منذ أن ضرب فيروس «ستكس نت» منشآت نطنز النووية الإيرانية عام 2010، دخل العالم مرحلة جديدة في طبيعة الصراع الدولي؛ إذ لم تعد الحروب تُدار في ميادين مكشوفة بالدبابات والجنود، بل باتت تُخاض في فضاءات خفية، تُساق فيها الأكواد المدمّرة والبرمجيات الخبيثة، مدعومة بذكاء اصطناعي لا يرحم.
لقد أصبحنا أمام عصر الحروب غير التقليدية، حيث تتلاشى الحدود الجغرافية، ويُعاد تعريف مفاهيم السيادة والردع والأمن القومي. وفي قلب هذا التحول تتصدر الحرب السيبرانية بين إيران وإسرائيل واجهة المواجهات الجيوسياسية المعاصرة، باعتبارها نموذجًا مثاليًا لحروب غير متناظرة، تتشابك فيها التقنية مع الاستراتيجيا، وتُعاد عبرها صياغة مفهوم القوة.
في هذا العدد الخاص، تفتح مجلة بريم ملف الصراع السيبراني الإيراني–الإسرائيلي بين عامي 2010 و2025، في دراسة معمقة توثق أبرز الهجمات، وتفكك بنيتها التقنية، وتناقش دلالاتها السياسية والعسكرية. كما تسلط الضوء على كيفية تحوّل الفضاءات الرقمية إلى مسارح مركزية للصراع وبدائل ردع في ظل اختلال موازين القوى التقليدية.
إننا أمام لحظة مفصلية تتطلب فهمًا جديدًا لطبيعة التهديدات العابرة للحدود، وتفكيرًا نقديًا في مستقبل الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط والعالم. ويبقى السؤال: هل نملك ما يكفي من أدوات التشخيص والاستشراف؟ وهل تستطيع القوانين الدولية مواكبة سرعة الاختراقات والتصعيدات الرقمية؟
بين أسطر هذا العدد، نحاول أن نقترب من الإجابة، أو على الأقل أن نفتح النقاش.
