل ودول عربية تحت مضلة القيادة المركزية الأمريكية.

ب- إعادة التمركز العسكري الأمريكي: على الرغم من إعلان إدارة بايدن عن تقليص الوجود العسكري في الشرق الأوسط، إلا أن الواقع يشير إلى تعزيز هذا الوجود، حيث تم نشر حاملات طائرات، وغواصات نووية، وأسراب من الطائرات المقاتلة، فضلًا عن منظومات دفاعية متطورة مثل “ثاد” كما شنت القوات الأمريكية هجمات على المليشيات في العراق وسوريا واليمن، وأطلقت مبادرة “حارس الازدهار” لضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن.

ج- توسيع الشراكات الاقتصادية والدبلوماسية: أطلقت الولايات المتحدة مبادرة “122” التي تضم الهند، وإسرائيل، والإمارات، والولايات المتحدة بهدف تعزيز التعاون في مجالات التكنولوجيا، والأمن، والطاقة. كما تسعى واشنطن إلى تعميق اتفاقيات إبراهام وتشكيل تحالفات جديدة تربط جنوب آسيا بالشرق الأوسط والولايات المتحدة.

د- مواجهة النفوذ الصيني والروسي: تسعى الولايات المتحدة إلى تحييد المنطقة في الصراع على النفوذ مع الصين وروسيا، خاصة مع اتجاه دول مثل السعودية والإمارات إلى توطيد علاقاتها مع بكين وموسكو وقد رصدت الاستخبارات الأمريكية سعي الصين لإنشاء قاعدة عسكرية في الإمارات، مما دفع واشنطن إلى تعزيز التزاماتها الأمنية في المنطقة.

هـ- التركيز على القيم الدبلوماسية: تؤكد الولايات المتحدة على أهمية الشراكات، والردع، والدبلوماسية، وخفض التصعيد، والتكامل، بوصفها عناصر أساسية في استراتيجيتها الجديدة في الشرق الأوسط. وتسعى إلى تعزيز الاستقرار من خلال حل الصراعات، مثل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والتقارب مع الدول الإقليمية.

سادسًا: ضعف المراكز العربية التقليدية وتنامي فراغ القوة:

 يشهد النظام الإقليمي العربي في السنوات الأخيرة تراجعًا ملحوظًا في دور المراكز التقليدية، مثل مصر، والعراق، وسوريا، مما أدى إلى فراغ في القوة الإقليمية واستغلال هذا الفراغ من قبل قوى إقليمية ودولية أخرى.

أسباب تراجع المراكز العربية التقليدية:

1- تفكك الدولة الوطنية: شهدت دول مثل العراق وسوريا انهيارًا في مؤسساتها نتيجة الحروب الداخلية والتدخلات الخارجية، مما أدى إلى فقدانها لدورها المحوري في النظام الإقليمي.

2- الانقسامات الداخلية: تعاني العديد من الدول العربية من انقسامات طائفية ومذهبية وقبلية مما يضعف من تماسكها الداخلي ويحد من قدرتها على التأثير الخارجي.

3- الاعتماد على القوى الخارجية: اعتمدت بعض الدول العربية على الدعم الخارجي لضمان استقرارها، مما جعلها عرضة للتأثيرات الأجنبية وأفقدها استقلالية القرار السياسي.

4- تنامي فراغ القوة الإقليمية: أدى تراجع الدور العربي إلى فراغ في القوة الإقليمية، استغلته قوى مثل إيران وتركيا لتعزيز نفوذها في المنطقة، كما أدى هذا الفراغ إلى تدخلات دولية متزايدة في الشؤون العربية، مما زاد من تعقيد الأوضاع الإقليمية.

أ- الآثار المترتبة على الفراغ الإقليمي:

1- تزايد النزاعات المسلحة: أدى الفراغ إلى تصاعد النزاعات في مناطق مثل اليمن وسوريا وليبيا مع تدخلات خارجية متعددة.

2- ضعف التنسيق العربي: أدى غياب القيادة الإقليمية إلى ضعف التنسيق بين الدول العربية في مواجهة التحديات المشتركة.

3- تراجع القضية الفلسطينية: أدى الانشغال بالصراعات الداخلية إلى تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية على المستوى العربي.

ب- سبل استعادة الدور العربي:

1- تعزيز التكامل العربي: من خلال تفعيل مؤسسات العمل العربي المشترك وتعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي بين الدول العربية.

2- إصلاح المؤسسات الداخلية: من خلال تعزيز الحكم الرشيد ومكافحة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية.

3- تحقيق الاستقلالية السياسية: من خلال تقليل الاعتماد على القوى الخارجية وتعزيز القرار السياسي المستقل.

– يتطلب استعادة الدور العربي الفاعل في النظام الإقليمي جهودًا مشتركة لإصلاح الأوضاع الداخلية وتعزيز التعاون بين الدول العربية لمواجهة التحديات المشتركة وتحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة.

الفصل الثاني: دوافع السعودية وراء التحرك نحو طهران:

أولًا: السياق العام للعلاقات السعودية الإيرانية:

_ الاختلاف المذهبي والسياسي بين البلدين كان دائمًا عنصر توتر.

_ تنافس إقليمي على النفوذ في دول مثل العراق، وسوريا، واليمن، ولبنان.

_ حرب اليمن كانت إحدى أبرز ساحات الصراع غير المباشر بين الطرفين.

_ التحولات الدولية، كالتغير في سياسات الولايات المتحدة تجاه المنطقة.

ثانيًا: دوافع السعودية للتحرك نحو طهران:

1- دوافع سياسية:

_تهدئة التوترات الإقليمية: تسعى المملكة إلى تقليل مصادر التهديد وعدم الاستقرار، خاصة بعد تجربة التوترات مع إيران التي هددت أمن الخليج.

_ تعزيز الدور القيادي للملكة: عبر لعب دور الوسيط أو صانع السلام الإقليمي، في ظل رؤية 2030 الهادفة لتعزيز ثقل السعودية الدبلوماسي.

_ تحولات السياسة الأمريكية: الانسحاب التدريجي للولايات المتحدة من المنطقة جعل الرياض تعيد حساباتها وتعتمد أكثر على مقاربات إقليمية.

2- دوافع أمنية:

_ الهجمات على منشآت أرامكو(2019م) عززت إدراك الرياض بضرورة فتح قنوات تواصل مباشر مع طهران لتقليل المخاطر.

_ الأمن البحري والخليجي: خصوصًا في مضيق هرمز والخليج العربي، وهو حيوي لصادرات النفط السعودية.

3- دوافع اقتصادية:

*جذب الاستثمارات: تخفيف حدة التوتر مع إيران يساعد في تقديم صورة أكثر استقرارًا للمستثمرين الأجانب.

*رؤية 2030: تعتمد على استقرار المنطقة لتطوير القطاعات غير النفطية.

*التكامل الإقليمي: التوجه نحو تفعيل مشاريع بنية تحتية إقليمية وربط اقتصادي مثل الربط السككي والطاقة.

4- دوافع اجتماعية ودينية:

*إدارة شؤون الحج والعمرة: هناك حرص دائم على تجنيب هذه الملفات الخلافات السياسية، وتخفيف التوتر يسهل التعاون في هذا الجانب.

*تقليل الاستقطاب الطائفي: لصالح استقرار الداخل السعودي والإقليمي.

ثالثًا: العوامل الخارجية المؤثرة:

*الوساطة الصينية التي لعبت دورًا محوريًا في استئناف العلاقات في 2023م.

*الدور الإيجابي للعراق وعمان في تقريب وجهات النظر.

*التقارب الخليجي _الخليجي الذي شجع على الانفتاح مع إيران، مثَّل جزءًا من توجه نحو تسويات إقليمية.

رابعًا: التحديات التي تواجه هذا التقارب:

*عدم الثقة المتراكمة بين البلدين.

*التباين الكبير في الرؤى تجاه ملفات إقليمية حساسة مثل سوريا ولبنان واليمن.

*وجود أطراف إقليمية غير مرحبة بهذا التقارب.

خامسًا: الحذر من انهيار الردع الإقليمي:

 شهد النظام الإقليمي في الشرق الأوسط خلال العقود الأخيرة سلسلة من الأزمات والنزاعات التي وضعت مفاهيم الردع التقليدي على المحك، الردع بوصفه أداة للحفاظ على الاستقرار وتوازن القوى بدأ بالتآكل نتيجة التحولات العسكرية والسياسية والتقنية، مما جعل الحديث عن ” انهيار الردع الإقليمي” أمرًا واقعيًا لا نظريًا، في هذا السياق، يكتسب الحذر من هذا الانهيار أهمية استراتيجية كبيرة لمنع دخول المنطقة في مرحلة من الفوضى وعدم الاستقرار الواسع.

1- مفهوم الردع الإقليمي:

*الردع هو القدرة على منع الخصم من اتخاذ قرار عدائي، عبر التهديد بعواقب لا تحتمل.

*الردع الإقليمي يتضمن توازنات القوى بين الدول في نطاق جغرافي محدد، كمنطقة الشرط الأوسط.

*الردع لا يعتمد فقط على القدرات العسكرية بل يشمل التحالفات، والردع الاقتصادي، والنفوذ السياسي والتوازن النفسي.

2- مؤشرات انهيار الردع الإقليمي:

أ- تصاعد الصراعات غير المتكافئة:

*الحروب بالوكالة أصبحت بديلًا عن المواجهة المباشرة.

*استخدام المليشيات المسلحة و”الوكلاء” بدلًا من الجيوش الرسمية (مثل الحوثيين، والحشد الشعبي، وحزب الله)

ب- تكرار الضربات والهجمات دون رد رادع:

*الضربات الإسرائيلية المتكررة في سوريا دون رد سوري مباشر.

*الهجمات الحوثية على السعودية والإمارات قبل اتفاقيات التهدئة، التي كشفت ثغرات في منظومات الردع.

ج- تآكل الهيبة العسكرية لبعض الدول:

*صعود جهات غير دولية في مواجهة دول قائمة مما يخل بتوازن الردع الكلاسيكي.

د- تراجع الحضور الأمريكي:

*الانسحاب التدريجي للولايات المتحدة من المنطقة أحدث فراغًا أضعف من مناعة الردع الإقليمي.

3- آثار انهيار الردع على أمن المنطقة.

*زيادة احتمالية اندلاع الحروب المفتوحة بسبب غياب آليات الضبط.

*تشجيع اللاعبين غير الدوليين على التوسع وفرض واقع جديد.

*سباق تسلح غير منضبط بين دول الإقليم.

*زعزعة الأمن البحري وتهديد خطوط التجارة والطاقة.

4- تحديات إعادة بناء الردع.

أ- انعدام الثقة المتبادلة

*الصراعات التاريخية والتوترات الطائفية والسياسية تعيق بناء آليات ردع جديدة.

ب- التطورات التكنولوجية

*مثل الطائرات المسيرة والصواريخ الدقيقة، التي قللت من فاعلية الردع التقليدي.

ج- التشابك بين الجبهات

*التوتر في جبهة واحدة (مثل غزة أو لبنان) يمكن أن يشعل باقي الجبهات، مما يصعب إدارة الردع.

سادسًا: استراتيجيات الحذر من الانهيار

*تعزيز الدبلوماسية الوقائية بين الأطراف الفاعلة في المنطقة.

*تفعيل آليات أمن جماعي أو إقليمي (مثل الأمن البحري الخليجي المشترك).

*مراجعة سياسات الردع التقليدية لتتوافق مع التحديات الجديدة.

*احتواء اللاعبين غير الدوليين عبر تسويات سياسية أو ضغوطات إقليمية ودولية.

سابعًا: الخوف من التفرد الإسرائيلي بالقرار الإقليمي:

 تلعب إسرائيل دورًا محوريًا في النظام الإقليمي للشرق الأوسط، إلا أن هذا الدور بدأ يتخذ ملامح الهيمنة أو “التفرد في القرار الإقليمي” لاسيما في ظل الدعم الدولي الذي تحظى به، وتراجع أدوار بعض القوى العربية التقليدية، وتغير ميزان القوى بعد التطورات الأخيرة في المنطقة، هذا التفرد يثير مخاوف متعددة تتعلق بالاستقرار، وتوازن القوى، ومصير القضايا المركزية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

أ- مفهوم التفرد الإسرائيلي في القرار الإقليمي.

*التفرد يعني اتخاذ قرارات مؤثرة على مستوى الإقليم دون توافق مع الأطراف الأخرى أو أخذ مصالحهم بعين الاعتبار.

*في السياق الإسرائيلي، يشير إلى القدرة على التأثير أو الحسم في ملفات سياسية أو أمنية أو حتى اقتصادية، دون ردع إقليمي فاعل.

ب- مظاهر التفرد الإسرائيلي

1- التحركات العسكرية دون تنسيق.

*تنفيذ ضربات جوية في سوريا ولبنان وقطاع غزة، دون رد حقيقي يوازي القوة المستخدمة.

*التدخل في شؤون دول الجوار بذريعة الأمن القومي، مثل الملف النووي الإيراني.

2- التحكم في مسار القضية الفلسطينية.

*فرض واقع سياسي وأمني جديد في الضفة الغربية والقدس.

*تهميش المبادرات العربية والدولية مثل مبادرة السلام العربية، والتعامل مع التطبيع بمعزل عن الحل العادل للفلسطينيين.

3- التأثير في تشكيل التحالفات الإقليمية:

*الانضمام إلى تحالفات أمنية مع دول عربية (مثل بعض مظاهر التعاون الدفاعي والتكنولوجي بعد “اتفاقات إبراهيم”) مما يغير قواعد اللعبة الإقليمية.

4- التحرك الدبلوماسي في المحافل الدولية:

*القدرة على توجيه مواقف دول كبرى (كالولايات المتحدة) لصالحها، أو إفشال قرارات دولية مناهضة لسياساتها.

ج- أسباب هذا التفرد:

*الدعم الغربي المستمر، لاسيما من الولايات المتحدة وأوروبا.

*تفكك النظام العربي الإقليمي، نتيجة الصراعات الداخلية والخلافات البينية.

*الفراغ الاستراتيجي في المنطقة بعد تراجع أدوار بعض القوى الكبرى.

*تقدم إسرائيل في المجالات الأمنية والتكنولوجية.

د- المخاوف من هذا التفرد

1-استمرار التفرد الإسرائيلي قد يعني استبعاد أي تسوية حقيقية عادلة للقضية الفلسطينية.

2- إشعال سباق التسلح.

*زيادة الشعور بالخطر الإقليمي قد تدفع دول المنطقة إلى تطوير قدراتها العسكرية بشكل غير منضبط.

3- توسيع دائرة التوتر الإقليمي:

*إسرائيل قد تقدم على خطوات عسكرية أحادية الجانب ضد إيران أو جهات إقليمية أخرى، مما يهدد بتفجر صراعات شاملة.

4- تهميش الفاعلين الإقليميين:

*تصبح الدول العربية مجرد أطراف هامشية في ملفات مصيرية تتعلق بأمن المنطقة، دون قدرة حقيقية على التأثير.

هـ- سبل مواجهة التفرد الإسرائيلي:

*إحياء العمل العربي المشترك، وخاصة ضمن الجامعة العربية أو عبر أطر جديدة أكثر فعالية.

*بناء توازن ردع إقليمي عبر شراكات استراتيجية وأمنية بين الدول العربية.

*الدبلوماسية النشطة لمواجهة التفرد الإسرائيلي في المحافل الدولية.

*تعزيز القضية الفلسطينية بوصفها نقطة ارتكاز في أي سياسة إقليمية متوازنة.

ثامنًا: استراتيجية التوازن والحد الأدنى من الاستقرار:

1- المفهوم النظري للاستراتيجية:

أ- استراتيجية التوازن

*تقوم على خلق حالة من الردع المتبادل أو التوازن النسبي بين القوى الإقليمية أو الدولية، بحيث لا تنفرد جهة بالهيمنة أو القرار.

*التوازن قد يكون عسكريًا أو سياسيًا أو اقتصاديًا، ويبنى غالبًا على مبدأ “التكافؤ النسبي في القوة”.

ب-الحد الأدنى من الاستقرار:

*هو الوضع الذي تتوقف فيه المواجهات أو تتراجع إلى مستويات يمكن التحكم بها، دون الوصول إلى سلام شامل.

*يُعدُّ استقرارًا مؤقتًا ومحدودًا لكنه يوفر “نافذة فرصة” للعمل الدبلوماسي أو منع التصعيد.

2- دوافع اعتماد هذه الاستراتيجية

*غياب الحسم العسكري أو السياسي في النزاعات المعقدة.

*تعدد الأطراف الفاعلة (دول، منظمات، ميليشيات)، ما يصعب الوصول إلى حلول نهائية.

*الضغوط الدولية والإقليمية التي تدفع نحو التهدئة المؤقتة.

*الحاجة لحماية المصالح الحيوية (الطاقة، التجارة، الأمن الداخلي).

3- أمثلة من الواقع الإقليمي والدولي:

أ-الحالة السورية: التوازن القائم بين روسيا، وإيران، وتركيا، والولايات المتحدة، يرفض حدًا أدنى من الاستقرار، رغم غياب حل نهائي.

ب- الخليج العربي وإيران: استراتيجية التوازن (عبر التفاهمات الأمنية والردع المتبادل) ساعدت في تقليل التصعيد، خصوصًا في ملف هرمز والهجمات على البنى التحتية.

ج-الصراع الفلسطيني _الإسرائيلي: إدارة الصراع دون حله، عبر تفاهمات غير مباشرة (مثل التهدئة المؤقتة في غزة)، تمثل نموذجًا لاستراتيجية الحد الأدنى من الاستقرار.

4- فوائد هذه الاستراتيجية ومخاطرها:

أ-الفوائد:

*منع التصعيد إلى حروب واسعة.

*الحفاظ على قنوات التواصل مفتوحة.

*تهيئة البيئة للحلول المستقبلية.

ب-المخاطر:

*تكريس حالة “اللا سلم واللا حرب”.

*إطالة عمر الصراعات دون حلول جذرية.

*احتمالية الانهيار المفاجئ للاستقرار في حال اختلال التوازن.

5- شروط نجاح الاستراتيجية:

*وجود قوى ضامنة تملك القدرة على التدخل عند اللزوم.

*تفاهم ضمني بين الخصوم حول” الخطوط الحمراء”.

*وجود قنوات حوار سرية أو رسمية.

*قدرة الأطراف على ضبط الفواعل غير النظامية مثل الميليشيات أو الجماعات المسلحة.

6- البدائل والمخرجات المستقبلية:

*إذا نجحت استراتيجية التوازن، قد يتم الانتقال إلى عملية سياسية أكثر شمولية.

*أما إذا فشلت، فقد تعود المنطقة إلى حالة انفجار شامل أو تحولات في خرائط النفوذ.

الفصل الثالث: قراءة إيرانية محتملة للتحرك السعودي

أولًا: دوافع التحرك السعودي من وجهة النظر الإيرانية:

1- مناورة تكتيكية لا استراتيجية

 قد ترى إيران أن التحرك السعودي، هو تكتيكي ومؤقت، يهدف لخفض التصعيد في مرحلة معينة، وليس تغييرًا استراتيجيًا.

2- استجابة لضغوط داخلية وخارجية:

*طهران قد تفسر الانفتاح السعودي بوصفه محاولة للتكيف مع ضغوط اقتصادية ومجتمعية داخلية، إلى جانب تراجع الالتزام الأمريكي المباشر بأمن الخليج.

3- رغبة سعودية في كبح النفوذ الإيراني:

*ترى إيران أن السعودية تسعى لإعادة التموضع بهدف تحجيم نفوذ إيران في مناطق الاشتباك، خصوصًا في اليمن والعراق.

4- مشروع رؤية 2030م كفرصة:

* تعتقد إيران أن السعودية تدرك أن الاستقرار الإقليمي ضروري لتحقيق رؤيتها الاقتصادية، وبالتالي فهي مجبرة على التهدئة وليس راغبة بها بالكامل.

ثانيًا: الحسابات الإيرانية في التعامل مع التحرك السعودي:

1- الاستفادة من خفض التصعيد

*إيران قد تستغل هذا التحرك لتخفيف عزلتها الإقليمية والدولية، خصوصًا في ظل العقوبات الغربية.

2- الاختراق الناعم للداخل الخليجي:

*ترى في العلاقات الجديدة فرصة لتوسيع أدوات نفوذها في الخليج عبر أدوات دبلوماسية واقتصادية وثقافية.

3-عدم التخلي عن أوراق القوة:

*رغم التهدئة، ستبقى إيران على حضورها ونفوذها في ساحات مثل اليمن ولبنان بوصفها أوراقًا تفاوضية وضمانات أمنية.

4- متابعة التحولات الداخلية السعودية:

*إيران قد ترصد التحولات الاجتماعية والسياسية في المملكة وتدرس مدى تأثيرها على توازن القوى الداخلي وصورة السعودية في العالم الإسلامي.

ثالثًا: السيناريوهات المستقبلية المحتملة من المنظور الإيراني:

1- سيناريوهات التعاون المشروط:

*تقارب محدود يخدم مصالح مشتركة (الطاقة، الأمن البحري، الحج، التبادل التجاري) دون التطرق للملفات الخلافية العميقة.

2-سيناريو الشك والانفجار المؤجل:

*استمرار الشكوك المتبادلة قد يؤدي إلى عودة التوتر في أي لحظة، خاصة إذا تغيرت مواقف السعودية أو تعرضت إيران لضغوط دولية جديدة.

3- سيناريو التنافس الهادئ:

*علاقة تقوم على توازن المصالح لا الثقة، يرافقها تنافس ناعم في مناطق النفوذ لكن دون تصعيد مباشر.

رابعًا: التحديات أمام القراءة الإيرانية:

*صعوبة فهم النوايا الحقيقية للتحول السعودي، خاصة مع تعدد مراكز القرار داخل المملكة.

*التحولات المتسارعة في العلاقات الدولية للسعودية (التقارب مع الصين، روسيا، والانفتاح على اسرائيل) قد تربك الحسابات الإيرانية.

* الضغط الشعبي داخل إيران بسبب الازمات الداخلية قد يقيد قدرة النظام على بناء سياسة خارجية مرنة تجاه الرياض.

خاتمة:

التحرك السعودي نحو التهدئة والانفتاح لا يفهم في طهران على أنه انقلاب جذري في توجه المملكة، بل يقرأ غالبًا في سياق موازنة المصالح والبحث عن الاستقرار المرحلي. وبين الحذر الإيراني من “فخاخ دبلوماسية” محتملة، ورغبتها في كسر العزلة، يبقى مستقبل العلاقات السعودية _الإيرانية رهينًا لحسن النوايا، والتفاهم حول ملفات عالقة، ووجود رغبة حقيقية لدى الطرفين لتجاوز إرث الماضي.

خامسًا: هل ترى إيران الزيارة السعودية تهديدًا أم فرصة؟

1- متى ترى إيران الزيارة السعودية تهديدًا؟

أ-عند زيارة السعودية لدول تعدّها إيران خصومًا استراتيجيين (الولايات المتحدة، إسرائيل).

*زيارة ولي العهد أو مسؤولين سعوديين إلى واشنطن أو تل أبيب، تفسر في طهران كتحرك لبناء تحالفات عسكرية أو أمنية تهدف إلى تطويقها.

ب-عند توقيع اتفاقيات دفاعية أو أمنية:

*أي زيارة تتوج بتفاهمات عسكرية، مثل إنشاء درع صاروخي مشترك في الخليج أو اتفاقيات تسليح، تُعدُّ تهديدًا مباشرًا للأمن الإيراني.

ج-عند دعم مشاريع تقويض النفوذ الإيراني:

*مثل الدعم السعودي العلني للمعارضة الإيرانية في الخارج، أو التحركات المناهضة لإيران في المنظمات الدولية.

د-عند تنسيق سعودي مع دول غربية ضد إيران:

*سواء في الملف النووي أو في ملفات مثل حقوق الإنسان أو العقوبات، فإن أي اصطفاف سعودي مع واشنطن أو الاتحاد الأوروبي يقرأ بوصفه إعادة اصطفاف ضد طهران.

2- متى ترى إيران الزيارة السعودية فرصة؟

أ- إذا كانت الزيارة تعزز الحوار الإقليمي:

*زيارات السعودية لدول مثل العراق، عمان، قطر، أو حتى الصين وروسيا، تعدّها طهران فرصة لتعزيز مقاربات التهدئة والحوار الجماعي.

ب- إذا كانت تصب في مصالح اقتصادية مشتركة:

*الزيارات السعودية التي تنتهي بتفاهمات اقتصادية إقليمية (استثمارات، ممرات نقل، مشاريع الطاقة)، قد تنظر إليها إيران بوصفها نافذة لكسر العزلة الاقتصادية المفروضة عليها.

ج- إذا جاءت ضمن استراتيجية الاستقلال الإقليمي عن الغرب:

*أي توجه سعودي نحو “تعدد الشراكات” والابتعاد عن الاعتماد على واشنطن، يقرأ في طهران بوصفه تحولًا استراتيجيَّا مفيدًا لإيران.

د- إذا فتحت الزيارة المجال لتقارب ثنائي:

*زيارات سعودية تشمل ملفات مثل اليمن، والحج، أو أمن الملاحة، قد تُعدُّ فرصة لفتح علاقات جديدة وتحقيق اختراقات سياسية.

3- التحليل الإيراني المبني على البراغماتية والحذر:

*إيران لا تبني موقفًا مطلقًا من الزيارة، بل تقيم النتائج لا النوايا.

*حتى في الحالات التي تقرأ بوصفها تهديدًا، تميل طهران إلى الرد السياسي أو الإعلامي أكثر من التصعيد المباشر.

*البراغماتية الإيرانية تسمح لهم بتحويل بعض التهديدات إلى فرص، خصوصًا، في ظل حاجتها لتقليل الضغط الدولي عليها.

4- أمثلة على زيارات سعودية وردود الفعل الإيرانية:

أ-زيارة السعودية إلى الصين (2023م):

*رأت فيها إيران فرصة، خاصة أنها رعت الاتفاق بين الطرفين لإعادة العلاقات.

ب-الزيارات المتكررة لواشنطن أو باريس:

*أبدت طهران فيها تحفظًا حذرًا، خاصة إذا ترافقت مع مواقف سعودية منتقدة لإيران في ملفي البرنامج النووي ودورها في المنطقة.

ج- أي تقارب سعودي _ إسرائيلي:

*تعدّه طهران تهديدًا استراتيجيًا، وتتعامل معه ضمن “معركة كسر الإرادات ” الإقليمية.

5- الخلاصة والتقييم النهائي

*هل ترى إيران الزيارة السعودية تهديدًا أم فرصة؟

-الإجابة ليست واحدة، بل مزدوجة تعتمد على المكان، والتوقيت، ومخرجات الزيارة.

_ إيران ستواصل قراءة التحركات السعودية بعيون الأمن القومي أولًا، لكنها لن تغلق الباب أمام استثمارها لصالح مصالحها متى سنحت الفرصة.

سادسًا: آفاق التعاون أو التوظيف السياسي:

1- مجالات التعاون الممكنة بين إيران والسعودية

أ- الأمن الإقليمي:

* إمكانية إنشاء قنوات حوار أمني بشأن الخليج واليمن.

* التنسيق لضمان أمن مضيق هرمز والملاحة البحرية.

 ب- الاقتصاد والطاقة:

*فتح أبواب التجارة البينية والاستثمار المتبادل.

*التعاون في منظمة أوبك+ لتعزيز استقرار أسواق النفط.

ج- الملف اليمني:

*تفاهمات مبدئية حول وقف دعم التصعيد من الجانبين.

*دعم عملية سياسية شاملة تقودها الأمم المتحدة بموافقة إيرانية سعودية مشتركة.

د- القضايا الإسلامية المشتركة:

*تنظيم ملف الحج والعمرة بشكل أكثر انسيابية.

*تنسيق المواقف في القضايا الإسلامية الكبرى، مثل القضية الفلسطينية.

هـ- التعاون العلمي والثقافي:

*احتمالات تبادل الخبرات في المجالات العلمية، والطبية، والتعليمية.

2- التوظيف السياسي للانفتاح

أ- من الجانب الإيراني:

*تحسين صورة إيران خارجيًا والتأكيد على قدرتها على الحوار.

*كسر العزلة الإقليمية المفروضة عليها من بعض الدول.

*الاستفادة من العلاقة مع السعودية بوصفها ورقةً في المفاوضات النووية.

ب- من الجانب السعودي:

*تقديم السعودية بوصفها قوة إقليمية قادرة على قيادة التهدئة.

*تقوية موقعها في الملفات الإقليمية أمام الولايات المتحدة والغرب.

*تسويق التهدئة بوصفها عاملًا مساعدًا لرؤية 2023م والانفتاح الاقتصادي.

3- التحديات التي تواجه التعاون.

*انعدام الثقة المتراكم بسبب تجارب سابقة من التوتر والخداع.

*الاختلاف الحاد في الرؤى الإقليمية خاصة في ما يتعلق بنفوذ إيران في سوريا ولبنان.

*الضغوط الدولية على إيران بسبب الملف النووي قد تعرقل الانفتاح.

*احتمال تصاعد التوتر في ملفات مثل اليمن أو البحرين يعيد الأمور إلى نقطة الصفر.

4- السيناريوهات المستقبلية المحتملة

أ_ سيناريو التعاون الخليجي:

*تنمو العلاقات ببطء في ملفات غير حساسة، مثل الاقتصاد والثقافة، وتُؤجَّل الملفات الساخنة.

 ب- سيناريو التوظيف السياسي المحدود:

*يُستغل الانفتاح في تحسين الصورة الإقليمية لكل طرف، دون تغييرات جوهرية في القضايا الأمنية.

ج- سيناريو الانتكاسة:

 حدوث تصعيد عسكري أو سياسي مفاجئ يعيد القطيعة، خاصة إذا تغيرت المواقف في اليمن أو العراق أو حدث تقارب سعودي – إسرائيلي علني.

سابعًا- احتمالات الاحتواء مقابل التواطؤ:

1- فرضية الاحتواء – الزيارة لاحتواء إيران لا التحالف معها.

أ- إعادة توجيه السلوك الإيراني:

*السعودية قد تسعى لإقناع إيران بضبط تحركاتها الإقليمية (في اليمن، والعراق، ولبنان، وسوريا) مقابل مكاسب سياسية أو اقتصادية.

ب- منع التصعيد المباشر:

*احتواء احتمال المواجهة العسكرية أو التهديد للأمن الخليجي من خلال الحوار المباشر بدل المواجهة بالوكالة.

ج-احتواء التمدد الصيني والروسي عبر إيران:

*السعودية قد تستخدم علاقتها بطهران لتوازن تقارب إيران مع قوى تعدّها الرياض منافسة استراتيجيًا.

 د-تعزيز صورة السعودية بوصفها قوة عقلانية مسؤولة:

*هذه الخطوة تعكس تحولًا سعوديًا نحو الريادة الإقليمية عبر الدبلوماسية لا التصعيد.

2- فرضية التواطؤ – هل هناك تنسيق غير معلن؟

أ-تقاسم النفوذ في المنطقة:

*قد يُفسر بعضهم الزيارة بأنها تأتي ضمن تفاهمات غير معلنة حول تقسيم النفوذ في ملفات مثل اليمن وسوريا.

ب-تحييد ملفات حساسة:

*إمكانية التواطؤ على تحييد ساحات معينة عن الصراع (مثل العراق أو البحرين) لتحقيق مكاسب لكلا الطرفين.

ج-توظيف الزيارة لتحسين مواقف دولية:

*إيران قد توظف الزيارة لتخفيف الضغوط الغربية بزعم أنها تتجه للحوار.

*والسعودية قد تستثمرها لإثبات دورها القيادي في تقارب المحاور.

د-سكوت متبادل عن التدخلات:

*نوع من “التواطؤ الصامت” إذا قبلت كل دولة بالتحركات الميدانية للأخرى في مناطق نفوذها مقابل عدم التصعيد.

3- قراءة النتائج والمؤشرات الواقعية:

أ- مؤشرات على الاحتواء

*تصريحات رسمية تدعو للتهدئة والتكامل الاقتصادي.

*دعوات مشتركة لحل الأزمات بالطرق السياسية (مثل في اليمن).

*فتح سفارات وقنوات أمنية مشتركة.

ب-مؤشرات على التواطؤ

*استمرار النفوذ الإيراني في مناطق الصراع دون اعتراض سعودي.

*تجاهل متبادل لبعض السلوكيات الإقليمية.

*تسريبات عن تفاهمات خلف الأبواب المغلقة.

4- المواقف الدولية والإقليمية من الزيارة

*الولايات المتحدة: قد تنظر بحذر إلى هذه الزيارة، خشية تراجع النفوذ الغربي لصالح تقارب الخصوم.

*إسرائيل: ترى أي تقارب سعودي – إيراني بأنه خسارة في ملف عزل إيران.

*دول الخليج الأخرى: بعضها يشجّع التقارب لخفض التوتر، وبعضها الآخر يخشى خسارة الاصطفاف الخليجي الموحد.

5- التقدير الاستراتيجي – إلى أين يتجه هذا المسار؟

*الاحتمال الأقرب هو مزيج من الاحتواء الحذر والتفاهم المرحلي، حيث لا توجد ثقة كافية لتنسيق عميق، ولا مصلحة في التصعيد الكامل.

*الطرفان يستثمران في هذه العلاقة بوصفها أداة لضبط الإيقاع الإقليمي، لا تحالفًا استراتيجيًّا دائمًا.

الفصل الرابع: النتائج المحتملة على النظام الإقليمي:

أولًا: السياق الإقليمي للزيارة

تراجع الاستقطاب الحاد بين محوري “الممانعة” و”الاعتدال”.

*تصاعد الأزمات المشتركة (أمن الطاقة، والأمن البحري، والتدخلات الدولية).

*الحاجة إلى منظومة إقليمية جديدة أكثر استقرارًا بعد عقد من الفوضى والحروب بالوكالة.

*دخول وسطاء دوليين جدد مثل الصين وروسيا إلى معادلة العلاقات الخليجية – الإيرانية.

ثانيًا: النتائج السياسية المحتملة على النظام الإقليمي

1-تراجع منطق المحاور الصلبة

*قد تؤدي الزيارة إلى إضعاف الاصطفافات الحادة، وخلق هندسة إقليمية أكثر مرونة.

2-إطلاق دينامية جديدة للحوار الإقليمي

 فتح مسارات متعددة بين إيران والسعودية يمكن أن يُلهم حوارًا إقليميًا أوسع يشمل ملفات النزاع كاليمن، وسوريا، والعراق، ولبنان..

3-إعادة رسم أدوار الدول الوسيطة

مثل: عمان، والعراق، وقطر قد تعزز أدوارها في تسهيل التفاهمات بين الأطراف المتنافسة.

4- تعديل الموقف من الصراعات المزمنة

إمكانية إحداث اختراقات دبلوماسية في الملفات المتجمدة، مثل الأزمة السورية أو انسداد المسار السياسي في لبنان.

ثالثًا: النتائج الأمنية والعسكرية المحتملة

1-خفض التوتر في الخليج العربي

*التفاهم السعودي – الإيراني قد يقلل من التهديدات على الملاحة البحرية وأمن الطاقة.

2-إعادة تقييم الحسابات في اليمن

*تقارب الطرفين قد يمهد لتسوية يمنية تحفظ مصالح الجميع، وتخفف من مخاطر التصعيد.

3-ضبط السلوكيات بالوكالة

*الحد من استخدام الجماعات المسلحة بوصفها أدوات نفوذ متبادل، ما يسهم في تهدئة ساحات الصراع.

4- احتمال تأسيس إطار أمني إقليمي

 قد تمهد الزيارة لفكرة إنشاء منظومة أمن جماعي خليجية – إيرانية بإشراف إقليمي، بدلًا من الاعتماد على القوى الخارجية.

رابعًا: النتائج الاقتصادية والتنموية المحتملة

1- توسيع فرص التكامل الاقتصادي

 إذا تبعت الزيارة خطوات عملية، فقد تُفتح قنوات للاستثمار والتجارة المتبادلة، خصوصًا في الطاقة والتكنولوجيا.

2- استقرار بيئة الأعمال والاستثمار:

التهدئة السياسية تنعكس إيجابًا على مناخ الاستثمار الإقليمي، مما يدعم خطط التنمية الكبرى مثل رؤية السعودية 2030م.

3- تشجيع التعاون في مشاريع البنية التحتية الإقليمية

كالربط الكهربائي والمائي، والموانئ، والممرات البرية والبحرية.

خامسًا: التحديات التي قد تعيق النتائج الإيجابية

*الشكوك المتبادلة المتراكمة بين الطرفين.

*استمرار الصراعات بالوكالة دون ضوابط واضحة.

*الضغوط الدولية، خاصة من الولايات المتحدة وإسرائيل، التي قد تعارض تقاربًا عميقًا بين الرياض وطهران.

*احتمالات تراجع الالتزامات من أي من الطرفين إذا تغيّر ميزان القوى أو الظروف الإقليمية.

سادسًا: السيناريوهات المستقبلية للنظام الإقليمي بعد الزيارة

1-سيناريو التهدئة المستدامة

*تنجح السعودية وإيران في بناء قواعد اشتباك جديدة تقلل من فرص التصعيد وتعزز منطق التعاون.

2-سيناريو التفاهم المحدود

*يستمر الحوار لكن دون نتائج ملموسة، وتبقى العلاقة محكومة بالحذر والتوظيف التكتيكي.

3-سيناريو الانتكاسة

يعود التوتر بسرعة إذا حصلت استفزازات أو صدامات في ملفات حساسة، مما يُعيد المنطقة إلى أجواء الصراع.

سابعًا: هل يفتح التحرك السعودي _الإيراني بابًا لإعادة توازن الردع؟

1- مفهوم توازن الردع في السياق الإقليمي

توازن الردع يعني قدرة كل طرف على منع الآخر من التصعيد أو الهجوم بفعل الكلفة العالية للرد.

في منطقة الشرق الأوسط، يتخذ الردع أشكالًا متعددة: وعسكرية، وأمنية، وسياسية، واقتصادية

العلاقة بين السعودية وإيران شكّلت على مدى العقود الماضية محورًا رئيسًا في اختلال هذا الردع بفعل الحروب بالوكالة والتدخلات غير المباشرة.

2- التحرك السعودي – الإيراني: من القطيعة إلى التواصل

*شهدت العلاقات حالات تصعيد حاد في اليمن، والبحرين، ولبنان، وسوريا.

*عودة العلاقات برعاية صينية شكّلت تحولًا نوعيًا في سياسة التفاعل بين الطرفين.

*الزيارات المتبادلة جاءت وسط رغبة مشتركة في تجنب المواجهة المباشرة وتحقيق مكاسب داخلية وإقليمية.

3- مؤشرات على إعادة تشكيل الردع

أ- تقليص الحروب بالوكالة

*التفاهمات الثنائية قد تؤدي إلى تحجيم دور المليشيات المسلحة في اليمن ولبنان.

*تقليل استخدام الأدوات غير النظامية سيُعيد الردع إلى قواعده التقليدية: (دولة في مواجهة دولة).

 ب- تعزيز الردع المتبادل القائم على الحوار:

*إنشاء قنوات اتصال أمني مباشر يخفف من احتمال سوء الفهم أو التصعيد غير المحسوب.

*الردع هنا لا يعتمد فقط على القوة، بل على القدرة على ضبط الإيقاع من خلال الدبلوماسية.

ج- تعدد مراكز التوازن في المنطقة

*يؤدي هذا التقارب إلى إضعاف الاحتكار الإسرائيلي – الأمريكي للردع الاستراتيجي في المنطقة.

*قد تظهر تحالفات مرنة جديدة تُعيد توزيع الكوابح والمحفزات للصراع.

4- حدود إعادة التوازن – تحديات مستمرة

أ-الشكوك المتبادلة

*لا تزال هناك مخاوف سعودية من النوايا الإيرانية الإقليمية، والعكس صحيح.

*هذا التوجس يُقلل من إمكانية بناء “ردع مستدام” ما لم تُختبر الثقة ميدانيًا.

 ب-العوامل الخارجية:

الولايات المتحدة وإسرائيل قد تعرقلان تقاربًا عميقًا بين الرياض وطهران، خشية خسارة نفوذ الردع التقليدي القائم على العداء الإيراني – الخليجي.

ج-عدم التوازن العسكري

تبقى إيران متقدمة في بعض القدرات غير التقليدية (الصواريخ، والطائرات المسيّرة، والشبكات الوكيلة)، ما يخل بالردع التقليدي في بعض الجبهات.

5- تأثير التحرك على توازنات أخرى في المنطقة

أ-إسرائيل وإيران

إذا شعر الكيان الإسرائيلي بأن السعودية تبتعد عن المواجهة مع طهران، فقد يُصعد منفردًا ضد إيران، مما يغير معادلة الردع الإقليمية.

ب- التحالفات الخليجية

دول خليجية أخرى قد تعيد تموضعها الاستراتيجي إما بالاقتراب من إيران أو تعزيز تحالفها مع الغرب لتوازن السعودية.

ج- تركيا ومصر

قد تستثمر الدول الإقليمية الكبرى في هذا التقارب لتعزيز دورها بوصفها وسيطًا أو لتحقيق مكاسب في ملفات مثل الطاقة والنقل الإقليمي.

6- السيناريوهات المستقبلية لتوازن الردع بعد التحرك السعودي – الإيراني

أ-سيناريو التوازن المرن

*يتحول الردع من مواجهة مباشرة إلى حالة توازن ناعم قائم على “إدارة النفوذ” بدلًا من تحجيمه.

ب-سيناريو الردع المتقطع

*تُستأنف التهدئة في لحظات، وتتعطل في أخرى، مع استمرار الحذر والتوتر.

3-سيناريو التصعيد المحسوب

*يفشل التحرك السياسي، ويعود الردع إلى منطق “الردع بالردع”، أي العودة إلى أدوات القوة والتهديد.

ثامنًا: أثر ذلك التحرك على العلاقة السعودية _الأمريكية:

1- السياق التاريخي للعلاقة السعودية – الأمريكية

*بدأت العلاقة منذ أربعينات القرن الماضي وتطورت لتشمل التعاون في النفط، والأمن، والتسليح، ومكافحة الإرهاب.

*شهدت العلاقة توترات متقطعة (أحداث 11 سبتمبر، والحرب في اليمن، وجريمة خاشقجي، والملف النووي الإيراني)..

*رغم التوتر، ظلت العلاقة قائمة على أساس المنفعة المتبادلة.

2- دلالات التحرك السعودي – الإيراني بالنسبة لواشنطن

أ-تقارب تم برعاية صينية

*أثار قلقًا أمريكيًا لكون الصين بدأت تلعب دورًا استراتيجيًا بديلًا عن واشنطن في الوساطة الإقليمية.

ب- محاولة سعودية لخلق توازن استراتيجي مستقل

تسعى السعودية إلى تنويع تحالفاتها، ما قد يُفهم بأنه إعادة صياغة للتحالف مع واشنطن وفق شروط جديدة.

ج_ إضعاف سياسة “الاحتواء المزدوج”

التي كانت ترتكز على دعم الخليج ضد إيران، إذ قد تتحول السعودية من خصم مباشر لإيران إلى شريك مرحلي في التهدئة.

3- الأثر السياسي والاستراتيجي على العلاقة

أ-تآكل النفوذ الأمريكي في الخليج

*التقارب يعكس تراجع هيمنة واشنطن بوصفهاـ “ضامن أوحد” لأمن الخليج.

*بروز الصين بوصفه لاعبًا فاعلًا يعزز تعدد الأقطاب في المنطقة.

ب- تغير أولويات السياسة السعودية:

السعودية تركز حاليًا على التنمية والاقتصاد (رؤية 2023م) لا المواجهات، ما يقلل من حاجتها للتحالفات العسكرية المكلفة.

 ج-إعادة توازن الملفات الإقليمية

 تسعى الرياض إلى حل الأزمات عبر الحوار لا المواجهة (كما في اليمن وسوريا)، وهو ما قد يتعارض مع بعض المصالح الأمريكية.

4- الأثر الأمني والعسكري

أ-استقلال نسبي في القرار الأمني

قد تؤدي التفاهمات مع طهران إلى خفض الاعتماد على الوجود العسكري الأمريكي في الخليج

ب- تقييد استراتيجية الضغط القصوى على إيران

التقارب يضعف أي جهود أمريكية مستقبلية لعزل إيران، خصوصًا إذا رفضت الرياض دعم خطوات تصعيدية ضد طهران.

ج- مخاوف أمريكية من تحول في التوازنات الإقليمية

واشنطن تخشى أن يؤدي هذا التحرك إلى تقارب أوسع بين الرياض وكل من بكين وموسكو، ما يُهدد مصالحها طويلة المدى.

5- الأثر الاقتصادي والطاقوي:

أ- تباين في أولويات سوق الطاقة

السعودية تتعاون مع الصين وإيران لتثبيت استقرار السوق، بينما أمريكا تفضل خفض الأسعار لحماية المستهلك الأمريكي.

ب- تنويع الشراكات الاقتصادية

تحركات الرياض تعكس رغبة في الخروج من الهيمنة الغربية والانفتاح على استثمارات آسيوية وإقليمية

6- رد الفعل الأمريكي المحتمل

 أ- محاولة استيعاب التحرك

قد تتجه واشنطن إلى تعزيز الحوار مع السعودية للحفاظ على التحالف.

ب- تشديد الضغط على إيران بدلًا من السعودية

*باستخدام أدوات مثل العقوبات وتفعيل التحالفات الإقليمية (الهند، إسرائيل، أوروبا).

: ج-مراجعة استراتيجية التمركز في الخليج

*مع تقليل الوجود العسكري التدريجي وتحويل التركيز نحو الردع غير المباشر.

تاسعًا: سيناريوهات مستقبلية للعلاقة السعودية – الأمريكية بعد التحرك السعودي – الإيراني

السيناريو وصفة أثره على العلاقة

تحالف مرن تستمر العلاقة لكن بشروط أكثر توازنًا شراكة قائمة على المصالح لا التبعية

تحول استراتيجي تتجه السعودية نحو استقلال استراتيجي أوسع

تراجع النفوذ الأمريكي عودة إلى الاصطفاف القديم

تفشل التهدئة مع إيران، فتعود الرياض إلى واشنطن تعزيز التحالف ضد طهران

عاشرًا: مستقبل العلاقة السعودية _الإسرائيلية:

1- السياق الإقليمي والدولي:

أ-التقارب السعودي-الإيراني:

*جاء بعد قطيعة دامت سبع سنوات، أثر اقتحام السفارة السعودية في طهران عام 2016م.

*يهدف هذا التقارب إلى تهدئة التوترات الإقليمية خاصة في اليمن وسوريا والعراق، حيث تدعم كل دولة أطرافًا متعارضة. 

ب-الجهود الأمريكية للتطبيع السعودي- الإسرائيلي:

*تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيق اختراق دبلوماسي بين الرياض وتل أبيب، ضمن استراتيجية لعزل إيران وتعزيز التحالفات الإقليمية.

2- المواقف الرسمية:

أ-المملكة العربية السعودية:

*تؤكد على أن أي تطبيع مع إسرائيل مرهون بإقامة دولة فلسطينية وفق مبادرة السلام العربية. كما تشدد على أهمية احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.

ب-إيران:

ترفض بشدة أي تقارب بين السعودية وإسرائيل، وتعدّه تهديدًا لمصالحها الإقليمية، مع ذلك قد تكتفي طهران بإدانة معتدلة لتجنب تفويض التقارب مع الرياض.

ج-إسرائيل:

*تشعر بالقلق من التقارب السعودي _الإيراني، وتعدّه فشلًا في استراتيجيتها لعزل طهران. كما تخشى من فقدان فرصة تطبيع العلاقات مع الرياض.  

3- العوامل المؤثرة:

أ-الملف الفلسطيني:

*يظل حجر الزاوية في أي تقارب سعودي _إسرائيلي، تصر الرياض على ضرورة تحقيق تقدم ملموس في هذا الملف قبل أي تطبيع.  

ب-التوازنات الإقليمية:

*يسعى الطرفان السعودي والإيراني إلى تقليل التوترات الإقليمية، مما قد يؤثر على مدى استعداد السعودية للتقارب مع إسرائيل.

ج-الضغوط الدولية:

*تلعب الولايات المتحدة دورًا محوريًا في دفع السعودية نحو التطبيع، مقابل تقديم ضمانات أمنية ومساعدات تقنية.

4- السيناريوهات المحتملة:

أ-تجميد مؤقت لمسار التطبيع: قد تؤدي التوترات الإقليمية، خاصة بين إيران وإسرائيل إلى تأجيل أي خطوات تطبيعيه بين السعودية وإسرائيل.

ب-تطبيع مشروط: قد توافق السعودية على تطبيع محدود مع إسرائيل، مقابل تحقيق تقدم في الملف الفلسطيني وضمانات أمنية أمريكية.

ج-تسوية شاملة: في حال نجاح التقارب السعودي _الإيراني واستقرار الأوضاع الإقليمية، قد يتم التوصل إلى اتفاق شامل يشمل تطبيع العلاقات السعودية _الإسرائيلية.

الفصل الخامس: النتائج المتوقعة: 

1-تخفيض التوترات الأمنية والعسكرية في المنطقة:

 من أبرز النتائج المتوقعة تعزيز الاستقرار في الخليج العربي، عبر تخفيف النزعة التصعيدية بين البلدين، والتوافق على آليات منع الاشتباك أو الحوادث البحرية أو الجوية.

2- إطلاق حوارات أمنية مباشرة:

يمكن أن تمهّد الزيارة لتشكيل لجان تنسيقية أمنية أو عسكرية مشتركة تبحث ملفات حساسة مثل أمن الممرات البحرية، واليمن، وسوريا.

3- تعزيز الثقة الاستراتيجية بين الطرفين:

 ترسل الزيارة رسالة إيجابية للطرف الإيراني حول جدية الرياض في الانفتاح، مما قد يسهم في بناء مناخ ثقة يُترجم لاحقًا إلى تعاون أمني أوسع.

4-تأثيرات على ملفات إقليمية حساسة:

 يُتوقع أن تنعكس نتائج هذه الزيارة على ملفات مثل الأزمة اليمنية، إذ إن تقاربًا سعوديًا-إيرانيًا قد يسرّع من التسوية السياسية هناك، فضلًا عن تهدئة الوضع في العراق ولبنان.

5-تهيئة البيئة الإقليمية لمشاريع اقتصادية مشتركة:

 الأمن هو شرط الاستثمار، والتفاهم السعودي- الإيراني قد يفتح الباب أمام مشاريع إقليمية تشمل البنية التحتية والطاقة واللوجستيات.

خاتمة

  تمثل زيارة وزير الدفاع السعودي إلى طهران خطوة مفصلية في مسار التحول الاستراتيجي الذي تشهده السياسة السعودية تجاه إيران والمنطقة عمومًا.

  فهي لا تعكس فقط رغبة في تجاوز مرحلة التوترات الأمنية، بل تشير إلى تبني الرياض نهجًا جديدًا يقوم على الحوار والتنسيق الأمني لضمان استقرار الإقليم.

  ومن خلال هذه الزيارة، تسعى المملكة إلى إعادة تشكيل التوازنات الإقليمية من موقع القوّة الهادئة، وتأكيد دورها بوصفها فاعلًا عقلانيًا قادرًا على فتح قنوات التواصل حتى مع الخصوم التقليديين، بما يخدم رؤيتها الوطنية ويعزز الأمن الجماعي في الخليج والمنطقة الأوسع.

  وفي ظل هذه المعطيات، يمكن عدّ هذه الزيارة حجر أساس لمرحلة جديدة من العلاقات السعودية-الإيرانية، مبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

 المصادر

1-لمرصد: تطور كاشف: أهداف زيارة وزير الخارجية السعودي إلى إيران _المرصد.

2-https://www.skynewsarabia.com/middleeast.أهداف الزيارة السعودية لطهران ومضمونها

3-https//www.aljazeera.net.17-4-2025     أهداف زيارة وزير الدفاع السعودي لطهران،

4-https//www.qudspress.com.       التوقيت والدلالة الإقليمية للزيارة السعودية لطهران

5-https//www.iranintl.com.أبعاد الزيارة السعودية إلى طهران

6-financial times.saudi Arabias. Defence minister visits iran ahead of US talks.

7- BBC.NEWS .حرب غزة.ماذا تعني زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى السعودية في هذا؟ التوقيت

 8-التصريحات الرسمية السعودية والإيرانية

9-وثائق سابقة حول معادلة الردع والتهديدات النووية الإيرانية

– تحليلات مراكز الدراسات مثل: مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)10-مركز كارنيغي، ومركز الأهرام

11-المعهد المصري للدراسات، العلاقات السعودية _الإيرانية الواقع واحتمالات المستقبل.

12-Iranintl.Saudi Foreign ministers Visit to Tehran Marred By Diplomatic Incident l iran International.

13-The Washington Post At center of diplomatic intrigue, Israeli envoy Pursues Saudi Prize.

د. سميح الأهدل

أكاديمي في كلية التربية طور الباحة بجامعة لحج، باحث غير مقيم في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى