بحوث ودراسات

الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية لظاهرة التسول في عدن: دراسة ميدانية

ملخص الدراسة

تناولت هذه الدراسة ظاهرة التسول في العاصمة عدن، والتي تُعدُّ من أبرز القضايا التي تشغل بال المجتمع بكافة شرائحه. ركزت الدراسة على جوانب متعددة لهذه الظاهرة، فطرحت مجموعة من التساؤلات والفرضيات المستندة إلى حقائق ميدانية رصدها الباحثون خلال تفاعلهم المباشر مع المجتمع. وتناولت الدراسة بشكل خاص مفهوم التسوّل والتشرد، ودوافعهما، وأشكالهما المتعددة، وآثارهما السلبية على الفرد والمجتمع.

وللوصول إلى نتائج دقيقة، اعتمد الباحثون على منهج المسح الاجتماعي، حيث تم استطلاع آراء عينة تمثيلية من أفراد المجتمع حول الأبعاد الأمنية لظاهرة التسول في عدن.

وأظهرت نتائج الدراسة أن ظاهرة التسول في العاصمة عدن تشكل تهديدًا حقيقيًا لاستقرار المجتمع وأمنه. ففضلًا عن آثارها الاجتماعية والاقتصادية السلبية، فإن هذه الظاهرة تسهم في انتشار الجريمة وتدهور الأخلاق العامة. وعزت الدراسة سبب تفشي هذه الظاهرة إلى عدة عوامل، منها: الأوضاع الاقتصادية الصعبة، النزوح والهجرة غير الشرعية، وضعف الرقابة، واستغلال الأطفال.

وقد وضعت الدراسة عددًا من التوصيات والمقترحات:

الكلمات المفتاحية: التسول – البواعث – المخاطر.

Summary

This study addressed the phenomenon of begging in the capital city of Aden, which is one of the most pressing issues concerning all segments of society. The study focused on various aspects of this phenomenon, raising a set of questions and hypotheses based on field data collected by researchers through direct interaction with the community. Specifically, the study examined the concept of begging and homelessness, their motivations, various forms, and their negative impacts on individuals and society.

To achieve accurate results, the researchers employed a social survey method, gathering opinions from a representative sample of community members regarding the security dimensions of the begging phenomenon in Aden.

The study’s findings revealed that begging in Aden poses a serious threat to societal stability and security. In addition to its negative social and economic impacts, the phenomenon contributes to the spread of crime and the deterioration of public morals. The study attributed the spread of begging to several factors, including economic hardship, displacement and illegal migration, lack of oversight, and the exploitation of children.

The study proposed several recommendations and suggestions.

**Keywords**: Begging – Motivations – Risks.

المقدمة

تتنوع المشكلات الاجتماعية التي تواجه المجتمعات، وتختلف شدتها وطبيعتها باختلاف الظروف الاقتصادية والسياسية والثقافية. ومن بين هذه المشكلات، تبرز ظاهرة التسول التي تنتشر بشكل خاص في المجتمعات التي تعاني من أزمات اقتصادية حادة وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.

تشكل ظاهرة التسول مشكلة اجتماعية عميقة الجذور تعكس خللًا في النظم الاقتصادية والاجتماعية. فبالإضافة إلى كونها مؤشرًا على الفقر والبطالة، فإنها تنذر بوجود فجوات اجتماعية واسعة وضعف في إدارة الموارد. وتعود أسباب هذه الظاهرة إلى عوامل متعددة، منها الفشل الفردي في الاستفادة من القدرات الشخصية، وفشل النظام في توفير فرص عادلة للجميع. لذا، فإن مكافحة التسول تتطلب معالجة الأسباب الجذرية لهذه المشكلة، من خلال تطوير السياسات الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز التماسك الاجتماعي.”

أشار “ألبرت كامو” إلى أن القرن السابع عشر كان قرن الریاضیات، والثامن عشر قرن العلوم الفیزیائیة، والتاسع عشر قرن البیولوجیا، في حین أن العشرین والحادي والعشرین هما قرنا الخوف. كان دافعه التعبير عن العالم الذي يغلي بالأزمات السیاسیة والظلم الاقتصادي والتدهور الاجتماعي وفقدان القیم الأخلاقية وانتشار الحروب الأهلية وتفاقم المشكلات الاجتماعية والظواهر الإجرامية، في ظل هذه الأحداث العنيفة نجد أن الأطفال والنساء والمسنيين هم أضعف الفئات في أي مجتمع، وهم الذین يعانون أكثر من غیرهم من أزمات ً العالم الحدیث وانتهاكاته؛ فهذه ضریبة كونهم حلقة ضعيفة في عالم العولمة في القرن الحادي والعشرین، فتراهم یهیمون على وجوههم في الشوارع والأزقة والممرات في المدن الكبیرة یعانون الجوع والفقر والإهمال وسوء المعاملة.

وقد شكلت ظاهرة شيوع التسول في العاصمة عدن مشكلة اجتماعية مستجدة على الساحة مؤخرا لاسيما بعد حرب 2015 حيث أصبحت هذه الظاهرة تؤرق الكثيرين وتقلقهم، فهي لم تكن فيما سبق بمعنى الظاهرة والمشكلة، ولكنها اليوم تنمو وتكبر حتى غدت ظاهرة حقيقية ومشكلة اجتماعية تستدعي القلق والدراسة، لاسيما في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها العاصمة عدن، وهو ما من شأنه أن يزيد من استفحالها وطغيانها، وبروزها بوصفها ظاهرة تمارس عيانا دون حسيب أو رقيب، حتى غدت سلوكا يوميا، وعادة مألوفة تم استنساخها واكتسابها؛ نتيجة المعايشة المستمرة للمتسولين والمتشردين الذين ينتشرون بكل مكان في مديريات العاصمة عدن، وقد تعددت أماكن الوافدين منها سواء أكانوا نازحين أم مهمشين أم مهاجرين محليين أم مهاجرين غير شرعيين من القرن الأفريقي، وتلك الإشكاليات المتداخلة ولدت ثقافة تسول وتشرد معهودة ومشاهدة باستمرار، الأمر الذي بدد النظرة والعقيدة الرافضة لمثل هذه الظواهر لدى المجتمع المحلي والجهات المعنية.

وهذا المشهد خلق انتشارًا مرعبًا لظاهرة التسول والتشرد في العاصمة عدن في ظل أزمة انهيار العملة المحلية وارتفاع أسعار المواد الغذائية وزيادة الطلب على السلع الأساسية وبالتزامن مع الأفواج البشرية من النازحين والمهاجرين غير الشرعيين، فضلًا عن الهجرة الداخلية من المحافظات المجاورة للعاصمة عدن.

الفصل الأول: الإطار العام للدراسة   

   سيتناول هذا الفصل الإطار العام للدراسة من تحديد المشكلة للدراسة، كما يقوم بتوضيح أهداف الدراسة، وأهمية هذه الدراسات، وأسباب الدراسة، ومفاهيم مصطلحات الدراسة.

أولا: مشكلة الدراسة:

تشكل ظاهرة التسول في مدينة عدن تحديًا اجتماعيًا واقتصاديًا متفاقمًا. فبالإضافة إلى الفقر والبطالة المزمنة، تسهم العوامل المتعددة مثل التحضر السريع، وغياب فرص العمل، والنزاعات المستمرة في المنطقة، في زيادة أعداد المتسولين، خاصة الأطفال. ويعاني هؤلاء الأطفال من مخاطر عديدة تهدد مستقبلهم، مثل الاستغلال والعنف والإهمال. وتؤثر هذه الظاهرة سلبًا على صورة المدينة، وتزيد من الأعباء على المجتمع.

أهمية الدراسة:

تُعدُّ هذه الدراسة حجر الزاوية في فهم أبعاد مشكلة التسول المتفاقمة في مدينة عدن، حيث تسعى إلى تحديد الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة وتقييم آثارها السلبية على الفرد والمجتمع. كما تقدم الدراسة توصيات عملية لوضع حلول مستدامة لمواجهة هذه المشكلة، مثل توفير فرص عمل، وبرامج تأهيل، وتعزيز الرقابة الاجتماعية. وبالتالي، تسهم هذه الدراسة في بناء مجتمع أكثر أمانًا واستقرارًا، وحماية الفئات المستضعفة، خاصة الأطفال.

وتكمن أهمية هذه الدراسة في الكشف عن هذه الظاهرة الآخذة بالتزايد والانتشار خاصة في الوقت الحاضر؛ لمّا خلفته السياسات المتعنتة للنظام البائد وضعف النظام القائم. وتتجلى أهميتها في الآتي:

–    تشخيص الوضع الراهن المترتب عن هذه الإشكالية الاجتماعية المتفشية في العاصمة عدن.

–    كشف الآثار النفسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية والحضرية الناجمة عن ظاهرة التسول في العاصمة عدن.

تقديم المعالجات والتوصيات للجهات المختصة للتخفيف والحد من ظاهرة التسول في العاصمة عدن.

  • أسئلة الدراسة:

وفي هذه الدراسة نسعى إلى وصف هذه الظاهرة من خلال محاولتنا للإجابة عن السؤال الرئيس وهو: ما واقع التسول في شوارع العاصمة عدن؟

ويتفرع من هذا السؤال عدد من التساؤلات التالية:

  1. ماهية التسول؟ ما حقيقة انتشار ظاهرة التسول في شوارع العاصمة عدن؟ وما هي الخصائص العامة للفئات التي تمارس تلك الظاهرة؟
  2. ما البواعث والأسباب المؤدية لظاهرة التسول المنتشر في العاصمة عدن؟
  3. ما هي الآثار الاقتصادية والمعيشية من جراء ظاهرة التسول المنتشر في العاصمة عدن من وجهة نظر المختصين في المجال الاقتصادي؟
  4. ما هي الآثار الاجتماعية والنفسية من جراء ظاهرة التسول المنتشرة في العاصمة عدن من وجهة نظر المختصين في علمي الاجتماع والنفس؟
  5. ما هي المخاطر الأمنية من جراء ظاهرة التسول المنتشر في العاصمة عدن من وجهة نظر المختصين في الجهات الأمنية؟
  6.  ما هي وجهة نظر المجتمع لدوافع ظاهرة التسول شبه اليومية والدائمة في شوارع العاصمة عدن؟
  7.  ماهي المؤشرات التخطيطية والرؤى المستقبلية المساعدة للحد من هذه الظاهرة والقضاء عليها مستقبلا؟
  8. فرضيات الدراسة:

تتمثل فرضية الدراسة الرئيسة في الآتي:

“يؤدي تدفق المتسولين إلى العاصمة عدن إلى خلق الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية والصحية وغيرها من الأزمات ومضاعفتها”. 

ومن الفرضية السابقة يمكن اشتقاق الفرضيات الفرعية الآتية:

  • ليس كل تسول سببه حاجة.
  • يأخذ التسول في العاصمة عدن طابع الاسترزاق.
  • يؤدي شيوع ظاهرة التسول إلى ظهور كثير من الظواهر الاجتماعية المنحرفة كانتشار الجرائم والإرهاب القتل والمخدرات وغيرها..
  • أهداف الدراسة:

تهدف الدراسة إلى الآتي:

  1.  بيان مقصود ظاهرة التسول، بواعثها وأنواعها.
  2. تحديد البواعث المؤدية إلى التسول والتشرد في شوارع العاصمة عدن.
  3.  معرفة الآثار الاقتصادية والمعيشية من جراء ظاهرة التسول المنتشرة في العاصمة عدن.
  4. معرفة الآثار الاجتماعية والنفسية من جراء ظاهرة التسول المنتشرة في العاصمة عدن.
  5. معرفة المخاطر والتحديات الأمنية من جراء ظاهرة التسول المنتشرة في العاصمة عدن.
  6. التوصل إلى مؤشرات تخطيطية ورؤى مستقبلية للحد من ظاهرة التسول في العاصمة عدن والعمل للقضاء عليها مستقبلا.

تنقسم حدود الدراسة على:

  • المجال المكاني: الحدود الجغرافية للتقرير مديريات العاصمة عدن وحاولنا أن نقف على أربعة مواقع عامة هي: (جولة دار سعد، جولة السفينة، جولة القاهرة، جولة كالتكس).

المجال البشري: الحصر الشامل للمتسولين الثابتين في المواقع المحددة في خارطة سير المسح ابتداء من جولة كالتكس مرورا بكل من خط البريقة وكابوتا، وخط التسعين، وجولة السلام، وجولة الكثيري، وجولة السفينة، وجولة القاهرة، وجولة النسيج، وصولا إلى جولة كالتكس مرة أخرى.

  • مقابلات مع عينات من المجتمع المحيط بالظاهرة.
  • مقابلات مع المختصين والخبراء في مجال علم الاجتماع والنفس والخدمة الاجتماعية والاقتصاد ورجال الأمن والمرور واللجان المجتمعية في العاصمة عدن. 

المجال الزمني: استمرت مدة إنجاز هذا التقرير شهرا (ابتدأ من تاريخ 8 مارس 2023م الى 8 إبريل 2024م).

في هذه الدراسة رأينا من الأنسب أن نعتمد على النزول الميداني، من أجل بناء تصور شامل لهذه الظاهرة، معتمدين على المنهج الوصفي التحليلي، الذي يسمح لنا بجمع المعطيات وتحليلها سوسيولوجيا وبناء صورة واضحة عنها، من خلال استعمالنا تقنيتي الملاحظة والمقابلة، وتحليل مضمون من خلال أدوات البحث الميداني الاستطلاعي.

لذا فقد استخدم الباحثان في هذه الدراسة منهج المسح الاجتماعي الاستطلاع ومعرفة آراء المجتمع عن الأبعاد الأمنية لظاهرة التسول في العاصمة عدن.

  • دوافع اختيار الدراسة وصعوباتها

هناك أسباب ذاتية وأسباب موضوعية في محاولة كشف هذه الظاهرة ومعاناتها.

  • الأسباب الذاتية وهي: –
  • الاهتمام العلمي لهذا النوع من الدراسات من قبل المؤسسة وكذلك الباحثين ومحاولة إعطائها الطابع السيسيولوجي والاجتماعي.
  • شيوع هذه الظاهرة وتزايد نسبة المتسولين.
  • أصبحت هذه الظاهرة تشكل مشكلة حقيقية داخل المجتمع.
  • خطورة هذه الظاهرة على المجتمع.
  • الأسباب الموضوعية لهذه الظاهرة.
  • محاولة فهم هذه الظاهرة من خلال الاهتمام بجوانبهما، وذلك لمعرفة وجهها وتأثيرها داخل المجتمع.
  • التدريب على البحث العلمي والاستطلاعي.
  • نشر الوعي المجتمعي عن مخاطر هذه الظاهرة.

صعوبات واجهة إعداد الدراسة

واجهتنا العديد من المشاكل، إعاقات كثيرة في إجراء الدراسة الميدانية بالشكل الذي يجب أن تجرى عليه . وفي هذا الإطار نتطرق إلى بعض من المشكلات التي تعرضنا لها:

  • امتناع المستجوبين عن الإدلاء بمعلوماتهم.
  • الخوف والهروب الذي لاحظناه من طرف الأطفال المستعملين من طرف الجهات المستعملة لهم، ذلك بسبب التهديدات التي يتعرض لها في حال تقديم أي معلومة عن نشاطهم.
  • – استعمال أسلوب التظليل عن قول حقيقة دوافعهم.
  • هيكل الدراسة:

ومن أجل تقديم دراسة مستفيضة عن ظاهرة التسول في العاصمة عدن، قُسِّمت الدراسة على أربعة فصول، مذيلة بنتائج وتوصيات وملحق بقائمة المصادر والمراجع.

ففي الفصل الأول: عرض الباحثان الإطار العام للدراسة من حيث مشكلة الدراسة وأسئلتها وتساؤلاتها وكذلك أهداف الدراسة، وأهميتها وحدودها ومنهجها، فضلًا عن مصطلحات الدراسة والتعريفات الإجرائية.

أما الفصل الثاني: فقد خُصِّص لدراسة الإطار النظري؛ حيث عُرِض فيه مفهوم التسول انواعه أسبابه آثاره ومخاطره والنظريات المفسرة له وكذلك الدراسات السابقة.

 وفي الفصل الثالث: عرضت إجراءات الدراسة؛ حيث أوضحنا مجتمع الدراسة، وعينتها، وأداتها. وكرس الفصل الرابع: لعرض نتائج الدراسة وتحليلها. واختتمت الدراسة بعدد من النتائج والتوصيات وملحق بمصادر الدراسة.

الفصل الثاني: الإطار النظري والدارسات السابقة

المبحث الأول: مصطلحات الدراسة والتعريفات الإجرائية

  1. مفهوم التسول:

التسول لغة: أصلها كلمة سول ويقصد به استرخاء البطن، وهي مأخوذة من مادة (سأل) والسؤل ما يسأله الإنسان وقرئ “أوتيت سؤالك يا موسى” سألته الشيء استعطيته إياه، وتعرف المسألة مأخوذة من سأل الشيء، وسأل عن الشيء، سؤالا ومسألة، حيث قال ابن بري : “سألته الشيء بمعنى استعطيته، وجمع المسألة مسائل، فإذا حذفوا الهمزة قالوا: مسلة والفقير يسمى سائلا ([1]).

  • التسول اصطلاحًا:

  يُعدُّ مفهوم التسول من المفاهيم الحديثة وعرف في معجم العلوم الاجتماعية بأنه” امتهان طلب المال من الناس بأي وسيلة كانت دون مسوغ شرعي في الطرقات العامة والمساجد. كما يعرف التسول بأنه طلب المال أو الطعام أو المبيت من عموم الناس وذلك من خلال استجداء عطفهم وكرمهم مبررا ذلك الاستجداء بوجود عاهات أو سوء الحال مستغلين الأطفال والنساء بغض النظر عن صدق المتسولين أو كذبهم(

[2]) ويُعدُّ التسول جناية في بعض البلدان يعاقب عليها إذا كان المتسول صحيح البدن.

ويُعدُّ مفهوم التسول من المفاهيم الحديثة وعرف في معجم العلوم أنه طلب الصدقة من الأفراد في الطرق العامة والإلحاح على طلب المساعدة المادية من المارة أو من المحال أو الأماكن العمومية، وكذلك استغلال الإصابة والعاهات، أو استعمال أية وسيلة أخرى من وسائل الغش لاكتساب عطف الجمهور([3]).

في حين عرفته الكتب والدراسات اليوم بأنه “طلب الصدقة من الأفراد في الطرق العامة ويُعدُّ في بعض البلاد جنحة/جناية يعاقب عليها إذا كان المتسول صحيح البدن أو إذا كان التسول فيه إجبار للمتصدق، ويكون محظورًا أيضا حيث توجد مؤسسات خيرية ([4]) .

كما عرف في دراسات حديثة بأنه” طلب المساعدة من الآخرين في الطريق والأماكن العامة باستعمال وسائل وحيل مختلفة لخداع الآخرين وكسب عطفهم وشفقتهم وذلك للحصول على المال أو منفعة ([5])“.

في حين عرف بمصادر أخرى على أنه” طلب المال أو الطعام أو المبيت من عموم الناس باستجداء عطفهم وكرمهم أما بعاهات أو بسوء حال أو بالأطفال، بغض النظر عن صدق المتسولين أو كذبهم، وهي ظاهرة أوضح أشكالها تواجد المتسولين على جنبات الطرق والأماكن العامة.

مصطلحات تتعلق بظاهرة التسول:

  • التسول: هـو استجداء- طلب المساعدة المادية من الآخرين في عدة أماكن قد تكون عامة أو خاصة، وذلك بوسائل عديدة منها: المبيت في الشوارع، ادّعاء المرض لاستعطاف الناس وغيرها من الوسائل الأخرى.
  • المتسول: هو الشخص الذي يتخذ التسول وسيلة لكسب قوت يومه في سبيل بقائه على قيد الحياة.

ويُعرّف التسول بأنّه طلب المال أو الطعام خاصةً في الشارع، وتوجد علاقة وثيقة بين التسول والتشرد حيث تُقدّر الدراسات أنّ أكثر من 80% من المتسولين ليس لديهم مأوى، ويُعدّ المتسولون الفئة الأكثر ضعفًا في المجتمع، ويعانون في الغالب من الفقر والحرمان، كما أنّهم أكثر عرضةً للمخاطر، ويظهر التسول في شوارع العديد من الدول، وقد وجدت الأبحاث التي أجرتها جامعة جلاسجو أنّ التسول يقترن بالجشع، حيث إنّ هناك بعض المتسولين الذين يتسولون ليس لأنّهم بلا مأوى وجائعين بل لشراء المخدرات والكحول، وغالبًا ما ينتمي المتسول إلى عائلات تعاني من البطالة، وتعاطي المخدرات، كما يعانون نقص حاد في تقدير الذات، ووجد العديد من المتسولين أنفسهم ضحايا للعنف والمضايقات من الناس([6]).

وفي الحقيقة أن ظاهرة التسولBegging   ليست مقصورة على مجتمع معين، بل هي ظاهرة منتشرة في كل المجتمعات نتيجة الفوارق الطبقية التي يمر بها العالم وتقسيمات هذه الدول إلى دول غنية وفقيرة، ولكنها تختلف في طبيعتها وحجمها وأساليبها وأسبابها من مجتمع إلى آخر.

وتُعدُّ ظاهرة التسول مشكلة اجتماعية معقدة تتجاوز كونها مجرد سلوك فردي. فبالإضافة إلى الفقر المدقع والبطالة، فإن الحروب والنزاعات، والسياسات الحكومية غير الفعالة، والعوامل الثقافية المتوارثة تسهم بشكل كبير في انتشار هذه الظاهرة. ويتعرض المتسولون، وخاصة الأطفال، لمجموعة من المخاطر النفسية والاجتماعية، مثل الشعور بالمهانة والاستغلال، مما يؤثر سلبًا على نموهم وتطورهم. ولمواجهة هذه المشكلة، يجب اتخاذ مجموعة من الإجراءات الشاملة، تشمل توفير فرص عمل مناسبة، وتقديم برامج تأهيل، وتعزيز الرقابة الاجتماعية، والتوعية بأهمية العمل والكسب الحلال.

موقف الإسلام من التسول

حذر الإسلام من التسول، وعدَّه من الأمور المكروهة التي تفقد الإنسان كرامته وتجعله عرضة للذل والهوان. فالعمل والاعتماد على النفس هما السبيل الشرعي لكسب الرزق، والتسول يُعدُّ هروبًا من المسؤولية وتكاسلًا عن العمل. ومع ذلك يجوز السؤال عن المال في حالات الضرورة القصوى، مثل الفقر المدقع أو المرض الشديد، بشرط أن يكون السائل مستحيًا وأن يكون قد بذل قصارى جهده للعمل. ولأن التسول ينتج عنه آثار سلبية على الفرد والمجتمع، فإنه يتطلب تضافر الجهود لمكافحته، من خلال توفير فرص العمل، وتقديم الدعم المادي والمعنوي للمحتاجين، والتوعية بأهمية العمل والكسب الحلال.

إن التسول لا يحل إلا لثلاثة بيَّنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف قال: إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش أو قال: سدادًا من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلانًا فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش أو قال: سدادًا من عيش، فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتا يأكلها صاحبها سحتا” ([7]).

يُعدُّ هذا الحديث الشريف من أصح الأحاديث التي تبين حكم التسول في الإسلام، ويوضح الحالات الثلاث التي يجوز فيها السؤال عن المال، وهي:

الحالة الأولى: الرجل الذي تحمل حملًا ثم ضاع: أي الرجل الذي حمل متاعًا للتجارة أو غيرها، ثم ضاع منه هذا المتاع، فيجوز له أن يسأل عن المال حتى يستطيع استعادة ما فقده.

الحالة الثانية: من أصابته جائحة: أي من أصابه مرض أو كوارث طبيعية أدت إلى خسارة ماله، فيجوز له أن يسأل عن المال حتى يتمكن من توفير قوته وقوت أسرته.

الحالة الثالثة: من أصيب بفاقة شديدة: أي من وصل إلى درجة الفقر المدقع، بحيث يشهد له ثلاثة رجال عدول من قومه بأنهم لم يروا مثله في الفاقة، فيجوز له أن يسأل عن المال حتى يستطيع توفير قوته وقوت أسرته.

فهؤلاء فقط هم من يَحل لهم السؤال، وغيرهم إنما يأكلون المال بغير حق. فانظر إلى حال المتسولين لتعرف ما إذا كانوا ممن تحل لهم المسألة، فيكونون ممن أمرنا الدين بالإنفاق عليهم، أم أنهم ممن لا تحل لهم المسألة فلا يكونون منهم.

لقد أمر النبي (صلى الله عليه وسلم) الصحابي بأن يعمل خيرًا له من الطلب من الناس، فقال له رسول الله : هذا خيرٌ لك مِن أن تَجيء المسألةُ نُكتةً سوداء في وجْهِك يومَ القيامة، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة: لذي فقر مدقع، أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع” وكيف أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) حذر من التسول وبين العقوبة لها في الآخرة.

يأتي هذا الحديث ضمن سلسلة الأحاديث النبوية التي تحذر من التسول، وتبين آثاره السيئة على الإنسان في الدنيا والآخرة. ففي هذا الحديث الشريف، نجد النبي صلى الله عليه وسلم يوجه أحد الصحابة إلى العمل بدلًا من التسول، ويبيّن له أن العمل خير له من أن يأتي يوم القيامة وهو يحمل في وجهه سوادًا بسبب التسول.

إن المتسولين في هذه الأيام هم ممن يمتهنون التسول امتهانا ودخولهم عالية جدا بل إن منهم من بنى أبراجًا من التسول، فهم ليسوا بحاجة إلى المال. وعلى الإنسان المسلم أن يکون يقظا فطنا لا تنطوي عليه حيل المتسولين، والإسلام يهدف إلى إنشاء مجتمع نظيف تختفي منه کل الظواهر السيئة، والعادات القبيحة.

  • التسول عند علماء الاجتماع:

يشير أحد علماء الاجتماع إلى أن ” التسول ينشأ من البيئة دون أي تدخل من العمليات والميكانزيمات النفسية وهو يصف المتسولين بأنهم ضحايا ظروف خاصة اتسمت بعدم الاطمئنان والضمان الاجتماعي، لأسباب متعلقة بالانخفاض الشديد لمستوي المعيشة الذين يعيشون في ظله، وأنهم ضحايا مزيج من هذا وذاك.([8])

الانحراف الاجتماعي: إن الانحراف مفهوم متغير يصعب تحديده بالضبط، فهو يتغير مع الوقت والمكان والأشخاص، تتحكم به ظروف عابرة يستحيل غالبا التنبؤ بها لأخذ الحيطة والحذر، فمظاهر الانحرافات السلوكية تتعدد وتختلف من مجتمع لآخر ومن حضارة لأخرى نتيجة اختلاف المعايير والقوانين والثقافات وكذلك نتيجة التطور الطبيعي في أساليب المعيشة، وما قد يُعدُّ انحراف في أحد المجتمعات قد لا يُعدُّ كذلك في مجتمع آخر.([9](

المتسول: هو الشخص الذي يعيش على التسول ويجعل منه صرفةً له، ومصدرا وحيدا أو أساسيا للرزق، واهم ما يميزه هو الإلحاح في الطلب للحصول على العون والمساعدة، واستخدام مختلف أساليب التأثير للوصول إلى الغرض بالحصول على المال أو الأغراض العينية دون مراعاة للأعراف والعادات والتقاليد والقيم الدينية.     والاجتماعية السائدة في المجتمع، وبذلك يصبح التسول سلوكا مرضيا ومستهجنًا من الناحية الاجتماعية والأخلاقية.([10]).

وصف الشرجبي في تشخيصه لظاهرة التسول بوصفها “مظهرًا من مظاهر الخلل الاجتماعي” و”شكلًا من أشكال الباثولوجية الاجتماعية”. هذا التشخيص دقيق ويشير إلى عمق المشكلة وآثارها السلبية على الفرد والمجتمع..([11])

والفقر ظاهرة اجتماعية معقدة تتأثر بعوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية متداخلة. هذا التعقيد ينبع من اختلاف السياقات التاريخية والثقافية للمجتمعات، مما يجعل من الصعب وضع تعريف موحد للفقر ينطبق على جميع الحالات. وقد أشار العالم الاجتماعي “ذوفيكو” إلى أن هذه المسألة تتطلب تحليلًا متعمقًا نظرًا لتعقيداتها المتعددة.. (([12]

التعريف الإجرائي للتسول:

التسول هو سلوك اجتماعي يتمثل في طلب المال أو المواد الغذائية أو أي شكل آخر من أشكال المساعدة من الغرباء، عادةً في الأماكن العامة، وذلك من خلال الاستجداء أو استخدام أساليب أخرى لجذب الانتباه والتعاطف. يتميز التسول بأنه سلوك متكرر ومتعمد، وغالبًا ما يكون مصحوبًا بإظهار الحاجة أو العجز، بهدف الحصول على ما يطلبه المتسول. وعلى الرغم من أن التسول قد يكون مدفوعًا بظروف صعبة، إلا أنه يختلف عن طلب المساعدة العارضة أو التبرعات الطوعية التي تقدم في إطار العلاقات الاجتماعية أو الدينية.”

التسول في القانون الجنائي

في المادة 12 من القانون المدني اليمني رقم (12) لسنة 1992م عُرِّف المتسول بأنه الشخص الذي وجد في الطريق العام أو في المحال أو في الأماكن العمومية أو التظاهر بتقديم خدمة للغير ويعرض أو يبيع سلع تافهة أو تُصنّع بالإصابة بجروح أو عاهات لاكتساب ود الجمهور للحصول على عائد مادي أو عيني” ([13]) 

وتنص المادة 145 من القانون اليمني رقم 45 بشأن حقوق الطفل، على قيام الدولة بحماية ورعاية “الأطفال الأيتام وأطفال الأسر المفككة والأطفال الذين لا يجدون الرعاية ويعيشون على التسول، والقضاء على هذه الظاهرة، ووضع الأطفال المتسولين والمتشردين في دور الرعاية الاجتماعية، وتوجيههم إلى أن يكونوا أعضاء صالحين منتجين في المجتمع”.

  • أنواع التسول:

هنالك العديد من أنماط التسول وأنواعه التي ظهرت في المجتمعات، ويمكن عرضها على النحو الآتي:

  1.  أنماط الفئات المتسولة
  2. التسول الفردي: ونقصد به هنا تواجد الأشخاص بشكل فردي دون ارتباطهم بآخرين لاحظنا أن غالبية هذه الفئة هي من الشباب من الجنسين.
  3.  التسول الجماعي: ونقصد به تلك المجموعات التي تتحرك معا من أجل تجميع المال، هذا النوع من التسول هو المنتشر في العاصمة عدن التي نجدها في العديد من الجولات والأرصفة والأسواق، والصفات التي لاحظناها هي توحيد في الألفاظ والملابس وهناك جماعات تتكون من خلايا تقاد من طرف مجموعة واحدة لكن هناك صعوبة في تتبع تلك الشبكات لاسيما (النساء والأطفال).
  4. ظاهرة التسول: قـد يتسول الناس لعدة أسباب أهمها ما يلي:
  5. ارتفاع نسبة الفقر والبطالة في المجتمع.
  6. انتشار المظاهر بين الناس بالإضافة إلى غلاء المعيشة.
  7. عدّ التسول تجارة مربحة لدى بعض الناس بدلًا من العمل.
  8. تكاليف العلاج المرتفعة تدفع الأغلبية للتسول.
  9. الإدمان على المخدرات تعد عاملًا من العوامل المسببة لهذه الظاهرة.
  10. المرض النفسي الذي يعاني منه بعض الأفراد.
  11. اتخاذ التسول مهنة متوارثة من الأجداد.
  12. الحروب التي بسببها زادت حالات الهجرة والمجاعات.
  13. أنواع التسول:

يُصنف التسول على عدة أنواع وهي على النحو الآتي:

  1. تسول إجباري: يكون جبرًا عن إرادة الشخص وليس باختياره، كما في حالات الأطفال والنساء الذين يُجبرون على التسول.
  2. تسول اختياري: يكون بحسب إرادة الشخص وليس جبرًا عنه، حيث يكون ذو مهارة عالية تمكنه من تحقيق الكسب المادي.
  3. تسول القادر: وهو التسول الذي يقوم به أفراد قادرين على العمل في الوضع الطبيعي لكنهم يفضلون التسول لتوفير احتياجاتهم، وعند القبض عليهم يتم محاكمتهم ومعاقبتهم.
  4. تسول غير القادر: وهو التسول الذي يقوم به أفراد غير قادرين على العمل في الوضع الطبيعي كالمرضى مثلًا، وعند القبض عليهم يتم وضعهم في دور ومراكز للرعاية الصحية والاجتماعية.
  5. . التسول الاحترافي: يختص باتخاذ التسول حرفة (مهنة) لتوفير متطلبات الحياة.
  6. تسول ظاهر: وهذا النوع يكون علنيًا عن طريق مد اليدين أمام الناس وطلب المال منهم.
  7. تسول غير ظاهر: وهذا النوع يكون خفيًا عن طريق أما بيع السلع البسيطة للمارة في الشوارع، أو مسح زجاج السيارات.
  8. تسول موسمي: يمارس هذا التسول في مواسم ومناسبات معينة كمواسم الأعياد والمناسبات الدينية.
  9. تسول طارئ: يحدث بسبب ظرف طارئ غير مخطط له، كمن يُطرد من منزله، أو من يَضل طريقه.
  10. تسول الجانح: يقوم به أصحاب الجُنح والجنايات عن طريق قيامهم بالتهديد وإيذاء غيرهم في سبيل الحصول على المال، بعد ذلك يقومون بالتسول؛ حتى يتمكنوا من التستر على أعمالهم والفرار من وجه العدالة.
  11. أشكـال التسول:

يُعدُّ التسول مظهرًا غير حضاري يعكس صورة سيئة عن البيئة المنتشر فيها، ويتخذ عدة صور وأشكال منها:

  1. الادّعاء الكاذب بالحاجة إلى تبرعات لغاية بناء مدرسة أو مسجد.
  2. استعمال مستحضرات التجميل في تشويه شكل الوجه؛ لاستعطاف الناس.
  3. استغلال وثائق وفواتير قديمة كفواتير الكهرباء والماء.
  4. ادّعاء المتسول بأنه مصاب بمرض عقلي يوهم الناس بحاجته للمال.
  5. البكـاء والصراخ بصوت عالٍ بقصد جذب انتباه الناس بافتعال أمر كاذب كالذي يدعي بأن أمواله قد سُرقت.
  6. استغلال الأطفال وأصحاب الهمم العالية في التسول؛ لجذب الناس واستعطافهم.
  7. الأماكن التي يتواجد فيها المتسولون:

تنشط ظاهـرة التسول بشكل كبير خلال مواسم الأعياد والمناسبات الدينية، وتأسيسًا على ذلك فإن هذه الظاهرة تتركز في الأماكن التالية:

  • المراكز الصحية والدينية.
  • الأسواق والمراكز التجارية.
  • الأماكن السياحية والأثرية.
  • الأماكن والجسور العامة.
  • مواقف السيارات وإشارات المرور.
  • أرصفة الشوارع وتقاطعات الطرق.

الآثار المترتبة عن ظاهرة التسول:

  • ارتفاع نسبة البطالة إثر انخفاض إنتاجية الأفراد عن العمل.
  • ترك انطباع سيء لدى السياح عند زيارتهم لدولة تنتشر فيها هذه الظاهرة؛ مما يؤدي إلى عدم عودتهم إليها.
  • حرمان الأطفال من حقوقهم الأساسية: التعليم، الصحة، الأمان.
  • شيوع الجرائم والسرقات بشكل واسع.

مظاهر التسول وآثاره:

1-    مفهوم الجسم عند التسول يكون مشوهًا في الغالب.

2-    اضطراب المظهر الجسمي والشكل العام.

3-    وجود عاهات طبيعية ومصطنعة “العمى، الصم، التشوه، الكساح، بتر الساعد أو الساق” مما يجعل المتسول قادر على استدرار عطف الناس وأخد الإحسان منهم.

4-    أداء حركي متباطئ والغالبية يتكئون على العصا أو يجلسون على الكراسي المتحركة.

5-    حالة صحية أقل من المتوسط غالبا سيئة أو متدهورة بسبب الإهمال وسوء التغذية، وبسبب الجلوس على الأرض والمشي حافيا والتعرض للحوادث.

6-    المتسول غالبا أغبر رث الثياب، ملابسه مهلهلة ومتبهدل وجسمه ملئ بالقذارة، سيئ المظهر

  المشكلات والمخاطر من ظاهرة التسول:

يعاني المتسولون عمومًا من خلفية عائلية مضطربة، وتعاطي المخدرات، والاستبعاد من سوق العمل والإيداع في المؤسسات، وغالبًا ما يعانون من نقص حاد في احترام الذات. لقد وجد العديد من المتسولين أنفسهم في وقت ما ضحايا للعنف والمضايقات من الجمهور. ومنذ فترة طويلة كانت هناك علاقة قوية بين التسول وتعاطي المخدرات وسوء الصحة البدنية والعقلية.

مجال التعليم:

 ارتفاع التسرب المدرسي في معظم الدول العربية بالرغم من تفاوت المستويات الاقتصادية لهذه الدول وتدنى مستويات التعليم وظروفه الأكاديمية والبيئية وضعف النشاطات المدرسية وعدم وجود بيئة ملائمة لنمو الطفل واستغلال طاقاته سواء في الدول الغنية أو الفقيرة (كالمسرح والمكتبة والملاعب عدم توفر التجهيزات اللازمة في معظم المدارس لمتطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة وضعف الإعداد لاستقبال هذه الفئة من معلمين وبيئة مدرسية.

المجال الصحي

هنالك تفاوت في المستويات الصحية بين المدن: وفيات الأطفال والرضع ترتفع في بعض المدن مثل صنعاء والخرطوم وفي المقابل تنخفض في الكويت وبيروت والرياض وعمان. وتأثير العنف والنزاع المسلح على الظروف الصحية والنفسية والعقلية لأطفال بعض المدن مثل غزة والجزائر والخرطوم. وكذلك التلوث البيئي والازدحام يؤثر على السلامة الصحية للأطفال في المدن لاسيما في الأحياء الفقيرة التي تفتقر للملاعب والمرافق العامة. بعض العوامل والظروف التي تهدد سلامة الأطفال مثل ختان الإناث، حوادث السير، تعاطي المخدرات والإدمان ومشابها لذلك وجود مشكلات صحية مرتبطة بالتغذية في بعض المدن فبينما يعاني بعضهم من سوء التغذية يتعرض الآخرون لمشكلات السمنة الناتجة عن إهمال النظام الغذائي.

المجال الاجتماعي

  1. تفشي مشكلات العنف ضد الأطفال كالعنف الجسدي والجنسي والنفسي في المدارس والأسرة والمجتمع بشكل عام
  2. التمييز ضد الطفلة الأنثى في التعليم وفي استخدام المرافق العامة.
  3. الاعتماد على الوجبات السريعة وعلى العمالة المنزلية (الخدم والسائقين) في بعض المدن وتأثير ذلك على التنشئة الاجتماعية وعدم وضوح الأدوار الأسرية.
  4. قلة الأنشطة الترويحية والثقافية والرياضية الهادفة لشغل وقت الفراغ.

ظاهرة أطفال الشوارع:

توجد هذه الظاهرة في الدول الغنية والفقيرة ولكنها تتفاوت في حدتها بين المدن العربية، ويترتب على تشرد الأطفال في الشوارع مخاطر متعددة كالتسول وعمالة الأطفال والانحراف وتعاطي المخدرات وغيرها من المشكلات السلوكية، ومن أهم أسباب تفشي هذه الظاهرة: الفقر، التسرب المدرسي، التفكك الأسرى، تعاطي المخدرات، عدم تسجيل الأطفال عند الولادة وما يترتب على ذلك من عدم الاستفادة من التعليم والخدمات الأخرى، عدم تهيئة البيئة المدرسية لتصبح جاذبة لاستمرار الأطفال في التعليم، وقلة الفرص الوظيفية المستقبلية.

في حين، عدّ المجلس العربي للطفولة والتنمية 2000 أن طفل الشارع هو الذي عجزت أسرته على إشباع حاجاته الأساسية الجسمية والنفسية والثقافية كنتاج لواقع اجتماعي- اقتصادي تعايشه الأسرة في إطار نظام اجتماعي أشمل، دفع به إلى واقع آخر يمارس فيه أنواعًا من النشاطات لإشباع حاجاته من أجل البقاء، مما قد يعرّضه للمساءلة القانونية بهدف حفظ النظام العام.

المبحث الثاني:

النظريات المفسرة لظاهرة التسول

وهناك العديد من النظريات المفسرة لظاهرة التسول منها:

أولا: نظرية الوصم والقضايا الاجتماعية

 تعد نظرية الوصم من أهم النظريات الاجتماعية التي عالجت القضايا الموجودة داخل المجتمع وأسس هذه النظرية العالمان (أديون لمرت وهوارد بيكر) حيث نشر لمرت نظريته عن الوصم في كتابه الموسوم (المرض الاجتماعي)، أما هوارد بيكر فقد كتب نظرية الوصم (في كتابه الفكر الاجتماعي الخرافي إلى العلم).[14]

وتُعدُّ نظرية الوصم هي جزء من نظرية الدور لأنها تعالج نظرة المجتمع نحو الفرد ومبادرته الأخيرة بالسلوك والممارسة في المجتمع بناءً عن النظرة التي يحملها المجتمع تجاهه، وهنا يحدث التفاعل بين الفرد والمجتمع بناءً عن الانطباع الذي يحمله المجتمع نحو الفرد، وهذا الانطباع قد يكون إيجابيا أو سلبيا بناءً على السلوك الذي قام به الفرد داخل المجتمع.([15])

المبادئ التي تستند إليها نظرية الوصم: –([16])

  1. إن وصم الفرد بالجريمة قد يكون صحيحا أو غير صحيحا لأن المجتمع قد يكوّن هذه النظرة عنه، وتبقى ملتصقة به.
  2. وجود علاقة مليئة بالشكوك والشبهات بين المجرم والمجتمع الذي وصفه بالجريمة والانحراف.
  3. إن وصم المجتمع للفرد بالجريمة قد جعله يشعر بأنه مجرم، إذ إن تقييم المجتمع للفرد يؤثر على تقييم الفرد لذاته.
  4. الجرائم تصنف إلى صنفين هما أولية وثانوية.
  5. إن أسباب السلوك الإجرامي والانحراف السلوكي لا تتعلق بالمجرم نفسه أو الظروف الاجتماعية التي يمر بها، وإنما نتيجة للنظرة السلبية التي يحملها المجتمع عنه ووصمه بالجريمة.

أهم الموضوعات التي تدرسها نظرية الوصم: –([17])

إن نظرية الوصم يمكن تطبيقها على العديد من الموضوعات التي من أهمها ما يلي:

  1. جنوح الأحداث كمشكلة اجتماعية.
  2. أسباب السرقة وآثارها وعلاجها.
  3. تحليل السلوك الإجرامي في مدينة الحرية.
  4. الرشوة كمشكلة اجتماعية.
  5. الأسباب المباشرة وغير المباشرة للجريمة والانحراف.
  6. أسباب القتل ومحاولات القتل وآثارها.
  7. بعض أسباب مشكلة البقاء.
  8. الأسباب البيئية للأمراض النفسية.
  9. ظاهرة العودة إلى الجريمة.
  10. دور العوامل الاجتماعية في الأمراض النفسية والعصبية.
  11. دور نظم العدالة الجنائية في مكافحة الجريمة.
  12. التسول: الأسباب والآثار الاجتماعية.

نظرية الوصم وقضية التسول: –([18])

إن شخص ما قد يوصم بالتسول من قبل المجتمع لأنه قد سبق أن زوال التسول مرة في حياة ولفترة قصيرة عندما كان فقيرا أو محتاجا، ولكن عندما تحسنت ظروفه المادية والمعيشية، وأخد يعمل في مهنة شريفة لم تتغير نظرة المجتمع تجاهه على أنه متسول شادر، أي أن وصمه بالتسول بقيت عالقة به رغم انقطاعه عن التسول ومداومته على العمل الشريف، ومثل هذه النظرية القاسية والظالمة التي يحملها المجتمع عنه دفعته إلى العودة للتسول ثانية أو ارتكاب الجرائم بحق المجتمع، إذ إن الفشل أو الإحباط غالبا ما يولد العدوان بهذه الصورة المتحيزة التي يحملها المجتمع تجاه الشخص، والتي يمكن أن تتغير عن طريق علاج قضية التسول، فالعلاج يكمن في إعادة المجتمع بكل مؤسساته نظرته إلى الأشخاص الذين أدينوا بحقه وارتكبوا فعلا نالوا جزائهم عنه من قبل المؤسسة المختصة.

ثانيا: نظرية الضبط الاجتماعي

إن الضبط الاجتماعي يعني امتثال الفرد لمعايير المجتمع الذي ينتمي إليه، والإنسان يكتسب السلوك الانضباطي عن طريق التنشئة الاجتماعية فهناك القوانين أو المعايير الرسمية وغير الرسمية التي يجب على الفرد مراعاتها واحترامها، وإلا كان جزاؤه العقاب، لذلك هناك ما يعرف بالضبط الإيجابي والضبط السلبي.([19])

والضبط الاجتماعي في وجهة نظر علم الاجتماع هو عملية الاتصال والتواصل بين ما هو مغروس من إرث اجتماعي في طبيعة النظام الاجتماعي وبين الجماعات الاجتماعية لأجل تحقيق الاستقرار والانسجام في الحياة الاجتماعية.([20])

إن الضبط الاجتماعي هو نمط من الضغط الذي يمارسه المجتمع على جميع أفراده للمحافظة على النظام ومراعاة القواعد المتعارف عليها، وهو القوة التي تمثل الأفراد منها النظم المجتمعية، ويشكل العملية الإطرادية التي يخضع الأفراد فيها لمعايير المجتمع ولنظمه المختلفة والمرتبطة بطبيعة البناء الاجتماعي ذاته.([21])

ويعتقد “تالكوت بارسون” بأن الذات الأساسية هي أول ميكانزيمات الضبط الاجتماعي وترجع أهمية هذا الميكانزيم إلى القلق ورد الفعل، أي الشعور بالذنب من تجاه الفرد ذاته والذي من خلالها يمارس المجتمع ضبطه على سلوك الأفراد ([22])

ولكل ثقافة وسائل ضبط اجتماعية خاصة بها بما تكون غير مقبولة بالنسبة لثقافة أخري، وداخل الثقافات أو المجتمعات المواكبة والمعقدة توجد ثقافات فرعية وجماعات وفئات ومؤسسات أخرى لديها وسائل ضبط خاصة بها لضبط سلوك أفرادها حيث يقول “ابن خلدون” في مقدمته (إن الاجتماع للبشر ضروري، وهو معنى العمران الذي نتكلم فيه وإنه لابد أن يكون في الاجتماع من وازع محاكم يرجعون إليه).
([23]). ويعرف ابن خلدون الضبط الاجتماعي أو الرقابة الاجتماعية بأنها كافة الجهود والإجراءات التي يتخذها المجتمع أو جزء منه لعمل الافراد في السير على المستوى الإداري المألوف المصطلح عليه من الجماعة دون انحراف أو اعتداء، بهذا فطن ابن خلدون بأهمية الضبط الاجتماعي وعدّه أساسا للحياة الاجتماعية وضمانا لأمنها واستقرار بقائها.([24])

ثالثا: نظرية التعلم الاجتماعي: –

تعتمد هذه النظرية في تفسير السلوك الانحرافي على ماهية الآليات والمكانزيمات التي يتعلم منها الفرد انتهاك القانون وارتكاب أي شكل من أشكال السلوك المنحرف، وتُعدُّ عملية التنشئة الاجتماعية من أهم عمليات التعلم في حياة الفرد؛ لأن الأسرة هي مهد الشخصية والمحور الذي تدور حوله جميع عناصر تكوينها، بوصفها المدرسة الأولي لتدوير الطفل بالثقافة الاجتماعية، والتي تؤهل للنضوج الاجتماعي، وهو يتحقق بالقدرة علي توفيق الحاجات الفردية مع المقتضيات الاجتماعية.([25])

لذا تُعدُّ الأسرة من أدوات الضبط الاجتماعي العامة التي تحقق التجانس، فعندما ينمي الفرد إدراكه الذاتي فلن يستطيع الهروب من الأحكام التي اكتشفها بنفسه والتي سبق أن مددتها مواقف الأسرة المباشرة.([26])

والوسيلة الأساسية المثلى لإيجاد الثقافة الاجتماعية وتنميتها هي التربية السليمة المتمثلة في معاملة الطفل بالحزم المقترن بالعطف التي تحرره من الخضوع لسيطرة قانون اللذة والألم.([27])

أما التربية الخاطئة التي تُعدُّ من العوامل المهيئة للسلوك الإجرامي تشمل جميع الحالات التي تكون فيها معاملة الطفل مقترنة بالقسوة أو مصحوبة باللين أو متراجعة بين القسوة واللين.([28])

ويعتقد كل من ” باندورا ونايتزال” بأن هناك ثلاث قنوات رئيسة يتعلم عن طريقها الفرد الجريمة وهي “الأسرة والثقافة السائدة في المجتمع” والرموز الثقافية مثل السينما والتلفاز والمجلات والكتب التي تُعدُّ جزءا من البنية الاجتماعية.
([29])، فترى هذه النظرية بأن السلوك الإنساني منظم حول قضيتين أساسيتين وهي البحث عن اللذة وتجنب الألم، وأن المفهومين الأساسيين لتعلم السلوك هما الثواب والعقاب، والمكافئة تزيد من تكرار السلوك فيما تقلل العقوبة من تكراره، والجريمة سلوك متعلم يتعلم من خلال التعزيز والأمور المادية وذلك مثله مثل أي سلوك، وعمليات التعلم تلك هي قيمة لخبرات الماضي والحاضر وأن المعززات الاجتماعية تخدم كعوامل في تعلم سلوك المنحرف وتهيئة القيم التي تعرف بأن السلوك مرغوب أو غير مرغوب.([30])

رابعا: نظريـــة البنـــاء الاجتماعي:

هي حالة من الفوضى الاجتماعية تتســم بانعــدام معــاير الخــير والشر في المجتمــع والاختلال الاجتماعي الناجم عنه يعبر عن نفسـه في ظــاهرتين منفصلتين الأولى: تتمثــل في عجــز المجتمع أو الضمير الجمعـي عـن السـيطرة عـلى ســـلوك الأفـــراد ورغباتهم، وفشـــله في التطبيـــع الاجتماعي بصــورة تتضــمن انتظــام الفــرد في المجتمــع. والثانيــة: تتجســد في تــفشي الأنانيــة والفرديــة بحيــث تضــعف روح إيثــار الآخــرين وتصبح طموحات الأفراد غير محـددة بقـوانين أو عقود (الملك، 1990م).

لقد استعار “مريتـون” مفهـوم “الأنوميـا” مـن “دوركــايم” في مقالتــه الشــهرية ســنة (1938م) والتي يقول عنها عالم الاجتماع الأمريكي “مارشـال كلينــارد” أنهــا الأشــهر والأكــثر اقتباســا في علــم الاجتماع، وربما يعود ذلك إلى عدم وجود نظريـة اجتماعية مــفسرة للســلوك المنحــرف والجرميــة بشكل متكامـل كنظريـة، إلا أنـه يجـب علينـا في هذا المقام الإشارة إلى أن مفهـوم “الأنوميـا” عنـد مريتون يختلف عن تلك التـي أوجـدها دوركـايم فالأول يرى أن المعايير الاجتماعية والقـيم تقسـم إلى نمطين : الأهــــداف المجتمعــــة “Goals Societal “والوســــــائل المقبولــــــة “Means Acceptable “وذلك من أجـل تحقيـق الأهداف المجتمعيـة. فضلًا عن ذلـك فقـد أعـاد “مريتون” تعريف اللامعيارية بأنها عملية فصل أو تقسيم بنى الأهـداف والوسـائل كنتيجـة لطريقـة المجتمع البنائيـة وعـلى سـبيل الفـروق الطبقيـة.  

 وبنــاءً عــلى ذلــك تصــبح الجرميــة أو الانحــراف وتــفسر كأحــد أعــراض البنــاء الاجتماعية والــذي يعــرف الطموحــات، وكــذلك الوســائل المشروعــة والمقبولة لتحقيقها وأن الانحراف والجرمية نتيجة الأنوميا، هنالك مجموعة من العوامل التي أثـرت على نظرية الأنوميا والفكر المريتوين بشكل عام عدا عـن مفهـوم الأنوميـا عنـد “دوركـايم” ومـن هذه العوامـل: العوامـل الاقتصـادية، وترجمات المجتمــع وقيمــه.

إذ تنطلــق هــذه النظريــة في رؤيتها للسلوك الاجتماعي السـليم للأفـراد، مـن خلال كونه تعبر عن مثلهم للقـيم الاجتماعية، ســـواء كـــان مصـــدرها المؤسســـات الاجتماعية الطوعيــة كــالأسرة، والــدين، وجماعــة الرفــاق، والمجتمع المحلي كافة، أو المؤسسـات الاجتماعية الرســمية مثــل الســلطة، والقــانون، فوجـــود الفـــرد في محـــيط اجتماعي تتشـــكل التفاعلات الاجتماعية للأفـراد فيـه في ضـوء تلـك القيم، يقلل من فرص ظهور السلوكيات المنحرفـة بينهم، ويكـرس مـن سـيادة السـلوك الاجتماعي الطبيعي.

ومن هنا يمكن القول إن إقامــة الأفــراد في محــيط اجتماعي غــير المحــيط الذي نشئوا وترعرعوا فيه يعني انحسار دور تلك المؤسسات الاجتماعية التـي ترعرعـوا في ظلهـا في استمرار طبيعة سلوكهم على ما كـانوا عليـه قبـل انتقــالهم إلى المحــيط الجديــد مما يجعــل توقــع ظهور السلوك المنحـرف أمـرًا ممكنًا لـيس هـذا فحسب، بل إن متميز البنية الاجتماعية للوافـدين بخصائص اجتماعية معينـة كغلبـة فئـة العـزاب الـذكور، وابتعــاد عائــل الأسرة عــن أسرتــه نتيجــة لإقامته في بلد المهجـر، كلهـا مـؤشرات تعـبر عـن بنية اجتماعية متفككة، تهيـئ أو تجعـل ارتكـاب ســلوك التســول أمــرًا ممكنًا، ولهــذا الأمــر؛ فــإن تطبيقات هذه النظرية وجـدت مصـداقية كبـيرة عندما حاول مسـتخدمو النظريـة فهـم معـدلات الجريمــة، واتجاهاتهــا في البنــي الاجتماعية التــي  شــهدت نــموًا حضــاريًا سريعًــا، نتيجــة للهجــرة الداخلية والخارجيـة.

ويمكن أن تسـهم نظريـة التفكــك الاجتماعي في تفســير الظــاهرة محــور البحث نسبيا؛ لأن المجتمع اليمني قـد مـرّ مـن مرحلة المجتمع التقليدي الذي تسود فيه العائلة الممتدة، وسلطة القبيلة إلى مجتمع منفتح نتيجة للكثافــة الســكانية بســبب الهجــرة الداخليــة، والخارجية، وتحـول خـط الأسرة مـن الممتـدة إلى النووية، وظهور أنماط مختلفـة للمعيشـة، وثـورة الاتصالات والتقنية، كل ذلك أدى إلى ظهور أنمـاط مختلفة من الجرائم، وظهور أنمـاط مختلفـة مـن التفكك الاجتماعي، ومنها ظهـور ظـاهرة التسول وتفشيها.

المبحث الثالث:

الدراسات السابقة ومناقشتها

أولا: الدراسات السابقة: –

سيتناول هذا الجانب بعض الدراسات السابقة التي لها أهمية بظاهرة التسول ومنها:

  • الدراسات المحلية:

أولا: دراسة بعنوان «ظاهرة التسوّل وأثرها الاجتماعي والتربوي في اليمن» أعدّها الأستاذان في جامعة صنعاء نورية علي حمّد ومحمد أحمد الزعبي، أفادت بأن ظاهرة التسوّل واضحة في المدن اليمنية الكبرى أكثر من غيرها، وفـــي العاصمة صنعاء عشرات الآلاف من المتسوّلين، كما أنهم يتواجدون بكثرة في مدن محافظات تعز وعدن والحديدة. ولفتت الدراسة إلى غياب إحصاءات دقيقة بخصوص تحديد حجم ظاهرة التسوّل، لكن هناك دراسات تناولت الظاهرة أو أطفال الشوارع عن طريق العينات العشوائية في بعض المحافظات وبخاصة في كل من العاصمة صنعاء وعدن.

وعدَّت الدراسة ظاهرة التسوّل في اليمن خصوصًا الأطفال من أكثر الظواهر بل المشكلات الاجتماعية التي تنامت وبرزت على السطح حتى إنها غدت من الأمور المقلقة والمستهجنة وقد مسّت شرائح سكانية كبيرة.

وعزت الدراسة الأسباب والظروف المؤدية إلى تنامي ظاهرة التسوّل في اليمـــن إلى «العامل الاقتصادي ويتمثّل في فقر الأسرة وتدنّي مستوى المعيشة، وعجز الأسرة عن إشباع الحاجات الأساسية لأفرادها بخاصة الأطفال، وبطالة رب الأسرة والشباب فيها، والأمية والهرب من المدارس، وانحسار قيم التكافل وإحلال القيم الفردية محل القيم الجماعية، والتفكّك والعنف الأسري». التجمعات العشوائية، وتابعت أن نسبة الأسر التي تمارس التسوّل بكامل أفرادها انخفضت من حوالي 20 في المئة عام 1993 إلى 16 في المئة عام 2010، أما الأسر التي تمارس التسوّل بجزء فقط من أفرادها بمن فيهم الأطفال فقد ارتفعت من حوالي 43.8 في المئة إلى 53.1 في المئة خلال الفترة ذاتها، ما يشير إلى ارتفاع نسبة الأمهات أو الآباء الذين يمارسون التسوّل مع أبنائهم وبناتهم.

ثانيا/ دراسة قدمتها الشؤون الاجتماعية عدن (2021) بعنوان ظاهرة التسول في المجتمع، الأسباب والنتائج والحلول، العاصمة عدن نموذجا، وقد هدف الدراسة الكشف عن العوامل والأسباب والآثار وكذلك إيجاد الحلول لهذه الظاهرة.

وقد حاولت الدراسة الكشف عن الخلفية الاجتماعية والاقتصادية للمتسوّلين، وأوضحت الدراسة أنهم في الغالب من الفئات السكانية الفقيرة أو المعدمة التي يكون فيها معيل الأسرة عاطلًا أو عاجزًا عن العمل، بخاصة أن معظم من جاء إلى المدينة مع أسرته كان يعمل في السابق في الزراعة أو في الصيد والرعي أو في بعض الأعمال الحرفية البسيطة، ويتحول إلى عاطل أو متسوّل أو قد يدفع بالأطفال والنساء إلى التسوّل، وبسبب هذه الأوضاع المعيشية خرج إلى التسوّل أطفال ونساء وشباب لم تكن لهم علاقة بالظاهرة.

وأضافت الدراسة إلى أن «هناك تداخلًا كبيرًا بين أطفال التسوّل وأطفال الشوارع وحتى عمالة الأطفال الهامشية، فهؤلاء جميعًا هم أبناء أسر فقيرة وفي نهاية المطاف يمارسون التسوّل بشكل أو بآخر». وأوضحت أن خطورة ظاهرة التسوّل على هؤلاء الأطفال الذين غادر معظمهم بيئاتهم الأصلية (الريف أو مجتمعاتهم المحلية) إلى بيئات جديدة غير مألوفة، تبدو شديدة التعقيد.

وجاء في الدراسة أن الفقر والبطالة، إضافة إلى عوامل أخرى في طليعتها التفكّك الأسري وغياب الأب وتضخّم حجم الأسرة بسبب ارتفاع معدل الخصوبة في اليمن، وضع على عاتق المرأة اليمنية مسؤوليات اقتصادية كبيرة حيال أسرتها، ودفع بها بالتالي إلى الشارع للتسوّل.

وتوصلت الدراسة إلى عدد من التوصيات أهمها:

  1. تنفيذ خطة عمل للحد من انتشار الظاهرة
    1. توفير فرص عمل للمتسولين الذين لديهم مهارات وخبرات مهنية.
    1. تفعيل برامج الإقراض والتمويل الأصغر
    1. عمل دورات تدريبية وتأهيلية للمتسولين.
    1. تفعيل دور المراكز الإيوائية والإرشاد الاجتماعي.

ثالثا: دراسة أجراها (مركز الدراسات الاجتماعية وبحوث العمل في صنعاء قبل بضعة أشهر) وصلت أعداد المتسولين في اليمن، إلى مليون ونصف المليون، وأغلبهم من النساء والأطفال، لكنَّ باحثين اجتماعيين يشكّكون في هذا الرقم، ويؤكدون أنَّ العدد يفوق ما توصلت إليه الدراسة بكثير. وهذه الدراسة توضّح أنَّ هناك نوعين من الدوافع التي تقف وراء اتساع نطاق التسول؛ الأول الإكراه الأسري أو العمل لحساب جهة منظمة مقابل مبالغ محددة، إلى جانب الظروف المعيشية الصعبة وانتشار الفقر والبطالة وارتفاع الأسعار، وغلاء المعيشة، الثاني يكمن في الحاجة بسبب الفقر الدائم، وعدم القدرة على العمل وغياب مصادر الدخل الكافية.

 رابعا: دراسة (مشكلة التسول في المجتمع اليمني والمتغيرات المرتبطة بها- دراسة في محيط الخدمة الاجتماعية) جامعة صنعاء – كلية الآداب ورد تعريف أطفال الشوارع والمشردين بأنَّهم: “أطفال أما متشردون تشردًا جزئيًا حيث ضعفت علاقتهم بأسرهم وغابـت الرعايـة والمـسؤولية وأصبحوا يقضون نهارهم في الشارع، أو متشردين تشردًا كليًا انقطعت علاقتهم بأسرهم وأصبح الشارع سكنًا لهـم يقضون فيه ليلهم ونهارهم يطلقون على أنفسهم مصطلح” أطفال الكراتين”.

وتوضح الدراسة، ارتباط مفهوم أطفال الشوارع ارتباطًا قويًا بموضوع التسول؛ إذ إنَّ هذه الفئة تُعدُّ مـن أكثـر الفئـات انخراطًا في طابور المتسولين، وتهتم معظم تعريفات طفل الشارع بوضع حدود للظاهرة من خلال وصف أو تصنيف أو تحديد فئات الأطفال التي يشملها المصطلح والشائع منها.

دراسة نوال عبدالرحمن محمد حمزة (2013) بعنوان تسول الأطفال في أمانة العاصمة ” الأسباب والعوامل وإمكانية المكافحة” دراسة ميدانية” هدفت الدراسة إلى معرفة عدد الأطفال المتسولين في الجولات والأسواق في أمانة العاصمة بحسب السن والنوع والمستوى التعليمي من خلال النزول الميداني في ساعة الذروة والتي حددت من الساعة (10صباحًا-1ظهرًا) والمناطق التي وفدوا منها إلى أمانة العاصمة؛ إلى جانب ذلك معرفة نسبة الفقر بين الأطفال المتسولين ومعرفة الأسباب الخاصة بالعوامل الاقتصادية والاجتماعية والمؤدية لتسول الأطفال في أمانة العاصمة، إضافة إلى ذلك معرفة نوع الكارثة التي تعرض لها الأطفال المتسولون ومدى تأثيرها عليهم ، وأخيرًا استطلاع رأي الأطفال المتسولين على الآلية التي يعمل بها مركز مكافحة التسول.

وقد تم استخدام طريقتين لتحقيق هذه الأهداف إحداهما نظرية وهي استعراض كل ما يتعلق بموضوع الدراسة من نظريات ودراسات سابقة والاستفادة منها. أما الطريقة الثانية فقد نفذت في الجانب العملي الميداني وفيه قامت بتطبيق أداة الدراسة التي كانت عبارة عن استمارة مقسمة إلى أربعة مجالات مجال مرتبط بالعوامل الاقتصادية، ومجال مرتبط بالعوامل الاجتماعية، ومجال مرتبط بالكوارث، ومجال مرتبط بتقسيم آلية عمل مركز مكافحة التسول. وقد تم تطبيق أداة هذه الدراسة على عينة مكونة من 392 مفردة تم استجابة 360 مفردة و32 مفردة لم تستجب. وهي الاستمارة التي تم الاعتماد عليها عند عملية التحليل واستخراج نتائج البحث التي توصلت إليها الدراسة، وهي كالآتي:

  1. عدد الأطفال المتسولين في ساعة الذروة التي حددت من الساعة (10صباحًا-1ظهرًا) في جولات وأسواق الأمانة بلغ 392 طفلًا وطفلة بينهم 32 طفلًا/ طفلة لم يستجيبوا للدراسة.
  2. تركزت أعمار الأطفال المتسولين ما بين 10-13 سنة بنسبة 43%يليه العمر ما بين 6-9 سنة بنسب ة37% ثم العمر ما بين 14 – 17سنة بنسبة 20%.
  3. كانت نسبة الإناث إلى الذكور أعلى حيث بلغت 54% تقريبًا مقارنة بالذكور التي بلغت نسبتهم 46%.
  4. كانت النسبة متقاربة بالنسبة للحالة التعليمية للأطفال المتسولين فقد بلغت نسبة الأميين(38%) والذين يجيدون القراءة والكتابة(23%) والذين في المرحلة الأساسية(38%) والذين في المرحلة الثانوية العامة (1%).
  5. أن أغلبية المبحوثين مهاجرين من الأرياف، وتتصف مناطقهم بالعوامل الطاردة فهم يفضلون الهجرة إلى أمانة العاصمة لما تتصف به من عوامل الجذب أما بالنسبة للأماكن التي وفدوا منها فقد كانت محافظة الحديدة هي الأولى حيث بلغت نسبة الوافدين منها 20% تليها محافظة حجة التي بلغت 18% ثم محافظة تعز16% وأخيرًا محافظة ريمة بنسبة 10% . 
  6. أما الفقر فقد شكل السبب الرئيس لتسول الأطفال في أمانة العاصمة وفقًا لنتائج هذه الدراسة حيث وصلت نسبته بين الأطفال المتسولين إلى 98%.
  7. ومن العوامل الاجتماعية المسببة للتسول في أمانة العاصمة كان عامل الهجرة وبلغ نسبة المتفقين لهذا العامل 94% ثم يأتي بعده عامل التفكك الأسري ويشمل(الطلاق، الوفاة، الخلافات الأسرية، تعدد الزوجات، العنف…إلخ) والذي أوضح أن نسبة 87%من الأطفال يعانون منه ثم يأتي عامل الأمية من بعده حيث بلغ نسبة المتفقين له 61% ومن بعده عامل التسرب من التعليم والذي نسبة المتفقين مع هذا العامل 36.7% وأخيرًا عامل الإعاقة وكانت نسبتها 18.9% وكان هناك أسباب أخرى بلغت 9% مثل كثرة الإنجاب والعنف الأسري واليتم، ومن العيب التسول في قراهم وأصدقاء والتمييز العنصري وانعدام رقابة الوالدين، وانعدام الوازع الأخلاقي.
  8. شكلت الكوارث التكنولوجية مثل الحوادث والصراعات والحريق …إلخ نسبة78% بينما شكلت الحوادث الطبيعية نسبة 17.2%فقط.
  9. توضح الدراسة أن نسبة المعرفة لدى المتسولين بمركز مكافحة التسول بلغت 80.8% وأن نسبة الذين تم القبض عليهم 64%من إجمالي المبحوثين وقد أوضحوا جميعًا سوء الخدمات والمعاملة في المركز الذي كان واضحًا على سبيل المثال من خلال عدد وجبات الأكل اليومية، والغرامات المالية، والعنف، وأخذ نقودهم التي تسولوا من أجلها والأعمال التي يعملونها في المركز.

بناء على نتائج البحث توصلت الدراسة إلى التوصيات الآتية:

  1. الاستمرار في إجراء العديد من الدراسات والبحوث في هذا المجال حيث يؤخذ في الاعتبار اختيار أوقات مختلفة لجميع جولات وأسواق أمانة العاصمة وكذلك المحافظات الأخرى حتى نتمكن من تحديد انتشار تسول الأطفال ويكون مؤشرًا جيدًا لقياس هذه الظاهرة، وعكس توصيات هذه الدراسات لرئاسة الوزراء لاتخاذ معالجات لهذه الظاهرة.
  2. على وزارة الشئون الاجتماعية والعمل القيام بتخصيص عائدات مالية للأسر الفقيرة والتي تعول أطفال في سن الحداثة وهم لا يزالون في سن الالتحاق بالتعليم ويعيشون تحت خط الفقر من أجل ضمان عدم تسربهم؛ لأن ذلك من شأنه أن يهيئ ظروف أفضل لحياتهم، وإيجاد سبل عديدة سوية للكسب.
  3. على وزارة التربية والتعليم اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة من أجل تطبيق وتفعيل لقانون إلزامية التعليم لكل فرد من المجتمع وتوفير الظروف التي تشجع الأسر بإلحاق أبنائها بالتعليم من خلال تفعيل دور المجالس المحلية للتنسيق مع المدارس الحكومية لمساعدة وإتاحة التحاق أبناء الأسر الفقيرة بالمدارس وإعفائهم من مصاريف الدراسة. وكذلك تحسين وتطوير الأساليب والطرق التربوية في التعليم والمتخذة في المدارس وخاصة في مرحلة التعليم الأساسي إضافة إلى تشجيع أفراد الأسر الفقيرة على الانضمام في برامج محو الأمية.
  4. اتخاذ سياسة من قبل الدولة تنظم فيها عملية الهجرة الداخلية وخاصة المتدفقة من الريف إلى المدن وكذلك تحسين الظروف المعيشية والحياتية في الأرياف من قبل الدولة، وإيجاد وتفعيل الخدمات الاقتصادية والاجتماعية فيها.
  5. تكاتف وتوحيد الجهود الفردية والمؤسسية والمجتمعية على تخفيض نسبة الفقر والبطالة من أجل استفادة عدد كبير من الأسر الفقيرة وتحسين وضعها الاقتصادي والاجتماعي؛ وكذلك تفعيل مؤسسات الضمان الاجتماعي التي تقدم الحماية للأسر الفقيرة وللعاطلين وإعطاء مبالغ الضمان لمستحقيها.
  6. دعم وإنشاء مراكز استشارات أسرية لعلاج المشكلات الأسرية والتدخل المبكر لاحتوائها والسيطرة على مسببات التفكك الأسري المؤثرة سلبًا على الأبناء؛ كما يتم التنسيق مع الخطباء في المساجد بتوعية أفراد المجتمع بحماية الطفل ووقايته من العنف والإساءة من قبل والديه أو عائلهم. إلى جانب ذلك توعية ومساعدة الأسر الفقيرة بضرورة تنظيم الأسرة حتى تتمكن من إعالة أطفالها وتنشئتهم التنشئة السوية.
  7. تفعيل دور مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة وتوعية الأسر الفقيرة التي لديها أفراد معاقين في كيفية التعامل معهم وترشيدهم في كيفية إدماجهم في هذه المراكز.
  8. إيجاد حلول ومعالجات للكوارث بنوعيها تعمل على تخفيض نسبتها وتوعية أفراد المجتمع بالطرق السليمة للوقاية منها؛ كما يجب على الحكومة تأمين الأسر التي تعرضت لأضرار اقتصادية واجتماعية.
  9. الإشراف والرقابة المستمرة من قبل وزارة الشئون الاجتماعية والعمل على تصحيح وتفعيل آلية العمل التي يعمل بها مركز مكافحة التسول، ورفع كفاءة العاملين فيه، والاستفادة من الخبرات العالمية في هذا المجال.
  10. تفعيل دور المراكز التأهيلية والتدريبية لإعادة تأهيل الأطفال المتسولين بنوعيهم وتدريبهم على بعض المهارات من أجل إيجاد فرص عمل مناسبة تناسب جميع الأعمار بحيث لا تضر بصحة الأطفال البدنية والنفسية والعقلية ولكن من أجل تحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية.
  11. الدراسات العربية:

أولا: دراسة إسماعيل “2000” التعرف على الأسباب التي تدفع الأفراد للعمل في مهنة التسول، وتعرف الحالة الأسرية والنفسية والاجتماعية التي يوجد فيها الأطفال المتسولين وقد أشارت النتائج إلى أن أسباب التسول جاءت مرتبة تنازليا حتى لا أضرب ولا أطرد من المنزل والفقر الشديد والحرمان من كل شيء ومعاملة الأب السيئة تجعلهم يتسولون لإشباع حاجاتهم لعدم وجود مصروف لهم أما الظروف التي يتعرض لها هؤلاء الأفراد هي التي تجعلهم أو تدفعهم إلى ممارسة ظاهرة التسول.

قد توصلت الدراسة إلى أنهم يتعرضون لظروف أسرية واجتماعية واقتصادية ونفسية بالغة السوء مما يؤثر في نفسيتهم تأثيرا كبيرا فنجد أن آباءهم لم يحظُ بتعليم كافٍ مما يدفعهم بنسبة (%53) أو عدم العمل والجلوس في المنزل بنسبة (%48) أما أمهات هؤلاء الأفراد فأغلبهن جاهلات.([31])

ثانيا: دراسة يوسف( 2003) دراسة عن الخصائص الاجتماعية والاقتصادية والنفسية للأفراد المتسولين في الرياض بالمملكة العربية السعودية، وقد تم اختيار عينة الافراد والأطفال الذين يقومون ببيع الحاجات البسيطة في الشوارع وعند إشارات المرور، وأوضحت نتائج الدراسة أن الأطفال الباعة والمتسولين ينحدرون من أسر كبيرة الحجم تعاني ظروفا اقتصادية سيئة، ويعيشون في نمط ردئ من المساكن مع عدم امتلاكهم لها إضافة إلي انخفاض في المستويات التعليمية لآبائهم وأمهاتهم وعدم وجود عمل أساسي لرب الأسرة بالإضافة إلى أنهم ينحدرون من أسر غير مكثرته بالتعليم مما يترتب عليه خلق جيل أمي يورث الجهل والفقر من الآباء إلي الأبناء.

ثالثا: دراسة عبد العزيز بن إبراهيم بن ناصر(2004)  الأبعاد الأمنية لظاهرة التسول في السعودية دراسة مسحية بمدينة الرياض. وتكمن مشكلة البحث في تفاقم ظاهرة التسول في المجتمع السعودي وانتشارها، الأمر الذي يهدد أمنه واستقراره حيث تحاول هذه الدراسة معرفة مدى خطورة تلك الظاهرة على الناحية الأمنية فيه، ومعرفة المشكلات الأمنية المترتبة على ظاهرة التسول في المجتمع السعودي ومكافحتها من خلال التعرف على الأنظمة التي تحكم هذه الظاهرة والإجراءات التالية المتبعة لضبطها ومكافحتها، وفيما يخص منهجية البحث فقد استخدم الباحث في هذه الدراسة منهج المسح الاجتماعي الاستطلاع ومعرفة آراء المجتمع عن الأبعاد الأمنية لظاهرة التسول في السعودية. وأهم النتائج:

  • قدم الأنظمة الموضوعية لمكافحة التسول بالإضافة إلى التساهل في تطبيقها.
  • تضارب المهام بين مكتب مكافحة التسول ومركز الشرطة في الرياض وإلقاء اللوم من قبل كل جهة على أخرى.
  • من أهم معوقات مكافحة التسول هي الشفقة والرحمة من قبل بعض المواطنين المسؤولين تجاه المتسولين ووجود جهة معينة واحدة تقوم بجميع أعمال المكافحة وقصور دور وسائل الإعلام في التعامل مع الظاهرة.
  • من أهم الإجراءات الوقائية والعلاجية المقترحة للحد من ظاهرة التسول هي تفعيل دور الجمعيات الخيرية القضاء على المقيمين بطريقة غير مشروعة وافتتاح مكتب لمكافحة التسول في كل حي من أحياء الرياض وحث المجتمع على التكافل الاجتماعي.

 التقارير

أولا: تقديرات المجلس الأعلى للأمومة والطفولة في صنعاء ومنظمة «يونيسف»، أشارت إلى أن عدد المتسوّلين من الأطفال يصل إلى 7 آلاف طفل وطفلة في العاصمة وحدها. كما قدّر في نهاية عام 2000 عدد الأطفال المتسوّلين بحوالي 4960 وأن حوالي 51 في المئة منهم قدموا من الريف. 

ثانيا: الإحصائيات العلمية الصادرة عن أكاديميين بجامعة صنعاء في 21 مارس 2014م، التي قدرت عدد المتسولين بنحو 30 ألف طفل وطفلة دون سن الـ 18، ولا يشمل هذا العدد كبار السن من الذكور والإناث الذين خرجوا للتسوّل تحت وطأة الظروف المعيشية الصعبة والفقر المدقع. وهذه التوقعات تمثل ثلاثة أضعاف حاليًا إذ تشير تقديرات المجلس الأعلى للأمومة والطفولة إلى أنَّ هناك عشرة آلاف طفل وطفلة يمارسون التسول في أمانة العاصمة، إلى جانب آلاف النسوة؛ إذ تزايدت أعدادهم بصورة جلية في الآونة الأخيرة، ويتوقع أكاديميون ارتفاع أعداد المتسولين في اليمن إلى أكثر من 90 ألف شخص؛ بسبب النزوح، وتفشي البطالة، وانقطاع مصادر الدخل لأغلب الأسر، وانقطاع المرتبات عن موظفي الدولة.

ثالثا: إحصائيات حول ظاهرة التسول في بعض بلدان الوطن العربي

إليكم بعض إحصائيات التسول في الوطن العربي([32])

  • إحصائيات عن التسول في الجزائر: عدد المتسولين نحو 11 ألفًا و269 متسولًا على مستوى 48 محافظة جزائرية.
    • إحصائيات عن التسول في المغرب: يعود آخر إحصاء للمتسولين في المغرب إلى عام 2007، ويفيد بوجود أكثر من 195 ألف متسول.
    • إحصائيات عن التسول في السعودية: كشفت دراسات أن مدينة جدة تضم أكبر شريحة من المتسولين تم القبض عليهم، بنسبة 33%، تليها مدينة مكة المكرمة بنسبة 25.3%، ثم الرياض 19.4%، والمدينة المنورة 16.5%. في حين احتضنت الدمام أقل نسبة تسول على مستوى مدن السعودية بنسبة 4%.
    •  إحصائيات عن التسول في مصر: تتباين الإحصاءات بشأن عدد المتسولين في مصر، ففي دراسات حديثة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية تأرجحت الأرقام بين 220 ألف ومليونَين.
    •  إحصائيات عن التسول في الإمارات: أما في الإمارات في عام 2015، أوقفت البلدية 393 متسولًا، بما فيهم 79 خلال شهر يونيو، الذي تزامن أيضًا مع شهر رمضان. أرقام تشير إلى أن التسول في تراجع 31% مقارنة بالعام 2014، إذ ضبطت السلطات حينذاك 549 متسولًا ووفقًا لإحصاءات رسمية صدرت قبل ما يزيد عن عام، فإن عدد المتسولين في العاصمة وحدها وصل إلى نحو 2700 متسول.
    •  إحصائيات عن التسول في تونس: في تونس فاق عدد المتسولين 39 ألفًا في عام 2016.
    • إحصائيات عن التسول في الأردن: ألقت لجان مكافحة التسول التابعة لوزارة التنمية في الأردن القبض على ما يزيد عن 8000 متسولًا منذ بداية عام 2017.
  • التعليق على الدراسات السابقة:

تلك الدراسات والتقارير كانت مرجعا نظريا وتطبيقا لتناول الظاهرة من نواحيها المختلفة فقد أفدنا منها نظريا وتطبيقيا في دراستنا هذه، وتكمن أهمية دراستنا في أنها جاءت للتناول ظاهرة أصبحت أكثر انتشارا لاسيما بعد حرب 2015م وكانت فئة الأطفال هي الفئة الأكثر حضورا في عينات الدراسة.

وعلى الرغم من كل تلك الدراسات فما زالت ظاهرة التسول تشكل خطرا محدقا على الأجيال، ومازالت بحاجة لمزيد من الدراسات كيف تتضح العلاقة بين انتشاره هذه الظاهرة في المجتمع والناحية الأمنية فيه. 

الفصل الثالث:

 منهجية الدراسة الاستطلاعية 

أولا: مجتمع الدراسة

  يقصد بالمجتمع مجموعة من الأفراد، والعناصر ذات صفات مشتركة، قابلة للملاحظة والقياس؛ أي أن المجتمع هو جميع مفردات أو وحدات الظاهرة المبحوثة.

 ويتفق الباحثون على أنه لا يمكن أن تختار عينة الدراسة ما لم يجرِ وصف كامل لمجتمع الدراسة، وذلك لكي يتم اختيار الطريقة المناسبة في اختيار العينة.

   لذا فإن مجتمع الدراسة تكوَّن لدى الباحثين، من المتسولين والمشردين في العاصمة عدن وقد أجريت عليهم الدراسة في شهر مارس ـ إبريل من عام 2024م.

–     ثانيًا: عينة الدراسة

قام فريق البحث بعمل دراسة استطلاعية ميدانية على عينة المتسولين في مواقعهم وتركزهم في العاصمة عدن. وقد تكون عينة الدراسة من محورين رئيسين، هما:

المحور الأول: المتسولين المتجولين في شوارع العاصمة عدن، ويهدف المحور إلى رصد البيانات والمعلومات الكافية عن هؤلاء المتسولين، عددهم وفئاتهم وجنسهم وأعمارهم وأماكن قدومهم، وأوقات تواجدهم، وكذلك الأماكن التي تمارس فيه عملية التسول، والتحقق من مدى قدرة أفراد عينة الدراسة على تمثيل مجتمع الدراسة ومدى قدرتها على الإجابة عن التساؤلات المتعلقة بالبحث.

المحور الثاني: المجتمع المحيط بظاهرة التسول، ويهدف هذا المحور إلى معرفة آراء المجتمع المحيط بالظاهرة، آثارها ومخاطرها ووجهة نظرهم منها، وقد تركزت هذه المقابلات على فئتين هما:

الفئة الأولى: المختصون في مجال الدراسات الاقتصادية والنفسية والاجتماعية والأمنية والحضرية.

الفئة الثانية: أفراد المجتمع المحيطون بالظاهرة. أفراد العينة بشأن المشكلات التي يسببها التسول في العاصمة عدن.

ثالثًا: أدوات الدراسة

لقد تم استخدام المقابلة الشخصية لمعرفة آراء الأفراد، وهناك ثلاث أدوات رئيسة اعتمدت عليها الدراسة في جمع المعلومات وتوثيقها، وهي:

  1. المسح الميداني الإحصائي الذي يهدف إلى رصد المتسولين وحصرهم، وملاحظة حركة سيرهم وتواجدهم من خلال النزول اليومي إلى أماكن تواجد عينة الدراسة.
  2. المقابلة الشخصية التي تهدف إلى استطلاع آراء المختصين الاقتصاديين والنفسيين والاجتماعيين والأمنيين بالأثر والمخاطر التي تسببها ظاهرة التسول والتشرد على الفرد والمجتمع، وكذلك معرفة آراء المواطنين المحيطين بموضوع الدراسة بشأن وجهة نظرهم لهذه الظاهرة وكيفية التعامل معها وما هي الأضرار التي تسببها لهم.

 كما اعتمدت الدارسة على المقابلة الشخصية؛ وذلك من خلال طرح أسئلة مباشرة على أفراد العينة، بالإضافة إلى جمع البيانات الإحصائية من الجهات الرسمية وغيرها:

خطة سير الاستطلاع لقد تم تنفيذه إلكترونيا عبر صفحة الفيس بوك الخاصة بمؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات من خلال إعلان ممول على حساب المؤسسة بتاريخ 15 مارس حتى 18 إبريل لعام 2024م، وقد كان حجم العينة(500) فردًا، بواقع (70%) من الذكور، و (30 %) من الإناث.

الفصل الرابع

عرض نتائج الدراسة وتحليله

توطئة:

ظاهرة التسول في العاصمة عدن

عدن ما قبل عام 1994م  كانت تختلف جذريا عن باقي العواصم العربية فقد سبقت الجميع في ترتيب وضعها الاجتماعي والأمني والحضاري وظلت ظاهرة التسول والتشرد طوال المرحلة السابقة مغيبة؛ بل جرمت من قبل السلطات الحاكمة للعاصمة عدن، وعدّت نوعًا من الجرائم التي يجب أن يوجد لها مسوغ قانوني وتشريعي يحد من تواجدها وانتشارها، إذ يرونها تشكل تهديدا على الأمن والتعايش الاجتماعي وعدُّوها ظاهرة سلبية وانتشارها يُعدُّ انحرافا عن السلوك القويم وخروجا عن العادات والتقاليد والقيم السائدة لطابع المدينة، كما أنها تؤثر بشكل كبير وفعال على الحياة الاقتصادية وحركتها حيث يعيش العديد منهم عالة على أفراد المجتمع مما يعدون عائقا أمام حركة النمو الاقتصادي والتطور المنشود.

مراحل نشوء ظاهرة التسول والتشرد في العاصمة عدن

بعد احتلال الجنوب في صيف عام 1994م

أصبحت ظاهرة التسول منتشرة على نطاق عام وواسع وبأساليب مبتكرة وأشكال مختلفة وبالرغم من أن هذه الظاهرة قديمة، وكانت تمارس من بعض الشرائح والفئات الاجتماعية المعدومة من الناحية الاقتصادية أو من بعض الفئات التي تعاني من أمراض معينة أو ذوي الحاجات الخاصة، إلا أنها أصبحت في الوقت الحالي مهنة وحرفة لمن يرغبها حيث انضمت إليها فئات جديدة تخالف ما كان سائد في الماضي وأصبحت تشتمل على جميع الفئات والشرائح العمرية ومن كل الجنسين.

اتسعت ظاهرة التسول والتشرد في الآونة الأخيرة وتزداد وتيرتها في شهر رمضان؛ حيث عمد بعض ممتهني هذا العمل على ميل المسلمين إلى فعل الخير والإحسان إلى الفقراء والمساكين، فيلجؤون إلى استخدام الوسائل الاحتيالية التي تمكنهم من تجميع أكبر قدر ممكن من الأموال.

بعد حرب عام 2015م:

صرح د. محمد حمود: مدير مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل في العاصمة عدن في مقابله أجرتها معه قناة عدن المستقلة حول انتشار ظاهرة التسول في العاصمة عدن قائلا: لقد” ظهرت هذه الظاهرة بشكل كبير بعد العام 2015 وجلهم من مناطق الشمال .ومعظمهم من الأطفال وقد أشار أن هناك قصورًا في مجال تنفيذ القانون إذ تنص المادة 145 من  القانون اليمني  رقم 45 بشأن حقوق الطفل، على قيام الدولة بحماية ورعاية “الأطفال الأيتام وأطفال الأسر المفككة والأطفال الذين لا يجدون الرعاية ويعيشون على التسول، والقضاء على هذه الظاهرة، ووضع الأطفال المتسولين والمتشردين في دور الرعاية الاجتماعية، وتوجيههم إلى أن يكونوا أعضاء صالحين منتجين في المجتمع”

وفي السياق نفسه صرح وزير الشؤون الاجتماعي والعمل الدكتور محمد سعيد الزعوري، ” أن ظاهرة التسول تزداد يوما بعد يوم نتيجة النزوح وتدفق أعداد كثيرة من الأسر من مناطق الصراع إلى العاصمة عدن والمحافظات المجاورة”. وأضاف الوزير الزعوري في مقابله أجرتها معه قناة العربية الحدث حول ظاهرة تسول الأطفال، “أن ظاهرة التسول أصبحت تزداد وتستغل من قبل جهات معينة وربما عصابات منظمة تستفيد من الوضع الهش الذ تعيشه البلاد وتعمل على الاستفادة من الأطفال الأبرياء في التسول وجلب الأموال لها من الشوارع”. ([33])

وفي الحقيقة إن ظاهرة التسول ليست مقصورة على المجتمع في عدن، بل هي ظاهرة قائمة في المجتمعات كافة، ولكنها تختلف من مجتمع لآخر كما تختلف أسبابها من مجتمع إلى آخر.

أبرز ثلاثة عوامل ساعدت على انتشار ظاهرة التسول في العاصمة عدن هي:

  1. موجات النزوح من المحافظات اليمنية إلى العاصمة عدن
    1. موجات الهجرة غير شرعية من دول القرن الأفريقي.
    1. الهجرة الداخلية من المناطق الجنوبية القريبة من العاصمة عدن.

المبحث الأول:

عرض نتائج الاستطلاع الميداني:

يتناول هذا المبحث المؤشرات الإحصائية لواقع شيوع ظاهرة التسول في العاصمة عدن من خلال تحليل نتائج المسح والاستطلاع الميداني الذي قام به الفريق الميداني والذي استهدف مواقع المتسولين في مديرية المنصورة العاصمة عدن حيث حددت ساعات الذروة لتواجد هؤلاء المتسولين الثابتين في المواقع المحددة لممارسة نشاطهم اليومي، ومن خلال المتابعة والرصد والاستطلاع والملاحظة تمكن فريق البحث أن يحدد خارطة سير فريق البحث ومواقع تواجد النازحين وعددهم وتحديد فئاتهم وجنسهم وأعمارهم وهوياتهم على النحو الآتي:

أولا: المواقع الجغرافية التي يتمركز المتسولين فيها:

بلغ عدد المتسولين المتواجدين في مديرية المنصورة محافظة عدن وفي المناطق المحددة في الخارطة والبالغ (2877) متسولا، كما هو موضح في الجدول أدناه:

جدول رقم (1)

يوضع الحدود المكانية للمسح الميداني

مالمكان المستهدفالعدد النسبة
1جولة كالتكس+ خط البريقة40114%
2تقاطع كابوتا + خط التسعين51417%
3جولة السلام + خط السجن68723%
4جولة الكثيري+ خط الكثيري380 13%
5جولة السفينة+ خط السنافر28810%
6جولة القاهرة + خط سوق عدن29511%
7جولة النسيج +خط الحجاز 31212%
المجموع2877100%

مما سبق تبين أن الخارطة الجغرافية لتواجد المتسولين والمشردين تكثف في جولة السلام + خط السجن بنسبة (23%) محتلة المرتبة الأولى ويليها تقاطع كابوتا + خط التسعين بنسبة (17%) في المرتبة الثانية ومن ثم جاءت جولة كالتكس+ خط البريقة بنسبة (14%). وجولة الكثيري+ خط الكثيري بنسبة (13%) في المرتبة الثالثة والرابعة بينما جاء في المرتبة الخامسة والسادسة والسابعة بنسب متتالية كلا من جولة النسيج +خط الحجاز بنسبة (12%) وجولة القاهرة + خط سوق عدن بنسبة (11%) وجولة السفينة+ خط السنافر بنسبة (10%)

ثانيا: خصائص أفراد العينة الممسوحة:

  1. النوع الاجتماعي

جدول رقم (2)

يوضع الجنس للمتسولين والمشردين

الجنسالعدد النسبة
 ذكور1219 43%
إناث165857%
المجموع2877100%

مما سبق تبين أن نسبة الإناث المتسولات سواء أكانت نساء أم فتيات أم أطفال جاءت مرتفعة بنسبة (57%) بينما جاءت نسبة الذكور (43%)

  • الفئة العمرية:

جدول رقم (3)

يوضع حجم الفئة المستهدفة بحسب الفئات العمري

الفئة والنوعالعدد النسبة
الأطفال1480 51%
شباب74327%
المسنين65422%
المجموع2877100%

مما سبق تبين أن فئة الأطفال أكثر الفئات تسولًا فقد جاءت في المرتبة الأولى بنسبة (51%)، وجاءت في المرتبة الثانية فئة الشباب بنسبة (27%) وفي المرتبة الأخيرة جاءت فئة المسنيين نسبة ( 22%)  وهذه النتائج جاءت متقاربة مع نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، بداية شهر إبريل2022 م، حول ظاهرة التسوّل في اليمن، أن أكثر الفئات اليمنية تسولًا 44% الأطفال، 39 % النساء، 13% المسنين، فيما 4% ذوي الإعاقة([34])

  • الفئات المتسولة

جدول رقم (4)

يوضح الفئات التي تمارس التسول في العاصمة عدن

الفئةالعددالنسبة
النازحين اليمنيين165057%
المهمشين65123%
المهاجرين غير الشرعيين44915%
فئة المجتمع المحلي1275%
المجموع2877100%

مما سبق تبين أن فئات المتسولين والمتشردين صنف في العاصمة عدن إلى أربعة فئات من المتسولين والمشردين وهم الفئة الأول: من النازحين اليمنيين وبلغت نسبتهم (57%) القسم الثاني: من فئة المهمشين وبلغت نسبتهم %22) والفئة الثالثة: من فئة المهاجرين غير الشرعيين( الإثيوبيين والصومال) وبلغت نسبتهم(15%) والفئة الرابعة من فئة المجتمع المحلي الذي قدموا من الريف المجاور أو من محافظات الجنوب الأخرى وهم اليوم يعيشون على هامش الحياة الحضرية، في بيئات عشوائية أو تجمعات غير منتظمة أو منظّمة في مساكن عشوائية غير مؤهّلة، تحولت إلى بيئات طاردة للأطفال إلى الشوارع ومشجعة على التسوّل والتشرد وبلغت نسبتها(7%)

وفيما يخص المستوى التعليمي للمتسولين حاول الباحثون أن يصلوا إلى نسبة تحدد مستواهم التعليمي حيث أجرت مقابلات مع 1000 فرد موجهة لهم سؤالا ما تعلمت وإلى أي صف دراسي؟ فكانت الإجابة كالاتي:

جدول رقم (5)

يوضح المستوى التعليمي للفئات المتسولة في العاصمة عدن

المستوى التعليميالعدد%
أمي24348.6%
متحرر من الأمية5811.6%
أساسي14328.6%
ثانوي5410.8%
جامعي20.4%
المجموع500100%

يبين الجدول أعلاه أن الغالية العظمى من المتسولين لا يجيدون القراءة والكتابة بواقع (48.6%) وهذه النسبة كبيرة جدا مما يوضح أن التسرب من التعليم يعد سببا رئيسا في شيوع ظاهرة التسول. وهذه النسبة تتوافق مع نسبة كشفت عنها دراسة أجرتها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في العاصمة عدن عام 2021م حيث بينت أن نسبة الأمية بلغت 53.3%.[35]

تحليل نتائج استبيان حول وجهة نظر المجتمع المحيط بالظاهرة من حيث الآتي:

  • بواعث شيوع ظاهرة التسول في العاصمة عدن
  • مصادر نشأة ظاهرة التسول
  • مدى انتشار ظاهرة التسول في العاصمة عدن

لقد أجرت مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات استطلاعا إلكترونيا عن أبزر البواعث المسببة لظاهرة التسول والتشرد في العاصمة عدن وقد جاءت إجابات المبحوثين حول السؤال التالي: (ما هي وجهة نظر المجتمع لدوافع ظاهرة التسول شبه اليومية والدائمة في شوارع العاصمة عدن) فجاءت إجابة المبحوثين كالآتي:

جدول رقم (6)

يوضع آراء العينة عن دوافع ظاهرة التسول في العاصمة عدن

الجهةالعدد النسبة
  الفقر والاحتياج26553%
  سلوك وعادة للارتزاق160%32
  جهات داعمة للتسول7515%
المجموع500100%

مما سبق تبين أن وجه نظر المجتمع المحيط بظاهرة التسول والتشرد في شوارع العاصمة عدن، اتفقت 57.4 على أن الفقر والاحتياج كان دافعا بما نسبته (53%) بينما أجاب آخرون أن هذه الظاهرة أصبحت عادة وسلوك للارتزاق، وأجاب آخرون وبنسبة (15%) أن وراء الظاهرة جهات أخرى تدعمها.

وفيما يخص السؤال حول نشأة ظاهرة التسول في العاصمة عدن فجاءت إجابة المبحوثين كالآتي:

جدول رقم (7)

يوضح آراء العينة عن نشأة ظاهرة التسول في العاصمة عدن

 العبارة العدد%
ظاهرة ذو نشأة محلية  326.4%
ظاهرة دخيلة على المجتمع المحلي    46893.6%
المجموع 500100%

فيما سبق تبين أن آراء العينة حول نشأة ظاهرة التسول في العاصمة عدن لما نسبته 93%  تؤكد أنها ظاهرة دخيلة على المجتمع بينما أكد بما نسبته  6,4% أنها ظاهرة ذو نشأة محلية.

وفيما يخص السؤال حول نظرة المجتمع إلى نظرة المجتمع لهذه الظاهرة في العاصمة عدن فجاءت إجابة المبحوثين كالآتي:

جدول رقم (8)

يوضع آراء العينة عن نظرة المجتمع لهذه الظاهرة في العاصمة عدن

    العبارةالعدد%
ظاهرة سلبية49398.6%
 ظاهرة غير سلبية71.4%
المجموع 500100%

في الجدول أعلاه تبين أن آراء العينة بما نسبته 98.6% تؤكد أن ظاهرة التسول في العاصمة عدن ظاهرة سلبية وغير حضارية، بينما ما نسبته 1.4% تؤكد أنها ظاهرة غير سلبية.

وفيما يخص السؤال حول مدى انتشار ظاهرة التسول في العاصمة عدن فجاءت إجابة المبحوثين كالآتي:

جدول رقم (9)

يوضع آراء العينة عن مدى انتشار ظاهرة التسول في العاصمة

 العبارةالعدد%
ظاهرة منتشرة بكثرة (شبه يومية) 39078%
ظاهرة متوسطة الانتشار98 19،6%
ظاهرة منتشرة بقلة(موسمية)122،4%
المجموع 500100%

وفيما يخص نتائج الاستطلاع فقد أكّد آراء عينة الاستطلاع أن ما نسبته (78%) من عينة الاستطلاع يرون أن ظاهرة التسول منتشرة في قطاع العاصمة عدن بدرجة كبيرة، ونسبة (19،6%) من العينة أكدوا أن ظاهرة التسول منتشرة بدرجة متوسطة في العاصمة عدن، ونسبة (2،4%) يرون أن ظاهرة التسول منتشرة بدرجة قليلة في العاصمة عدن.

المبحث الثالث:

تحليل نتائج المقابلات الشخصية حول ظاهرة التسول في العاصمة عدن

إيمانًا منها بأهمية استطلاعات الرأي العام إزاء القضايا المختلفة ودورها في عملية التنمية المستدامة من خلال رصد وقياس اتجاهات الرأي العام نحو كافة القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية المطروحة على الساحة المحلية والإقليمية؛ بهدف التوجه بها إلى متخذي القرار لإرشادهم إلى إعداد الخطط والسياسات المختلفة.

وحول ظاهرة التسول في العاصمة عدن أجرينا استطلاعا ميدانيا لفئتين من المجتمع هما:

  1. آراء المختصين الاجتماعين والنفسيين والاقتصاديين.
  2.  آراء المجتمع المحلي المحيط بالظاهرة.

أولا: آراء المختصين الاجتماعين والنفسيين والاقتصاديين

التسول يختلف عن النظرة العامة له حيث يركز اهتمامه العملي على شخصية المتسول، ومراحل تطور هذه الشخصية، حيث يؤدي إلى انحرافات نفسية حادة تقود إليها ممارسة التسول، ظاهرة التسول من الظواهر التي تنشأ نتيجة عدم توافق ممارسها أو سـوء تكيفـه مـع المجتمع الذي ينشأ فيه، وهذا يعود إلى اضطرابات في شخصيته بوجه عام.

  • الآثار الاقتصادية والمعيشية

برزت المشكلات الاقتصادية والتنموية في عدن بشكل كبير، فقد سببت الكثافة السكانية تدهورًا اقتصاديًا مريعًا ابتدأ بانهيار العملة ومرورًا بانعدام المشتقات النفطية وضعف الإنتاج المحلي وتدني مستوى دخل الفرد الحقيقي، وقد تفاقمت مشكلات النزوح السكانية الأخيرة للشماليين إلى الجنوب والذين تقدر أعدادهم بمئات الآلاف من النازحين لتضاعف معاناة سكان الجنوب بشكل أكبر، ناهيك عن ممارسات السلطة وسياساتها الاقتصادية التي انتهجتها خلال الفترة الماضية والتي يبدو أن هدفها الرئيس هو جعل العاصمة عدن تعيش في دوامة من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.

وفي سؤال موجه للمختصين في الاقتصاد حول الآثار الاقتصادية من جراء شيوع ظاهرة التسول والتشرد في العاصمة عدن أجاب عليها الباحث د. هيثم جواس الحالمي أستاذ الاقتصاد في جامعة عدن قائلا:” إن ظاهرة التسول والتشرد لها أضرار اقتصادية ومعيشية مؤثرة جدا على الفرد والمجتمع لكونها ظاهرة تترتب عنها آثار اقتصادية واجتماعية وأمنية؛ فعلى الرغم من أن هذه الظاهرة لا تزال مشكلة فردية، إلا أنها تُعدُّ نتاج تلك المتغيرات التي واكبت نشوب الحروب والتهريب عبر الحدود ودخول اللاجئين الأفارقة التي تحمل معها ثقافات وتقاليد وقيم مختلفة لا يجمع بينها سوى قاسم مشترك واحد هو أن هدفها جمع المال والعودة به إلى بلادها  فمن الناحية الاقتصادية…

 وقد حدد عدد من المخاطر التي ترتبت من شيوع ظاهرة التسول والتشرد في العاصمة عدن، وهي كما يلي:-

  1. تجميع أموال وتركيزها في يد فئة جاهلة غير واعية، يتم تهريب جزء كبير منها إلى خارج البلاد وبذلك تُسهم ظاهرة التسول في نزيف الأموال وتهريبها إلى الخارج. وما يؤكد وجود أضرار اقتصادية محققة لظاهرة التسول هو أن كثيرًا من المتسولين أصبحوا من أصحاب الملايين، وفي تحقيق أجرته إحدى الصحف ذكرت فيه أن أحد المتسولين ومعه ولدين موزعين في بعض الشوارع في مدينة عدن أكد أنه قد يحصل على مائة ألف ريال في كل يوم من أيام شهر رمضان، وقد تزيد هذه الحصيلة في العشر الأواخر منه؛ ما يعني أنه يحصل على مبلغ  ثلاثة مليون ريال في هذا الشهر، فإذا استمر على هذا النمط لمدة تسعة أشهر فقط فإنه يُمكن أن يُحقق سبعة وعشرين مليون ريال، وبذلك يُصبح من أصحاب الملايين خلال مدة قصيرة جدًا لا تتجاوز عام دون أي مجهود.
  2. أن انتشار ظاهرة التسول يمكن أن يُشيع لدى بعض الشرائح الاجتماعية نزوات الحصول على المال بأية طريقة، ما يُشجع على الكسل وعدم الرغبة في العمل المنتج.
  3. يؤدي انتشار ظاهرة التسول إلى تشويه الوجه الحضاري للبلاد وخاصة العاصمة والحدائق والمتنفسات والطرقات والمرافق العامة، إذ يُعطي انطباعًا ظاهريًا بوجود حالات فقر وبؤس في البلاد على الرغم من وجود أموال الزكاة والتبرعات الضخمة التي يقدمها مواطنو هذه البلاد الطيبة. 
  4. ارتفاع الأسعار.
  5. ارتفاع معدل الفقر.
  6. انتشار البطالة.
  7. انخفاض معدل الدخل الحقيقي للفرد.

الآثار النفسية والاجتماعية.

وفي الآثار النفسية المترتبة عن شيوع هذه الظاهرة د. داؤود قائد أستاذ علم النفس جامعة عدن) أجراء معه فريق البحث حوارا حول ظاهرة التسول والتشرد وما يترتب عنها من أضرار نفسية على الفرد والمجتمع وتحدث قائلا: “إنَّ ظاهرة التسول تسبب الكثير من المشاكل النفسية للأطفال، إذ إنَّهم يتعرضون في الشوارع للإهانة، التي تجعلهم يفقدون كرامتهم مع مرور الوقت، الأمر الذي يجعل الأطفال غير قادرين على بناء شخصياتهم المستقلة أو بناء مهاراتهم” ونوه أن هناك  “عدد من الإساءات التي يتعرض لها الأطفال بشتى أنواعها كالاعتداء الجسدي أو الجنسي، أو الإساءة اللفظية، أيضًا النظرة المجتمعية لهم نتيجة تدني مستوى دخلهم المعيشي، واستياء الظروف الاقتصادية”.

وتحدث أيضًا عن نتائج التسول وأثره على المجتمع؟ نشوء أضرار أخلاقية وسلوكية واجتماعية وأمنية من سرقات ونشل وفساد أخلاق وترويج مخدرات ودعارة تحت ستار التسول، وكذلك يتولد عن ظاهرة التسول تشويه صورة المجتمع والتأثير على السياحة بتواجد هؤلاء المتسولين عند المساجد أو الطرقات أو إشارات المرور أو المطاعم أو المستشفيات أو البنوك أو الأماكن العامة الأخرى نزوة الحصول على المال بأية طريقة، مما يشجع على الكسل وعدم الرغبة في العمل.

وهناك أضرار جسدية تلحق بالمتسولين خاصة الأطفال منهم، نتيجة التعرض لأشعة الشمس لوقت طويل، وحرمان الأطفال من حقوقهم في الأمان والاستقرار والتعليم. انتشار الأمراض النفسية بسبب نشوء الأطفال المتسولين في الشوارع.

ثانيا: استطلاع آراء المجتمع المحلي المحيط بالظاهرة

نتائج استطلاع الرأي حول (ظاهرة التسول وأثرها على المجتمع في العاصمة عدن (%86) من الأفراد المبحوثيين أجابوا أن السبب الرئيس لشيوع هذه الظاهرة هو تعاطف المجتمع مع المتسولين، فهو الذي يؤدي إلى تشجيعهم على التسول وتحول إلى مهنة شبه يومية وعلى الدوام.

 وقد أكد الأستاذ/ فواز المفلحي رئيس دائرة الشؤون الاجتماعية في مديرية المنصورة ” أن ظاهرة التسول أصبحت تؤرق كثير من الجهات الرسمية حين أننا قمنا بتتبع هذه الظاهرة في مديرية المنصورة فوجدناها ظاهرة شائعة وبكثرة لكون مديرية المنصورة تتوسط العاصمة عدن وفيها تجمعات سكانية وتجارية كبيرة مما جعل كثيرا من المتسولين يؤوون إليها ليلا ومساء، مما سبب لنا إشكاليات كثيرة محتاجة إلى جهود كبيرة للحد منها.

ومن جانب آخر أكد الأستاذ عبده يحيى الدباني رئيس جمعية حالمين في عدن “ً أن ظاهرة التسول أصبحت ملفتة للانتباه في الشوارع والأسواق والأماكن العامة بل أصبحت تعد من أكثر الظواهر الاجتماعية خطورة على المجتمع في عدن وقد تكون لهذه الظاهرة عواقب وخيمة على أمن الفرد والمجتمع. شاكرا القائمين على هذا الاستطلاع لمعرفة مدى انتشار ظاهرة التسول في العاصمة عدن وتأثيراتها السلبية على الفرد والمجتمع، لوضع النتائج العلمية أمام المسئولين لإيجاد الحلول المناسبة لها، وتحمل مسؤولياتهم تجاه هذه الظاهرة الغريبة على مجتمعنا الجنوبي.

وأشارت الدكتورة أحلام يحيى باحثة في شؤون قضايا الأسرة أن من أسباب انتشار ظاهرة التسول هو عدم وجود رادع لهم، سواء أكان ذلك الرادع من الأسرة أم المجتمع أم الجهات الأمنية بالذات أن ظاهرة التسول أصبحت وسيلة لكسب المال (كمهنة).

وبين الدكتور قاسم يحيى علي طبيب جراحة عامة أن أكثر أشكال ظاهرة التسول في العاصمة عدن هو استغلال مشاعر الناس وعطفهم عبر إظهار وثائق رسمية كالأدوية واصطحاب الأطفال الذين يعانون من إعاقة معينة وادعاء الشخص إصابته بالخلل العقلي.

وبين الأستاذ حسين مكرم عضو في اللجان المجتمعية في مديرية المنصورة أن من أكثر التأثيرات السلبية لظاهرة التسول على المجتمع في عدن هو الانحراف الأخلاقي والسلوكي، وازدياد معدلات الجرائم داخل المجتمع الجنوبي مثل السرقة والدعارة والمخدرات…الخ.

وفيما يتعلق بآراء المجتمع المحيط حول الحول والمعالجات للحد من ظاهرة التسول في العاصمة عدن نستنتج عدد من الآراء هي:

  1. نشر الوعي الديني للحث على العمل والنهي عن التسول.
  2. تفعيل القوانين المحاربة لظاهرة التسول.
  3. توفير فرص عمل والتوعية والإرشاد بخطورة التسول على الفرد والمجتمع، والعمل على توفير راتب شهري للأسر المحتاجة
  4. بضرورة وجود رجال أمن بالأماكن العامة التي يكثر فيها التسول والمتسولين ومنعهم من التسول، والعمل على وضع خطط للحد من البطالة.
  5. إنشاء مشاريع صغيرة للأسر الفقيرة لسد احتياجاتهم الأساسية، وتسهيل الأمور للشباب لفتح فرص العمل الخاصة حتى لا يلجأ للتسول.
  6. عمل بحث اجتماعي للمتسولين ومعرفة أوضاعهم، بحيث تحول الحالات المحتاجة إلى لجان الزكاة أو الشؤون الاجتماعية.
  7. ضرورة التوعية والتثقيف في المؤسسات الحكومية والمجتمعية حول خطورة ظاهرة التسول، وحث المواطنين على عدم التعاطف مع المتسولين، وضرورة تشكيل لجان قانونية لإصدار العقوبات الرادعة لظاهرة التسول، مع ضمان تحقيق العدالة الاجتماعية بوصفها السبيل الوحيد للقضاء على كل المظاهر السلبية في المجتمع.
  8. إنشاء وحدة تابعة للحكومة خاصة بمكافحة التسول.

النتائج:

  1. شهدت مدينة عدن ظاهرة تفشي التسول بشكل لافت، بالتزامن مع بروز كثير من الممارسات غير القانونية واستغلال للأطفال من قبل عصابات وشبكات منظمة لتجذير هذه الظاهرة، وسط غياب تام للجهات الحكومية والسلطة المحلي.
  2. إن ظاهرة التسوّل والتشرد في العاصمة عدن خصوصًا الأطفال من أكثر المشكلات الاجتماعية التي تنامت وبرزت على السطح حتى إنها غدت من الأمور المقلقة والمستهجنة في المجتمع.
  3.  ظاهرة التسول ينتج عنها عدد من الآثار النفسية والاجتماعية فعلى المستوى الشخصي تولد لدى الشخص المتسول الشعور بانعدام القيمة الذاتية، وعدم الشعور بتقدير الذات، والشعور بالدونية وعلى المستوى الاجتماعي يتعاظم لدى الشخص المتسول الشعور بالنقمة من المجتمع وتكون تلك المشاعر بيئة خصبة لانتشار الجريمة بكل أنواعها.
  4.  ظاهرة التسول لها أبعاد أمنية واقتصادية واجتماعية وسياسية وقانونية وأخلاقية ولا يمكن عزلها عن المنظومة الكاملة للدولة كونها تعبيرًا طبيعيًا ونتاجًا للأزمات التي مر بها العاصمة عدن.
  5.  أن معظم المتسولين من الأطفال، وقد بلغ نسبتهم في العينة الخاضعة للدراسة (51%) مما يشكل ظاهرة استغلال للأطفال هي:
  6. أطفال يقوم أفراد من أسرهم بتسفيرهم أو نقلهم داخليا، مصطحبين أو غير مصطحبين أسرة أخرى، لاستغلالهم في التسول بصورة يومية ومنتظمة.
  7. بنات في سن الطفولة الصغيرة أو في سن المراهقة (فتيات) يتسولن في الشارع فالتسول إما مهنة مصاحبة أو هو غطاء لأعمال أخرى غير مشروعة.
  8. أطفال معوقون يتم استدراجهم بغرض استغلالهم في التسول المنظم استمالة لعطف المحسنين خاصة في أثناء المراسيم الدينية.
  9. أطفال يعملون في بيع الأشياء الصغيرة مناديل، زهور، لعب أطفال، مياه معدنية)في الشوارع وعلى الأرصفة (
  10. التسول بالأطفال الرضع، حيث يقمن بعض المتسولات بحضن طفل رضيع وتقف به على جانب طريق عبور السيارات، فيما تضع أخريات أطفال رضع أمامهن نائمون طوال الوقت في الشوارع، لاستعطاف الناس.
  11. إن الفئات المتسولة المنتشرة في شوارع العاصمة عدن نوعين هما التسول الفردي، وهو تواجد الأشخاص بشكل فردي دون ارتباطهم بغيرهم، والتسول الجماعي: وهو وجود جماعات تعمل على تجميع المال، هذا النوع وهذه الفئة من التسول هو المنتشر في العاصمة عدن.
  12. الآثار من الجانب الاقتصادي والمعيشي تشمل تفاقم الصراع والنزوح والحرب المولد للبطالة وضعف الخدمات الاجتماعية مما ينتج تشويه الصورة الاجتماعية والحضارية للعاصمة عدن وتعمل على تشجيع المزيد من ممارسة التسول والتشرد.
  13. يؤدي انتشار ظاهرة التسول إلى تشويه الوجه الحضاري للبلاد وخاصة العاصمة والحدائق والمتنفسات والطرقات والمرافق العامة، إذ يُعطي انطباعًا ظاهريًا بوجود حالات فقر وبؤس في البلاد على الرغم من وجود أموال الزكاة والتبرعات الضخمة التي يقدمها مواطنو هذه البلاد الطيبة.
  14. تفشي ظاهرة أشكال العنف ضد الطفولة في المجتمع مما قد يؤدي إلى كارثة مجتمعية صعب وضع حلول لها في حالة صارت سلوك لدى أفراد المجتمع.
  15. ضعف الوعي المجتمعي لدى الأسرة والمجتمع عن خطورة العنف ضد الأطفال وما يترتب عنها من مخاطر مستقبلية على الشخص المعنف وكذلك انعكاساتها على المجتمع.
  16. ضعف دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية في التحذير والتوعية والتثقيف من هذه الظاهرة.
  17. غياب الرقابة والمحاسبة من الأسرة والمدرسة والمجتمع لهذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع المدني.
  18. ضعف الوعي التشريعي والقانوني بقانون حماية الطفولة عند كثير من أبناء المجتمع.

التوصيات:

  1. معالجة أسباب التسول بطرق علمية سليمة وحث المؤسسات الاجتماعية المشاركة في عمل دراسات لمعالجة هذه الظاهرة.
  2. ضرورة التوعية عبر المنابر الإعلامية ودور العبادة لإرشاد الناس نحو المعالجات والطرق والأساليب التي تمنع ظاهرة التسول والتشرد.
  3. إنشاء مراكز لمكافحة التسول في العاصمة عدن ويبدأ تدريجيا في مديريات كريتر المعلا التواهي خور مكسر كمرحلة أولى.
  4. إلزام اللجنة التنفيذية للنازحين للقيام بواجبها أمام حالات تدفق النزوح إلى العاصمة عدن وتعمل على إنشاء مراكز إيواء ومخيمات للأطفال والنساء المتسولات والمتشردات.
  5. إعداد مصفوفة عمل حول التطبيق العملي لمكافحة التسول، واتخاذ إجراءات ضبط وتحرٍّ وتحقيق ضد العصابات المنظمة التي تمارس هذا النشاط، مستغلة حاجة الأفراد ومعاناتهم.
  6. تفعيل دور الخطاب الإعلامي والتربوي والديني للتحذير من هذه الإشكالية الخطيرة على مستقبل الأجيال لاسيما أنها تترك آثارًا سلبية على الفرد والمجتمع.
  7. أهمية تضمين بعض برامج المدارس في المراحل الدراسية الأولى تعريفًا للتسول وتوضيحًا لأضراره على الفرد والمجتمع.
  8. تفعيل دور الجمعيات والمنظمات في العاصمة عدن لاسيما تلك التي تهتم بالطفل والمرأة.
  9. إقامة مبادرات وحملات توعوية للحد من ظاهرة التسول والتشرد.
  10. تقديم الضمان الاجتماعي للأسر المحلية الفقيرة ودعمها في المشاريع الصغيرة التي تلبي لها متطلبات الحياة.
  11. تطوير برنامج وخدمات اجتماعية للحد من ظاهرة التسول والتشرد في العاصمة عدن.
  12. تفعيل دور مكاتب الشؤون الاجتماعية والعمل والمؤسسات الاجتماعية، مثل المركز الخيري للإرشاد الاجتماعي والاستشارات الأسرية، ليُقدم الخدمات الاجتماعية والوقائية والعلاجية للمشكلات الأسرية (مثل مشكلات الأسر المفككة والطلاق والترمل والمشكلات المسببة للانحراف)، كما يُقدم خدمات التثقيف والإرشاد والتوجيه لهذه الأسر.
  13. تفعيل دور المواطن والمقيم في الوقاية من ظاهرة التسول، وذلك بعدم التبرع لأي شخص يطلب أو يستجدي المال في الشارع أو على أبواب المساجد أو المستشفيات أو غيرها من الأماكن العامة، بل يتم توجيه هذه الأموال وإيداعها في صناديق خاصة توزع حصيلتها على الأسر المعوزة من واقع البيانات الرسمية عنهم.

المصادر والمراجع:

  1. الأسرة ومشكلاتها، محمود حسن دار النهضة العربية، بيروت، لبنان، ب ت.
  2. أطفال الشوارع في اليمن، فؤاد الصلاحي، المجلس الأعلى للأمومة والطفولة صنعاء 2007م.
  3. أمراض الفقر: المشكلات الصحية في العالم الثالث، قليلب عطية، سلسلة عالم المعرفة، مجلس الوطني للثقافة والفنون والأدب، الكويت، الكتاب رقم 116 مايو 1992م.
  4. أنماط الجرائم في الوطن العربي، البشرى محمد الأمين الرياض، جامعة نايف، العربية للعلوم الأمنية، 1999
  5. الأبعاد الأمنية لظاهرة التسول، عبد العزيز إبراهيم بن ناصر، الرياض، 2004
  6.  التسول وأسباب انتشار ظاهرة التسول  https://www.hellooha.com/articles
  7.   التربية المدنية، كوسيلة للوقاية من الانحراف، مصطفي العوجي مركز الدراسات الأدبية والتدريب، الرياض، المملكة العربية السعودية، 1968
  8. التسول والانحراف عند الأطفال في العراق، عبد الدباغ قاسم وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي، دائرة التنمية البشرية، 2009.
  9.   التغير الاجتماعي والانحراف، السروجي، طلعت، ومحمد أبو نصر دار الثقافة، القاهرة، 1991.
  10. دراسة سوسيولجية لظاهرة التسول في مدينة صنعاء، عادل الشرجبي مركز البحوث والعمل، 1999
  11. السلوك المنحرف آليات الرد المجتمعي، محمد مازن بشير بغداد بيت الحكمة،
  12. سيكولوجية الانحراف، نعامة سليم ط1، دمشق، مكتبة الخدمات للطباعة، 1985
  13. الضبط الاجتماعي، صبيح عبد المنعم أحمد مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية، بغداد، العراق، 2009
  14. ظاهرة التسول وعمالة الأطفال في العاصمة الجنوبية عدن (دراسة حالة) صبري عفيف https://alyoum8.net/posts/93248
  15. ظاهرة التسول في المجتمع (الأسباب النتائج الحلول)، المركز اليمني للدراسات الاجتماعية وبحوث العمل، 2021.
  16. علاقة الوالدين بالطفل وأثرها في جناح الأحداث، حسن محمد علي القاهرة، مكتبة أنجلو المصرية، 2001
  17. علم الاجتماع ودراسة المشكلات الاجتماعية، نوبل تيمير، دار المعرفة الجامعية الإسكندرية، مصر، 1998.
  18.  علم النفس الجنائي، أكرم نشأة ط 5، مطبعة المعارف، بغداد، العراق، 1970،
  19.  لسان العرب، ابن منظور دار المعارف، القاهرة،1955
  20. المخاطر الاجتماعية للبطالة في المجتمع العراقي، الدليمي مؤيد، مجلة جامعة الانيار للعلوم الانسانية، العدد الثاني، 2010.
  21.   المقدمة، ابن خلدون ط1، المكتبة التجارية، القاهرة، جمهورية مصر العربية،
  22. معجم المصطلحات الاجتماعية أحمد زكي بدوي مكتبة لبنان بيروت 1997م
  23. منتديات مرامي، منتدى الجريمة والعنف والأحداث المثيرة، نظرية التعليم الاجتماعي في تفسير الجريمة على الموقع الإلكتروني،www.mrame.net.
  24. مناهج البحث في التربية وعلم النفس، جابر عبد الحميد وكازم احمد واخرون دار النهضة العربية، القاهرة، 1973
  25. المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، الاعسر صفاء يوسف الرياض، 2003
  26. ورقة بحث تقدم بعنوان” ظاهرة التسول في محافظة عدن (أسبابها- آثارها الاقتصادية والاجتماعية- طرق مكافحتها) تقدم بها د. هيثم جواس الحالمي.
  27. الانحراف والصحة النفسية، صالح محمد يوسف ط1، عمان، دار الثقافة، 2010
  28. الانحراف الاجتماعي والمجتمع، سامية محمد دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، مصر، 1988
  29.   نظرة في العلم الاجتماع المعاصر، سلوى عبد الحميد (ط1). القاهرة، مطبعة القاهرة، 2005
  30. https://sawt-alamal.net/category
  31. https://www.4may.net/
  32. https://www.politics.co.uk/reference/begging/.
  33.  Talcott parsons the social system’ the free press’ New York’ 1957′ p 297
  34. Seras’der’social’ physology’ lonodon’ pentic’ hall’ Inc’ stherd
  35. استطلاع..  %44الأطفال أكثر الفئات تسولًا في اليمن https://sawt-alamal.net/2022/    

[1]–  ابن منظور، لسان العرب، دار المعارف، القاهرة،1955، ص3333.

معجم المصطلحات الاجتماعية أحمد زكي بدوي مكتبة لبنان بيروت 1997م ص: 3  – [2]

[3] علوان، نيسان 2018 ، ص 1753

[4] )القلعجي والقنيبي، 1988 ، ص 238 (.

[5]– د. شلهوب، 2013 ، ص 253 (

[6] https://www.politics.co.uk/reference/begging/

رواه مسلم في صحيحه من حديث قبيصة بن مخارق الهلالي.  [7]

[8] – قليلب عطية، أمراض الفقر: المشكلات الصحية في العالم الثالث سلسلة عالم المعرفة، مجلس الوطني للثقافة والفنون والأدب، الكويت، الكتاب رقم 116 مايو 1992، ص 25.

 – [9]سامية محمد، الانحراف الاجتماعي والمجتمع، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، مصر، 1988، ص 12.

[10] – سلوى عبد الحميد: نظرة في العلم الاجتماع المعاصر، (ط1). القاهرة، مطبعة القاهرة، 2005، ص 38.

– [11]عادل الشرجبي، دراسة سوسيولجية لظاهرة التسول في مدينة صنعاء، مركز البحوث والعمل، 1999، ص 9.

[12] –  أحمد زكي بدوي، معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية، بيروت، لبنان، العدد 241، سنة 1978، ص 4.

المادة 32 القانون المدني اليمني رقم 12 لسنة 1992م  – [13]

[14]– صالح محمد يوسف، الانحراف والصحة النفسية، ط1، عمان، دار الثقافة، 2010، 66.

[15]– السروجي، طلعت، ومحمد أبو نصر، التغير الاجتماعي والانحراف، دار الثقافة، القاهرة، 1991.

[16]– نعامة سليم، سيكولوجية الانحراف، ط1، دمشق، مكتبة الخدمات للطباعة، 1985، ص 98.

[17] – محمد مازن بشير، السلوك المنحرف آليات الرد المجتمعي، بغداد بيت الحكمة، 1999، ص 102.

– [18]عبد الدباغ قاسم، التسول والانحراف عند الأطفال في العراق، وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي، دائرة التنمية البشرية، 2009.

– [19] صبيح عبد المنعم أحمد، الضبط الاجتماعي، مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية، بغداد، العراق، 2009، ص 9.

 – [20]البشرى محمد الأمين، أنماط الجرائم في الوطن العربي، الرياض، جامعة نايف، العربية للعلوم الأمنية، 1999، ص 73.

 – [21]مصطفي العوجي، التربية المدنية، كوسيلة للوقاية من الإنحراف، مركز الدراسات الأدبية والتدريب، الرياض، المملكة العربية السعودية، 1968، ص284.

[22]Talcott parsons the social system‘ the free press’ new York’ 1957′ p 297

– [23]ابن خلدون، المقدمة، ط1، المكتبة التجارية، القاهرة، جمهورية مصر العربية، ب ت، ص 302.

 -[24]نوبل تيمير، علم الاجتماع ودراسة المشكلات الاجتماعية، دار المعرفة الجامعية الإسكندرية، مصر، 1998، ص 182.

-[25] أكرم نشأة، علم النفس الجنائي، ط 5، مطبعة المعارف، بغداد، العراق، 1970، ص 16.

 -[26]محمود حسن، الأسرة ومشكلاتها، دار النهضة العربية، بيروت، لبنان، ب ت، ص 12.

 -[27]أكرم نشأة، علم النفس الجنائي، مرجع سبق ذكره، ص 16.

-[28]الدليمي مؤيد، المخاطر الاجتماعية للبطالة في المجتمع العراقي، مجلة جامعة الانيار للعلوم الانسانية، العدد الثاني، 2010.

[29]Seras’der’social’ physology’ lonodon’ pentic’ hall’ Inc’ stherd’ 1985’p 399.-

– [30]منتديات مرامي، منتدى الجريمة والعنف والأحداث المثيرة، نظرية التعليم الاجتماعي في تفسير الجريمة على الموقع الالكتروني،www.mrame.net.

[31]– جابر عبد الحميد وكازم احمد واخرون، مناهج البحث في التربية وعلم النفس، دار النهضة العربية، القاهرة، 1973، ص 34-35.

بحث عن التسول وأسباب انتشار ظاهرة التسول

https://www.hellooha.com/articles/[32]

[33] https://www.aden-tm.net/news/231185

استطلاع..  %44الأطفال أكثر الفئات تسولًا في اليمن https://sawt-alamal.net/2022/   [34]

              ظاهرة التسول في المجتمع (الأسباب النتائج الحلول)، المركز اليمني للدراسات الاجتماعية وبحوث العمل،   ص105  .       [35]

د. أشجان الفضلي

أكاديمية وناشطة يمنية، متخصصة في قضايا التنمية الاجتماعية والنفسية، ولها إسهامات بارزة في تقديم الدعم النفسي والتمكين المجتمعي، خاصة للنساء والأطفال في اليمن، الذين تأثروا بالنزاعات والصراعات المستمرة، تشغل حاليا منصب المدير التنفيذي لمؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات وسكرتير تحرير مجلة بريم،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى